رواية العذراء والصعيدي الفصل الرابع 4 بقلم نور الشامي
الفصل الرابع
العذراء والصعيدي
كان يجلس جارح بجوارها يراقب ملامحها الشاحبة بصمت عينيه تضيقان بحدة وهو يتأمل تفاصيل وجهها المرهق. كانت ممده على الفراش.. أنفاسها متقطعة وجسدها ساكن باستثناء ارتعاشة خفيفة في أصابعها وضمادة بيضاء غطت كتفها المصاب حتي تأوهت بصوت خافت قبل أن تفتح عينيها ببطء نظرتها كانت مشوشة في البداية لكن سرعان ما اتسعت عندما رأت جارح جالسا إلى جوارها وعيناه الداكنتان تراقبانها بثبات فـ حاولت التحرك لكن الألم الحاد في كتفها جعلها تئن وتغلق عينيها للحظة ثم عادت تفتحهما، وبصوت مبحوح ضعيف وهمست برجاء:
سيبني أمشي ابوس يدك … بالله عليك أنا معملتش حاجه جسما بالله هو ال جابلي واحد معرفش مين دا علشان خاطر يعمل معايا حاجات مش حلوه علشان ميتفضحش جدامكم انه عاجر...جسما بالله عصام عاجز وهو ال اعترفلي بنفسه و
لم تنهي غيم كلماتها حتي لمحت انقباض عضلات فكه و نظراته التي اشتعلت بغضب مكتوم قبل أن يقترب منها فجأة ويده القوية ضغطت بقسوة على موضع الجرح فشهقت بألم وارتجف جسدها بالكامل ثم انحنى قليلا واردف بغضب :
انتي فاكراني غبي علشان اصدج المسلسل الهندي ال بتجوليه دا...بجا اخوي كان عاجز وجابلك واحد علشان يعمل معاكي حاجات مش حلوه...ومن فتره تجولي انك شوفتي جثه...انتي خيالك واسع جوي...اسمعي يا بت انتي...انتي هتفضلي اهنيه لحد ما العدة تخلص… وبعدها هنتجوز.
حدقت غيم بصدمة وكأن عقلها لم يستوعب ما سمعته للتلو فأردفت:
إنت بتقول إي.... بتهزر صوح.. اكيد بتهزر
ابتسم جارح بسخرية ثم أردف بثبات:
لع مش بهزر زي ما سمعتي… هتبجي مرتي غصب عنك مش بمزاجك ومن انهارده لحد يوم كتب الكتاب انتي هتفضلي محبوسه في الاوضه اهنيه... لا بتشوفي حد ولا حد بيشوفك
صرخت غيم بفزع مردده :
مستحيل…انا مش موافجه.. مستحيل اتجوزك و
لكن جارح لم يمنحها فرصة للجدال بل نهض من مكانه ببطء وهو يردف بجمود:
جهزي نفسك… علشان هنتجوز انا مش باخد رايك ولو رفضتي جسما بالله العظيم هجتل كل شخص قريب منك.. مش هسيب حد عايش.. هجمعهم كلهم جدامك اهنيه وهحلص عليهم غير العذاب ال هتشوفيه مني... انا بحذرك.. بجا اخوي جاب واحد علشان يتمم جوازه بيكي... فعلا خيال واسع
القي جارح كلماته ثم استدار وخرج من الغرفة.. تاركا إياها غارقة في صدمتها غير قادرة حتى على البكاء ... وكانت تمر الأيام بسرعة وكل يوم كان يمر كانت غيم تشعر وكأنها تقترب من حتفها.. حاولت الهروب أكثر من مرة... توسلت وبكت و صرخت و لكن كل شيء كان بلا فائدة حتى جاء اليوم المشؤوم… اليوم الذي انتهت فيه عدتها وكتبوا الكتاب وبعد عقد القران كانت تجلس الجده بجوار جارح وهي توبخه بغضب مردده:
إزاي تعمل اكده... إزاي تتجوزها.. دي كانت في حكم الميتة بالنسبالك... كان لازم تجتلها وتخلص منها المفروض تدفنها مش تتجوزها.... لازم تجتلها دلوجتي، دا العرف... تاخد بتار اخوك ال جتلته وهو لسه في عز شبابه ومش بس اكده عايزه تشوه سمعته بعد موته كمان
جارح بحده:
الموت هيبجى رحمة ليها يا حجه وأنا مش ناوي أرحمها... انا هدفعها تمن ال عملته غالي جوي
انتهي جارح من كلماته وصعد إلى غرفته بخطوات ثابتة ثم فتح الباب ليجدها واقفة بجوار النافذة وظهرها له ترتجف ودموعها تنساب على وجنتيها بصمت فـ تنهد ساخرا، ثم اردف بحدة:
كفاية عياط بجا... الليلة ليلة فرحنا.. جومي دخلي البسي حاجة كويسة.. فيه واحده توجف جدام عريسها اكده.. حتي ميصحش ولا ناويه انا كمان تتطلعي عليا اشاعه اني عاجز
نظرت غيم اليه بدموع ودخلت لتبدل ملابسها بدون ان تتفوه بحرف واحد وبعد دقائق خرجت غيم فنظر جارح بصدمه وتوقف الزمن بالنسبة له للحظات...و عيناه اتسعتا بذهول وهو يراها تقف أمامه كانت ترتدي قميص نوم حريري بلون أحمر داكن ينسدل برقة على جسدها النحيل بينما دموعها لا تزال تنساب بصمت على خديها...كأنها تشبه لوحة مرسومة مزيج من الجمال والحزن والانكسار فـ ابتلع جارح ريقه ببطء وكأن شيء ما تحرك في صدره، لكن ملامحه بقيت جامدة وهو يقترب منها، صوته خرج هادئا لكن يحمل وعيدا بالانتقام :
الليلة ليلتك يا غيم…للاسف مش هيكون عندك حجه المرادي علشان تجولي عليا اي حاجه
القي جارح كلماته و بدأ بفك أزرار قميصه ببطء حتى أسقطه أرضا ليكشف عن صدره العاري و تقدم منها بخطوات بطيئة و رفع يده ليلامس خصلات شعرها لكن ارتعاشتها الطفيفة جعلت أصابعه تتوقف للحظة وهو يردد:
قد يعجبك ايضا
مالك.. خايفه اكده ليه عاد.. للدرجادي انا بخوف... فيه واحده برده تخاف من عريسها
غيم وهي تحاول الابتعاد عنه:
بالله عليك.. سيبني.. حرام عليك..انت ليه مش راضي تصدجني...طيب بص...بلغ الشرطي وانا هعترف اني انا ال جتلت عصام.... بس متعملش فيا اكده ابوس يدك
كانت تتوسل غيم له ولكن توسلاتها لم تجد طريقها إليه كان مصمما على إذلالها وفجأه رفعها بين ذراعيه ووضعها على الفراش وعيناه تتمعنان في نظرات الرعب التي غطت ملامحها الشاحبة كانت ضعيفة، مستسلمة بيده يده وهذا بالضبط ما أراده فاغمضت عيونها بخوف وهو يسحب عنها هذا الرداء ولكن فجأة انتفض مبتعدا عنها بعصبية وكأن نارا التهمته ف صرخ بحدة:
متخافيش أنا مش ألمسك.. أنا بقرف منك و بكرهك جوي ومستحيل المس واحده زباله رخيصه وزباله زيك.. كل ال يهمني إنك تفضلي تتعذبي اكده و بس
نظرت غيم اليه بصدمه لم تستوعب ما فعله للتلو ولكن قبل أن يضيف أي شيء آخر رن هاتفه فجأة نظر إلى الشاشة، وبدا وكأن صدمة اجتاحته وتجمد للحظة ثم أسرع يلتقط قميصه ويرتديه على عجل دون أن يلقي نظرة أخرى عليها قبل أن يخرج من الغرفة مسرعا تاركا إياها خلفه غارقة في دموعها، لا تفهم ما حدث وبعد وبعد فتره كان ينزل جارح من سيارته بسرعة عند بيت عصام و هو يري الحراس مصطفين أمام المدخل ووجوههم متجهمة وعندما عبر البوابة رأى الحفرة الكبيرة في الأرض… وفي قلبها جثة فتاة بلا ملامح كأنها تعرضت للتشويه المتعمد فقبض يده بقوة حتى برزت عروقها وقبل أن يتفوه بكلمة دخل شاب بسرعة من خلفه وأنفاسه متقطعة وكأنه كان يركض منذ مدة وحين رأى الحفرة جحظت عيناه بصدمة ثم التفت إلى جارح وسأله بصوت مضطرب:
مين دي؟ إي ال بيوحصل اهنيه يا جارح.. جثه مين دي عاد وازاي مدفونه اهنيه.. واي ال جاب جثه اهنيه اصلا
رفع جارح رأسه بصدمه وهو يتذكر كلمات غيم مرددا:
يعني اي... هي كانت صوح.... دي اكيد الجثه ال كانت بتتكلم عنها بس جثه مين و
لم ينهي جارح كلماته حتي قاطعه صوت الشاب الذي ردد بفزع:
جاارح.. الا تكون جثه شمس... يا نهار اسود.. دي ممكن تكون جثتها بجد.. ممكن تكون جثه شمس فعلا يا جارح
نظر جارح اليه بصدمه وفي مكان آخر، بعيدا عن بيت الأسيوطي،ط كانت تجلس امرأة في ركن مظلم داخل منزل صغير أمامها طاولة خشبية قديمة جلس عليها شاب في العشرينات من عمره، عيناه تحملان الترقب، وهو يستمع لكلماتها بصمت وهي تردد:
لسه مشافوش حاجه… انتجامنا من عيلة الأسيوطي هيبدأ من دلوجتي ، ولازم كل خطوة تكون محسوبة.. انا مش هحليهم يعيشوا مرتاحين مهما حوصل.. اعمل ال جولتلك عليه… ميننفعش يوحصل أي غلط ولو بسيط يلا بسرعه
أومأ الشاب برأسه ثم وقف مستعدًا لتنفيذ الأوامر بينما ظلت المرأة جالسة تمرر أصابعها على سطح الطاولة وهي تهمس لنفسها:
ال فات كان لعب عيال… بس دلوجتي، الجحيم نفسه هيبجى أرحم ليهم من ال مستنيهم وال هعمله فيهم
القت السيده كلماتها بغضب وبعد فتره في بيت الاسيوطي كانت الجده تقف بصدمه وهي تري عدد من الضباط بزيهم الرسمي يتقدمهم رجل يحمل أوراقا رسمية مرددا:
مطلوب القبض علي الاستاذه غيم... هي فين
نزلت غيم من درجات السلم وهي تنظر بخوف مردده:
ليه يا حضرت الظابط.. انا عملت اي عاد... اي تهمتي
الظابط بحده:
جتل.. مطلوب القبض عليكي بتهمه جتل شمس حامد.. يلا امسكوها و
توقعاتكم ورايكم ويا تري اي ال هيحصل ومين شمس دي وهل جارح ممكن يصدق غيم ولا لا واي ال هيحصل بينهم ومين ال عايزه تنتقم منهم وشفيق راح فين توقعاتكم ورايكم وتفاعل ومعلش علشان الفصل صغير بس والله انا تعبانه الايامدي وان شاء الله هحاول اطوله الايام الجايه
الخامس من هنا