رواية خيانة الدم الفصل السابع عشر17 بقلم الهام عبدالرحمن
قد يعجبك ايضا
بقلمى الهام عبدالرحمن 

















في صباح اليوم التالي، استيقظ عثمان ليجد نجمة لا تزال غارقة في نومها. أخذ نفسًا عميقًا ثم وضعها برفق على السرير، محاولًا ألا يوقظها. لكنه لم يستطع تجاهل الأسئلة التي أرهقته طوال الليل.
جلس عثمان على طرف السرير، يفكر في الخطوة التالية. كان عليه التأكد من الحقيقة، لكن دون أن يثير الشكوك حوله.
في ذلك الوقت كان راغب جالسًا في مكتبه، يعبث بالأوراق أمامه بغير تركيز. عيناه شاردتان، وأفكاره غارقة في سؤال واحد يطارده منذ شهور: لماذا لم تحمل سما حتى الآن؟
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
وقف فجأة، وكأنه اتخذ قرارًا حاسمًا. ارتدى معطفه وخرج مسرعًا من المنزل متجهًا إلى أحد الأطباء المختصين.
استيقظت سما من نومها وتوضات وادت فرضها ثم ذهبت الى حجرة نجمة ولكنها لم تجدها فأخذت تبحث عنها فى كل مكان ولكن فجأة، شعرت بدوار مفاجئ، وعندما حاولت التمسك بالدرابزين فقدت توازنها وسقطت من أعلى السلم.
صوت الارتطام جذب عثمان، الذي كان في غرفته المجاورة. أسرع إليها ووجدها ملقاة على الأرض تتألم.
عثمان بقلق: "سما! إنتي كويسة؟ فيه حاچة وچعاكي العيل اللى فى بطنك زين؟"
ثم أمسك بيدها بحذر وحاول مساعدتها على النهوض، لكنها تأوهت من الألم.
سما بصوت ضعيف: "مش قادرة... ضهري بيوجعني."
أسرع عثمان بإحضار ماء وبعض الإسعافات الأولية، ثم ناداها بلطف.
عثمان: "متتحركيش دلوك. آنى هتصرف جوليلى بس فى وچع فى بطنك هو انتى أصلاً فى الشهر الكام دلوك؟."
كان يوجه لها الاسئلة وهو يقوم بالكشف عليها ولكنها
نظرت إليه بعينين مرتعبتين، لكن سرعان ما تمالكت نفسها، فقد انقذها حضور احدى الخادمات تناديه التفت لها عثمان بينما كانت سما تحاول النهوض بمفردها لكنها شعرت بدوار جديد....
الخادمة: "يا بيه، سيدى صالح بيه عاوزك ضروري في المكتب!"
عثمان: روحى جوليله هياچى بعد شوية.
الخادمة بقلق: هى ست سما مالها ياسيدى؟!
عثمان: مفيش حاچة وجعت من على السلالم روحي اعملى اللى جولتلك عليه.
التفت عثمان مرة اخرى لسما وقام بحملها وتوجه بها ناحية الدرج وهو يعيد سؤاله مرة اخرى، لكن قبل أن تتمكن سما من الرد، دخل راغب إلى البهو وهو يشعر بالضيق والحزن واكنه صدم حينما رأى عثمان حاملا سما بين يديه.
راغب بغضب: "إيه اللي بيحصُل اهنه؟ مالها سما، شايلها اكده ليه؟!
ثم اقترب وأخذهامن بين ذراعي عثمان بعنف، و حملها وصعد بها إلى غرفته. بينما كان يصعد، وقعت من جيب معطفه ورقة طبية على الأرض دون أن يلاحظ.
في داخل الغرفة قام راغب، بوضع سما على السرير بقوة، لكنه لم يخف قلقه عليها.
راغب بحدة: "إيه اللي كان بيحصل تحت ده ياهانم ازاى تسمحى لعثمان يشيلك اكده؟ مش كفاية اللي بيحصل معاى الفترة دى الاحج آنيعلى ايه ولا ايه؟"
سما بصوت ضعيف: "مش عايزة أتكلم دلوقتي،انا تعبت."
نظر إليها راغب ببرود، لكنه شعر باضطراب داخلي. وتركها لتنام، وخرج من الغرفة.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
في البهو عثمان، الذي بقي في البهو، لاحظ تلك الورقة الملقاة على الأرض. التقطها بفضول ونظر إليها. كانت تحمل ختم مستشفى وعبارة قصيرة وحينما بدأ فى قراءة تلك العبارة قاطعته الخادمة مرة اخرى وهى تخبره بان عمه صالح يريده فورا لامر هام، فطوى الورقة ووضعها بجيب معطفه وذهب الى المندرة حيث ينتظره عمه صالح.
في المندرة....
دخل عثمان ليجد صالح جالسًا بجانب نافذة كبيرة، ملامحه متجهمة.
عثمان بهدوء: "خير يا عمي، كنت عاوزني في إيه؟"
صالح بجدية: "كنت محتاچ رأيك في موضوع اكده. مرت عمك، حالتها بجت واعرة جوى من يوم ما أكرم ساب البيت واتچوز بت عبدالرحيم. آنى حاسس إنها مش هتتحمل أكتر من اكده."
رفع عثمان حاجبه باستغراب.
عثمان: "تجصد عايز أكرم يرچع يعيش اهنه تانى؟"
صالح: "مش بس يرچع ياولدى، عايزه يصالح أمه ويعيش اهنه معانا. بس آنى مينفعش أطلب منيه بنفسي... مش عايزه يحس إني ضعيف جدامه."
تنهد عثمان وفهم القلق الذي يشغل عمه.
عثمان: "طيب، آنى هتكلم وياه. بس لازم نختار الوجت الصح، وأكرم لازم يحس إن ده جراره مش حد فرضه عليه."
ابتسم صالح بخفة، وكأن الحِمل انزاح قليلاً عن صدره.
صالح: "عارف إنك هتعرف تتصرف، يا عثمان. مرت عمك تستاهل انى اتنازل عن كبريائى واسمح لاكرم ومرته ياچوا ويعيشوا اهنه دى رفيجة عمرى ياولدى."
عثمان: خلاص اطمن ياعمى آنى هروحله آخر النهار وهتحدت وياه وربنا يجدم مافيه الخير.
في وقت لاحق من اليوم....
عثمان التقى أكرم في أحد الكافيهات خارج المنزل.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
عثمان بهدوء: "أكرم، آنى عارف إن علاجتك بأبوك مش سهلة، بس والدتك حالتها صعبة چدًا. وچودك في البيت هيفرج معاها اكتير أكتر مما تتخيل."
أكرم كان مترددًا، لكنه شعر بصراحة عثمان ورغبته في تحسين الأمور.
أكرم: "ما كنتش عايز أرچع عشان المشاكل اللي حصلت بيني وبينه، بس... لو ده هيفرج مع أمي، آنى هفكر في الموضوع.
فى ذلك الوقت كان راغب ، وجهه شاحب وعيناه غائرتان كمن يحمل سرًا ثقيلًا. جلس على طرف السرير في غرفته، يتذكر كلمات الطبيب:
"للأسف، التحاليل تؤكد أنك عقيم. مش هتجدر تخلف أبدًا لان عندك عيب خلقى يمنعك من اكده."
تدفقت الأفكار إلى رأسه كالطوفان. إذا كان عقيمًا، فكيف سيقنع الجميع بأن نجمة ابنته؟ كيف سينفذ خطته بجعل سما تحمل منه وتتحول الكذبة الى حقيقة؟ وماذا عن عثمان وسما؟ هل من الممكن ان تتركه وتعود الى عثمان مرة اخرى؟! شعر بالغيرة والغضب التى بدأت تغلي في صدره.
راغب ظل جالسًا على طرف السرير، يداه ترتعشان، وقلبه ينبض بعنف. فكرة أن نجمة ليست ابنته كان يتعامل معها ويتقبلها على أمل ان ترضى عنه سما ويعيشا سويا كأى زوجين طبيعيين وتناسى ان نجمةابنة عثمان واحبها ولكنها بدأت تبتعد عنه منذ عودة عثمان و أصبحت الآن تلك الحقيقة تؤرقه أكثر من أي وقت مضى. كل خطوة في خطته كانت تعتمد على هذه الكذبة، وإذا انكشفت... ستكون نهايته.
نهض راغب وبدأ يتجول في الغرفة بعصبية. لم يكن راغب من النوع الذي يستسلم بسهولة. قرر أن يجد حلاً. فاخذ يحدث نفسه قائلا....
راغب: "لازم أسيطر على الوضع، أكيد هلاجى طريجة عشان الكدبة دى متتكشفش واصل ... بأي تمن."
في تلك اللحظة، خرجت سما من الحمام وهى تنشف شعرها. كانت متعبة ووجهها شاحب، لكنها شعرت بالقلق من حالته.
سما: "راغب؟ مالك؟ شكلك مش طبيعي."
نظر إليها راغب بعينين مشحونتين بالغضب والغيرة.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
راغب: "مش طبيعي؟ أكيد مش طبيعي! شايفاني هنا وأنا بحاول أظبط حياتنا، وأنتي تحت بتخلي عثمان يشيلك؟ هو إيه اللي بيحصل؟!"
تراجعت سما خطوة للخلف، محاوِلة تهدئته فهى ليست لها طاقة به الان ولا عنفه عندما يغضب.
سما: "أنا وقعت، وهو كان بيحاول يساعدني، ماكانش في حاجة تانية."
لكن غضبه كان أكبر من أن يهدأ بسهولة. أمسك بذراعها بشدة وقال بصوت خافت لكنه مهدد:
راغب: "بصي، آنى مش هسمح لأي حد يجرب منك،يا سما. فاهمة؟ ولا حتى عثمان."
ابتعدت سما عنه بصعوبة، تنظر إليه بخوف ممزوج بالغضب.
سما: "راغب، أنا تعبت من كل دا. أنتَ مش بتسيب لي فرصة أتنفس حتى مش كفاية انى عايشة معاك بالغصب ."
راغب تجاهل كلماتها تمامًا وخرج من الغرفة بغضب، مغلقًا الباب خلفه بقوة. كانت سما تشعر بأن الوضع بينهما يتجه نحو الانفجار، ولم تعد تعرف كيف ستنتهي الأمور.
في مكان آخر، عثمان كان مع عمه صالح.
عندما انتهى من مناقشة موضوع أكرم، عاد إلى غرفته ليجد الورقة التي التقطها سابقًا في جيب معطفه. فتحها ليكمل قراءتها. كلمات قليلة كانت كفيلة بإثارة ذهوله:
"التحاليل تؤكد أن المريض عقيم تمامًا."
جلس عثمان على الكرسي بصدمة. "راغب عجيم؟ كيف ده؟... إذا كان راغب ميجدرش يخلف، تبجى نچمة... نچمة مش بته؟!"
تدفقت الذكريات إلى عقله بسرعة. مواقف سما، نظراتها، كل شيء بدأ يتضح الآن. لكن عليه التأكد أكثر. هذه الورقة ليست دليلًا كافيًا ليواجه راغب.
في اليوم التالي، عثمان قرر التصرف بحذر.
ذهب إلى أحد المختبرات الطبية وأخذ عينة من دمه وأخرى من نجمة. كان يعرف أن هذا القرار قد يقلب حياته رأسًا على عقب، لكنه لم يعد يستطيع تحمل المزيد من الأكاذيب.
راغب، بدأ يشعر أن عثمان يشك في شيء ما، قرر اتخاذ خطوة جريئة.
في إحدى الليالي، استغل غياب عثمان وكانت سما تقوم باعداد كوبا من القهوة فدخل المطبخ وجذبها من ذراعها بقسوة ودخل بها المكتب وقد بدا على وجهه مزيج من التوتر والغضب.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
راغب: "آن الأوان نتكلم بصراحة. إنتى مخبية حاچة عني، مش اكده؟"
سما، ببرود: "وانت ليه مهتم دلوقتي؟ مش كل حاجة بتكون دايمًا تحت سيطرتك يا راغب."
اقترب منها بغضب وقال بصوت منخفض:
راغب: "انتى متعرفيش آنى ممكن أعمل إيه لو حسيت إنك بتلعبي بيا. فاهمة؟ لو حد عرف أي حاچة عن نچمة... هتكوني إنتي السبب فى اللى هيچرى وساعتها ماتلوميش غير نفسك وحبيب الجلب هعيشك العمر كلاته تتحسرى عليه ."
كانت كلماته تحمل تهديدًا واضحًا. شعرت سما بالخوف والضعف، لكنها قررت ألا تُظهر ذلك.
سما: "لو عايز تعرف الحقيقة، اسأل نفسك الأول: إيه السبب اللي مخليك تخاف؟"
خرجت كلمتها كالصفعة على وجهه، لكنه تجاهل الرد وترك الغرفة غاضبًا.
بعد أيام قليلة، استلم عثمان نتيجة التحاليل.
وقف في المختبر، ينظر إلى الورقة بين يديه، ووجهه شاحب. كانت النتيجة واضحة:
"نچمة بتى آنى مش بت راغب."
أغمض عينيه للحظة، مشاعر مختلطة من الغضب، الحزن، والراحة اجتاحت قلبه. لكنه الآن لديه دليل قاطع. عاد إلى المنزل وهو يعلم أن المواجهة أصبحت وشيكة.
في المساء، عثمان قرر أن يبدأ مع سما.
دخل غرفتها بهدوء بينما كانت جالسة تقرأ. رفعت عينيها لتجده يقف أمامها، يحمل في يده ورقة.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
عثمان، بهدوء لكنه يحمل في صوته نبرة حزم:
"سما، آنى عايز أعرف الحجيجة دلوك . نچمة... تبجى بتي، مش اكده؟"
كانت سما تنظر إليه بصدمة، عيناها امتلأتا بالدموع. لم تكن تعرف كيف ترد، لكن الكلمات بدأت تخرج منها ببطء:
سما: "عثمان... أنا حاولت أحميها... حاولت أحميك... كان غصب عنى والله "
اقترب منها وقال:
عثمان: "عايز أعرف كل حاچة، يا سما. ماينفعش نسكت أكتر من اكده الحجيجة كلاتها تتجالى من غير حرف ناجص فاهمة يابت الناس ولا حرف ينجص."
في تلك الأثناء، كان راغب يستمع خلف الباب.
كلمات سما واعترافها كانت كافية لتحطم عالمه. لكنه لم يكن ينوي الاستسلام بهذه السهولة.
راغب بكره وغضب: "لو كانت اللعبة انتهت بالنسبالهم، فآنى لسة عندي خطوات أخيرة لازم ألعبها."