رواية الخلود او الآس كامله وحصريه بقلم آيلا
_الو..مين معايا؟ الووو....
_القاعدة الأولى: الكلام بدون مستندات كلام ملوش أساس، حتى لو ليه أساس ممكن نعتبره مش موجود.
_ايه؟ بتقول اي؟ انت مين و جبت رقمي منين؟
_انت أكيد مجنون!
_دي حاجة مش هقدر أنكرها، ها...فهمتي القاعدة و لا أعيد تاني؟
أبعدت الهاتف عن أذنها لتنظر إلى الاسم الظاهر على الشاشة مجدداً ، "الخلود أو الآس" هي حتماً لم تسجل أي شخص بذالك الاسم الغريب فمن يكون ذالك إذاً؟
أعادت وضع الهاتف على أذنها لتسمعه يتحدث مجدداً:
_ شكلك مفهمتيش، أعيدها؟
ابتلعت ريقها و حاولت جمع شتات نفسها قبل أن تتحدث بنبرة ثابتة:
_معاك عشر ثواني بس عشان تقولي انت مين و رقمك متسجل عندي ازاي و إلا هقفل السكة في وشك.
_ممكن تعملي كدا ، بس صدقيني دا مش هيكون في مصلحتك.
_عشرة، تسعة...
_أعيد القاعدة؟
_ستة، خمسة....
_متصدقيش أي كلام يتقالك من غير إثبات عليه.
_واحد.
ما إن نطقت آخر رقم حتى أغلقت الخط و ألقت بالهاتف بعيداً.
أخذت تجمع الزجاج المتناثر في كل ردهة بينما تقنع نفسها أنه مجرد شخص عابث ليس على علاقة شخصية بها قبل أن تقع أعينها على النتيجة المعلقة على الحائط ، لقد بقي عشر أيام فقط على موعد سداد الدَّين و هي لا تريد أن تقع في مشكلة مع هؤلاء المرابين القذرين.
هي تكره الإعتراف بذالك و لكن ذالك المرابي اللعين كان على حق، الإختباء في المنزل و البكاء لن يفيدها بشئ، إن استمرت على هذه الحال قد تضطر في النهاية إلى بيع جسدها كما يأملون منها، تباً لهم...هي ستجد عملاً اليوم مهما كلف الأمر ، حتى إن اضطرت إلى تنظيف المنازل كلها هي ستفعل ذالك فحسب.
بعد ربع ساعة كانت تقف أمام المرآة -أو ما تبقى منها بمعنى أصح- تتأكد من أن وجهها لا يظهر منه شئ كي لا يلاحقها الصحفيون المزعجون مجدداً، لقد اكتفت منهم بالفعل.
ألقت نظرة أخيرة على الشقة التي كانت لا تزال في حالة فوضى ، سيكون عليها تنظيفها لاحقاً بالتأكيد عندما تعود، أما الآن فلا يمكنها إضاعة ثانية واحدة أخرى بينما لا تزال عاطلة.
***********
_صباح الخير.
خرج صوتي بصعوبة من تحت قناع الوجه.
_صباح النور اتفضلي، طلب حضرتك ايه؟
تحمحمت قبل أن أتحدث مجدداً:
_أنا مش عايزة أطلب حاجة، في الحقيقة أنا...أنا شفت الإعلان و...
_اها، عايزة تشتغلي هنا؟
قاطعني العامل بابتسامة مريحة على وجه مما دفعني إلى الإسترخاء بتلقائية، أومأت له بالإيجاب فطلب مني اتباعه.
_أسناذة سهير، الآنسة هنا كانت جاية عشان الإعلان.
تحدث مخاطباً امرأة تبدو في مطلع الخمسينات تجلس خلف مكتب كبير.
أومأت المرأة متحدثة:
_أوكي، تقدر تسيبها هنا يا أحمد و أنا هشوف.
غادرنا أحمد ذاك بعد أن منحني إبتسامة لطيفة أخرى مما جعلني أكثر حماسة للعمل في ذالك المكان.
_أهلاً بيكِ يا حبيبتي، اتفضلي اقعدي...اسمك ايه؟
جلست على الكرسي أمام المكتب و ترددت قليلاً قبل أن أنزع قناع الوجه خاصتي ، و ما إن فعلت حتى وسعت المرأة عينيها بذهول.
_مر..مريم صبحي؟ انتِ الصحافية مريم صبحي مش كدا؟
_أ..أيوا، أنا هي، بس أنا....أنا معملتش حاجة كل اللي بيتقال كدب و إفترا أنا...
_ اهدي يا أستاذة مريم، أنا مش بتهمك بحاجة و مش فارق معايا كلام الناس، في الحقيقة عندنا شغلتين، واحدة نادل و التانية عامل نضافة، بس اي جيس إنك مش هينفع تبقي نادلة.
تنهدت بحزن.
_متفهمنيش غلط، أنا بس خايفة حد من الزباين يتعرف عليكِ و يضايقك.
أومأت لها:
_ لا عادي، في النهاية مش أي حد يقبل بإنه يوظف شخص متهم بإنه قتل والدته.
لاحظت ارتباكها قليلاً ما إن ذكرت ذالك و لكنها سرعان ما تحدثت مجدداً:
_قولتلك قبل كدا، أنا مش من النوع اللي بيهتم بكلام الناس و مش بميل لإني أحكم على حد معرفوش، و ما دام الشرطة سابتك يبقى انتِ أكيد بريئة.
_شكراً ليكِ، يا ريت كل الناس تبقى زيك و يخلوهم في حالهم.
_صدقيني الناس هنا لو فضلت في حالها تموت، على العموم عندنا هنا عامل نضافة تاني بس الشغل كان كتير عليه فقررت أوظف حد يساعده ، هو طالب عشان كدا هديله هو الفترة المسائية من خمسة ل١٢ و انتِ القترة الصباحية من عشرة لخمسة.
أومأت لها و ترددت قليلاً قبل أن أسألها:
_و بالنسبة لل...مرتب؟
_المرتب المبدأي ٦٠٠ جنيه هو مش كبير للأسف لأني قسمت مرتبه بينكم انتوا الإتنين بس متقلقيش هو قابل للزيادة على حسب شغلك و اجتهادك بمعدل متين جنيه كل شهر.
حسناً لقد توقعت كون الراتب زهيداً بالفعل و الآن مع حساب نفقات طعامي و شرابي كحد أدنى ٣٠٠ جنيه، هكذا سيتعين عليَّ كسب ٤٧٠٠ جنيهاً أخرى لسداد الدين الذي تبلغ قيمته خمسون ألفاً بمعدل خمسة آلاف جنيهاً كل شهر لمدة عشر أشهر.
السؤال هنا: أين سأجد وظيفة تغطي ذالك المبلغ؟
أخرجني من أفكاري صوت حمحمة المديرة قبل أن تتحدث:
_ طيب بما إننا متفقين تقدري تبدأي من النهاردا، ادخلي المطبخ هتلاقي زياد جوا و هو هيعرفك تعملي ايه.
أومأت لها بالإيجاب و شكرتها مرة أخرى قبل أن أتحرك بالإتجاه الذي أرشدتني إليه.
**********
_ و هنا بقى البوتاجاز ، لازم ننضفه باستمرار عشان مجدي كل شوية بيكب عليه القهوة و اللبن و مش لازم نستنى لأنه بعد ما بينشف بيبقى صعب ننضفه فأحسن حاجة يتعمل أول بأول...
تثائبت للمرة الألف بينما أستمع إلى أوامر زياد التي لا نهاية لها.
_هاي! ركزي معايا بكرا مش هبقى موجود و مش عايز آجي ألاقي المطبخ بايظ.
_ك..كمل ، أنا مركزة.
_آخر حاجة الزبالة، بصي هناك دا باب العمال، هتلاقي جمب الباب برا صفيحة زبالة كبيرة دي اللي بنفضي فيها الزبالة تمام؟
_تمام.
_طيب يا آنسة...
_ر..ريم اسمي ريم.
_ماشي يا آنسة ريم، خلاص خلصنا كل اللي لازم تعرفيه ، تقدري تفضي الزبالة دلوقتي منا ما أغسل أنا المواعين دي، و التزمي بالشغل عشان مرتبك يزيد المديرة هنا كريمة جداً صدقيني.
أنهى حديثه بغمزة مستمتعة لأبتسم بتلقائية على عفويته، و ما إن سقطت أنظاري على دلو القمامة الممتلأ حتى تلاشت إبتسامتي على الفور.
********
بعد إنتهاء اليوم عدت إلى المنزل منهكة تماماً، ليس بسبب العمل في المقهي فهو ليس متعباً على الإطلاق، أو حسناً باستثناء جزء التخلص من القمامة ليس صعباً؛ لكني أمضيت باقي الوقت في محاولة إيجاد عمل آخر في الفترة المسائية و لكن بدون جدوى ، فلا أحد يرغب بتوظيف الصحافية المجرمة بنظرهم.
ما إن صرت أمام باب الشقة حتى تنهدت بيأس بعد أن تذكرت الحالة التي تركت عليها المنزل صباحاً، أنا حقاً مرهقة للغاية لأنظف كل ذالك.
وضعت المفتاح في الباب و أدرته ليُفتح الباب ببطئ و ما إن أشعلت الأضواء حتى تثمرت في مكاني و هرب الهواء من رئتي لفترة.
هل هذه هي الشقة المحطمة التي تركتها صباحاً؟ عدت خطوتين للخلف لأتقفد رقم الشقة، إنها هي شقتنا الصغيرة القديمة التي انتقلت إليها بعد أن اضطرت إلى بيع الجديدة لسداد أموال المحامي بالإضافة إلى المصاريف الأخرى، شقة رقم ٥.
ترددت قليلاً قبل أن أخطو إلى الداخل، كانت الشقة نظيفة تماماً و تلمع جلت ببصري بين الزجاج المكسور الذي استبدل بآخر جديد و إلى القماش المفروش بعناية على الأرائك و الوسائد المرتبة.
توجهت إلى المطبخ و ما إن أشعلت أضوائه حتى زادت صدمتي إلى الضعف عندما رأيت أواني الطعام المرصوصة بعناية على المائدة الصغيرة المستديرة في منتصف المطبخ.
و بينما أنا في وسط دهشتي إذ بأنظاري تقع على ورقة كبيرة بجانبها أخرى صغيرة معلقتين على البرَّاد.
اقتربت ببطئ و سحبت الملاحظة الصغيرة لأقرأ ما كتب فيها:
"أكيد مروحة تعبانة و ملحقتيش تاكلي حاجة النهاردا، لازم تحافظي على صحتك، استمتعي بالأكل صُنع بكل حب و مش حاطط فيه سم متقلقيش(^-^). توقيع: الخلود أو الآس."
طويت الورقة بحيرة لتقع أنظاري على الورقة الأخرى الكبير التي كانت معلقة إلى جوارها، كان قد كُتب عليها بخطٍ عريض أسود:
"القاعدة الأولى: الكلام بدون مستندات كلام ملوش أساس، حتى لو ليه أساس ممكن نعتبره مش موجود"
**********
يتبع...
الفصل الأول من اسكريبت " الخلود أو الآس"
للي أول مرة يقرأه في مقدمة صغنونة ليه لو حابين تقرأوها عادي مش حابين كدا كدا هي مش مهمة أوي.
حبايبي عايزة أقول إن دي تاني مرة أكتب الفصل لأني كتبته أول مرة و اتمسح فلكم أن تتخيلوا كمية الملل و التعب فالتفاعل و تقدير الجهود مش هيضركم بس هيفرق معايا جداً علشان أكمل(T~T)
(لأن بصراحة لو ملقتش تفاعل مش هكمل.)
الكلام اللي عمال يقوله الشخص المجهول فيه تلميح لمريم يا ترى هتفهمه و لا لأ؟
"الخلود أو الآس"، لعبة بسيطة بتلات قواعد أبسط و الذكي يفهم القاعدة