اخر الروايات

رواية معدن فضة الفصل الثلاثون 30 بقلم لولي سامي

رواية معدن فضة الفصل الثلاثون 30 بقلم لولي سامي 


 ربما لم يشعر الظالم بظلمة ولكن عند رؤيته نتيجة فعله لم يستطع إنكار ما فعله حتى ولو أمام نفسه.

فور خروج محمد من شقة حسن ووصول أخته ووالدته وجداه متكور على ذاته يحاول تمالك آلامه ووجهه يكاد أن ينفجر من كم الاحمرار والعروق البارزة به حاولت غادة أن تحدثه ولكن لم بجيبها بل كل ما يفعله أنه يزوم بصوت عالي .
فهمت انوار ما يعانيه ابنها من منظره وطريقة ألمه ومحاولة سحب نفسا عميقا وكأنه ممنوع عنه الهواء لتسب قائلة /
_ اه يابن ال.... عايز تضيع مستقبل الواد علشان أخته معيوبة .
نظرت لها غادة بعدم فهم فقالت لها انوار بغضب / قومي فزي اعملي لاخوكي كوباية ليمونادة بدل مانتي قاعدة تتفرجي كدة لحد ما يهدأ ونفهم منه ايه اللي حصل .
بعد فترة قليلة هدأ حسن قليلا وشرب العصير وبدأ يسرد لهم ما تم وما عرفه من أخيها وسبب غضبه هذا لتطلق انوار شهقة عالية وتضرب بكفها علي صدرها قائلة/ يا وقعة سوده يعني البت كانت حامل وانت سقطتها.
ليرد حسن باقتضاب / انتي بتقولي زيه اني سقطتها انا كنت بحاول اخد الشنطة وهي اللي عصلجت معايا وخدتها منها بالعافية وزقتها ،
ثم انا اعرف منين أنها حامل والدكتور قال لا يمكن تحمل الا بعمليه .
عاتبته انوار قائلة/ وانا مش قولتلك يا مزغود ابعت حد ورا اخوها يشوف ايه اللي حصل وطلعت شقتك علشان تكلم زميلك ،
اتاريك طلعت نمت يا موكوس.
_ كنت برن عليه بس كان مشغول وقولت اريح شوية عقبال ما يخلص تليفونه وراحت عليا نومة.
نكزته انوار في كتفه ليتأوه حسن من اثر الضرب لتكمل والدته غير عابئة بألم ابنها قائلة / بقي يا مزغود مراتك اخوها شايلها سايحة فى دمها وانت تنام !؟
اكملت انوار وكلها حيره من أمرها / هنعمل ايه دلوقتي اهربك فين انا .
تحدث حسن بلامبالاه / خلاص يا اما جه وفش غله فيا والليلة خلصت.
يومين كدة ونبقي نروحلها ولو مرضيوش ترجعلي يبقى هما اللي اختاروا ويمضوا على تنازل لو عايزيني أطلق بنتهم واحتمال اخليهم يدفعوا فلوس كمان قصاد خلاصها.
ابتسمت انوار والتمعت عيونها بطمع لتربت علي كتف حسن بفخر / صح يا واد ولالله وبقيت تفكر اخيرا.
يحاول حسن الابتعاد قليلا عن مرمي والدته حتى لا تنكزه ثانية وكل جسده يؤلمه فتحدث وهو يبتعد / اه.... امال ايه ..... مش ابنك .... بس والنبي والنبي ما تزقي تاني... جسمي كله مكسر.
ضحكت غادة بكل صوتها ليوكزها أخيها ويطلب منهم أن يتركاه لينام قليلا بعد دهان وجهه وجسده بالمرهم ليخفف الالم قليلا فهو قد تعب من الضرب كثيرا.
..........................................
وصل والد ووالدة ميار مع ابنهم محمد الي منزلهم لتعاتبه والدته بقلق عارم عليه قائلة / ليه يا ابني اللي انت عملته في حسن ده؟
مخفتش ينزل يعملك محضر ولا يوديك في داهية.
التفت محمد الذي كان يتوجه إلى غرفته عازما علي مهاتفة ماسه وكله سعادة ليقضب جبينه قائلا / بصي يا ماما وانت يا بابا علشان لو معترض زيها ،
انا سمعت كلامكم كتير وسكت علي حق اختي وكانت النتيجة ايه أننا كنا هنفقدها النهارده.
ارتفع صوته بعصبيه مزجها بنظره لوالدته / كنتي هتفرحي لو بنتك حصلها حاجه ؟!
اومأت بالرفض سريعا وعقبت قائلة / ولا كنت هفرح لو حصلها حاجه ولا هفرح لو ديت نفسك في داهية.
_ انا اودي نفسي في داهية وانا بحمي اختي ولا اني اقعد واتفرج علي اللي بيأذيها .
هنا وشعر والده بالخزي ليخفض رأسه للاسفل بينما محمد يكمل قائلا / وعلشان ترتاحي يا ماما وتريحي قلبك حسن أجبن من أنه ينزل يعملي حاجه،
ولو عمل حاجه هتكون كلمتي قصاد كلمته علشان مفيش شهود اصلا وساعتها الموضوع هيطلع فشنك ارتاحتي كدة ولا لسه ؟؟
ابتسمت والدته قليلا برغم طمأنته لها إلا أنها ما زالت قلقة فسألته بتوجس / طب مكنش في طريقة تانية قانونية نبلغ عنه مثلا أن هو اللي سقطها وضربها؟؟
أومأ محمد بالرفض وسحب نفسا عميقا ثم بدأ بتوضيح بعض النقاط الذي فكر بها قليلا فقال / انا فعلا يا ماما فكرت كدة في الاول وكنت بفكر ابلغ عنه .
بس لما فكرت شوية لاقيت أن ندل زيه ممكن ينكر أنه عملها حاجه وينكر أنه زقها اصلا علشان برضه مفيش شهود. وساعتها حق اختي هيروح لاني بعد ما اتهمه مش هقدر اعمله حاجه ساعتها .
ففكرت استغل نفس الفكرة والحمد لله ظبطت معايا.
ربت والده علي كتفه قائلا بفخر / ربنا يبارك فيك يا ابني ويحميك ،
ثم أكمل متأثرا / بس سامحوني انا السبب في كل البهدلة ده واللي تؤمروا بيه بعد كدة انا تحت امركم.
لم يستطع محمد أن يتحدث مع والده فمن ناحية يري أنه حقا سبب هذه المشكلة بل هو تركها تتضخم عندما ارجع ميار مرة أخري ومن ناحية أخري لا يريد أن يحمله أكثر من طاقته فيكفي إحساسه بالذنب هذا ويكفيه أن هدفه كان لمصلحة ابنته حتى ولو أخطأ الطريق.
فابتسم له ثم توجه مرة أخري إلي غرفته يكمل سهرته مع ماسته التي يشعر أنه بحاجة إليها الان.
.....................................
وصل چواد ونضال الي المشفى في غضون لحظات فقد كان يهاتف نضال وهو يرتدي ملابسه ويحثه علي التحرك سريعا ليمر عليه بسيارته ويتوجها فورا الي المشفى حسب رغبة ماجدة التي اطمأنت بأن اختها قد غفت قليلا لتخرج خارج الغرفة تحاول مهاتفة چواد ولكنها وجدته هو من يهاتفها ويخبرها أنهم بالاسفل لتملي عليه رقم الغرفة قائلة / احنا في اوضة 732 بالدور الثالث بس المشكلة هتدخلوا ازاي؟؟
لينظر چواد تجاه نضال ليستفسر منه عن طريقة دخولهم ليطمأنه نضال بنظراته بأنه من سيتصرف فيطمأن چواد ماجدة .
وبالفعل توجه نضال الي الاستقبال واخبرهم أنه من القسم بناء على طلب عائلة المريضة ميار توفيق من أجل أخذ اقوال المريضة في حادث إسقاط حملها ليتوجهها كلاهما الي الدور المعني بعد أن أخبرهم عامل الاستقبال أنه سيخبر الطبيب بحضورهم وسيتواجد في غضون لحظات.
صعدا نضال وچواد الذي كان يبدو عليه اللهفة والقلق ليجدا ماجدة تنتظرهم امام الغرفة وفور اقترابها توجهت ماجدة لهم مقترحة عليهم التحدث في كافتيريا الدور بعيدا عن ميار حتى لا توقظها بعد أن هدأت قليلا.
بعد فترة قليلة حاولت فيها ماجدة طمأنة چواد عن أحوال اختها وسردت لهم كل ما حدث ليستشيط چواد غضبا مما حدث لحبيبته ويحاول نضال تهدأته فقد كاد أن يجن ويتهور بالذهاب لهذا السئ ويعلمه كيفية أن يكون رجلا بالفعل.
بعد أن هدأ قليلا وبعد أن وعده نضال أنه سيجلب حقها ويشفي غليله وغليلها أوقفته ماجدة تملي عليه ما تريده أن يفعله ليتهكم نضال علي ما تفوهت به بعد ابتسامة ساخرة قائلا / ها وايه كمان ؟
لتهب ماجدة واقفة باعتراض علي تهكم نضال ووجهت انظارها لچواد قائلة / هو ده الظابط اللي انا طلبته منك يا چواد ده شكله ميديش حتى أمين شرطة ،
لا والبيه كمان مش عاجله كلامي وكل شويه يبتسم كدة بسخرية ،
وكل اللي فالح فيه هجبلك حقها هجبلك حقها.
وقفت ماجدة مستشيطة غيظا من هذا النضال بينما حاول چواد تهدأتها والاعتذار قليلا لنضال فتحمحم قائلا / انا اسف يا نضال هي متقصدش طبعا هي ماجدة كدة مندفعة شوية واكيد مقدر حالتها وخوفها على اختها.
بينما نضال لم يستمع لحرف مما تفوه به چواد ولكن كانت عيونه قد أظلمت من الغضب وظل يجز علي أسنانه حتى تكاد تجزم انك تسمع صوت تهشمها واضح كمحاوله لكبت غضبه .
كان ينظر لماجدة بعيون ضيقة محاولا اكتشاف شخصيتها العدائية تلك ونظراتها الجامدة التي لا تدل على الخوف أو القلق بما تفوهت به ولو قليلا .
وبدون أن ينطق أخرج الكارنية الخاص به ووضعه على المنضده أمامها لتمسك به ماجدة ثم ابتسمت باستخفاف قائلة / اه علشان كدة ،
جايبلي ظابط بالحرس الجامعي كبيره يوقف طلبه .
برغم شعور القلق الذي يسيطر علي چواد تجاه حبيبته إلا أنه شعر بالاحراج الشديد ليظل يدير نظراته بينهم لا يعرف ماذا يقول وكيف سيهدأ من ماجدة التي تزيد الطينه بله ولا كيف يهدأ من عصبية نضال الذي من الواضح أنه يحاول جاهدا تمالك أعصابه.
سحب نضال نفسا عميقا ومسح بكفيه علي وجهه يشعر وكأنها تتعمد اغضابه وهو يحاول بقدر الإمكان الالتزام بضبط النفس ،
نضال الذي اعتاد نظرات الفتيات وتهافتهم عليه خاصة عند معرفتهم بطبيعة عمله ،
لم يلقى بحياته هذا الاستخفاف مطلقا!!
اغلق عيونه وسحب نفسا عميقا ثم فتحهم يبدو عليهم الغضب العارم وهو ينظر لها بجدية قائلا / ممكن تقعدي يا استاذة علشان نحاول نوصل لحل يرضى الطرفين بدل العدائية الغير مبررة اللي انا شايفها في كلامك ده.
جلست ماجدة ببرود قائلة باستهزاء / اديني قعدت اتفضل قولي وجه اعتراضك علي اللي قولته ايه؟؟
وازاي بقي هتجيب حقها زي ما بتقول!؟
بعد أن جلست نظر نضال للناحية الأخري يريد أن يستعيد هدوءه حتى لا يسيطر عليه غضبه فهو متواجد لحل مشكلة ليس لخلق مشكلة .
تأففت ماجدة من صمته ليدير وجه لها رأسما علي شفتاه ابتسامة سمجة لا يعرف لما فعل ذلك ولكنه قرر أن يخرج روح البارد من داخله لعله يغضبها ولو قليلا مثلما تفعل ليقول لها باستهزاء من أفكارها / احب اقولك يا آنسة أن فكرة عمل محضر لزوج اختك واتهامة بانه سقطها مش بالسهولة اللي حضرتك متخيلاها .
ابتسمت ساخرة ثم سألت باستنكار / ليه أن شاء الله ايه الصعب فيها؟؟
رفع حاجبيه رافعا رأسه لأعلى وكأنه يتحدث مع شخص أقل منه ذكاء ويحاول تبسيط المعلومة ليصل لتفكيره المتدني قائلا / افهمك .
اولا يا آنسة محضر زي ده لازم يكون بناء على طلب اختك وأنها بتتهم جوزها مباشرة في اللي حصل ده.
_ انا هقنعها.
نطقت بها ماجدة سريعا فابتسم نضال علي تسرعها ولم يعقب بل اكمل ما يقوله / ثانيا من كل اللي قولتيه وحكتيه انا مسمعتش دليل واحد علي كلامك يعني كل كلامك بيدور علي ان اختك حكت لكم أنه زقها ايه دليلها على كدة؟؟
القانون مفيهوش مجرد حكاية!
يعني ايه دليلها على أنه زقها ما ممكن هو يقول انها وقعت لوحدها والنتيجة واحدة الحمل سقط بناء على ارتطام !؟
وللاسف شخصية زي ما بتوصفيها ممكن بكل بساطة ينكر اي حاجة تقولوها وساعتها كلمته قصاد كلمتها ومادام مفيش شهود يبقى الموضوع هيخلص علي مفيش .
هل في دليل كتصوير أو حد سمع صراخها أو حد كان واقف وبيحوش وشافه وهو بيزقها وهيشهد عليه؟؟
لم تجيب على سؤاله بل اتسعت نظراتها إليه فابتسم قليلا ثم أكمل / ثالثا بقي وده الاهم انتي قولتي اخوكي راح ضربه هل اتاكدتوا إذا كان هو عمل لاخوكي محضر بالواقعة ده ولا لا؟ علشان لو اتحركنا ممكن يكون إثبات علي اخوكي أنه ضربه لما سمع من أخته وساعتها هتكوني ضاعفتي المشكلة مش حلتيها .
ثم ارجع ظهره للخلف ووضع ساق فوق الأخرى مكملا بعجرفة اعتاد عليها / عايزين نشتغل صح علشان نضمن نتيجة صح مش نجري وراء كلام جهجهوني.
اتسعت ماجدة نظراتها ولكنها لم تستطع أن تجادله فللأسف كل حديثه صحيح فنظرت تجاه چواد التي وجدته يحاول جاهدا كتم ابتسامته فاستقامت وقد بدا عليها الغضب فهي لم تعتاد أن يخرصها أحدا هكذا كما أنها غضبت عندما شعرت أنها لم تستطع أن تثأر لاختها قائلة / شكرا يا چواد علي محاولتك لمساعدتنا واسفه لو ازعجتك تقدروا تتفضلوا وانا اسفة مرة تانية.
شعر چواد هو الآخر بالحزن ليحاول طمأنتها قائلا/ احنا لا يمكن نسيب حق ميار واكيد في طريقة تانية نجيب بيها حقها.
لا يعرف لماذا شعر بوخزة في قلبه عند الاستماع إلى نبرة صوتها الحزينة والتي تنم عن الاستسلام واعتذارها أكثر من مرة وكأنه لم يريد هذا فرفع نظره تجاهها ليري الحزن البادي على وجهها ليتحمم قائلا/احممم ...... اتفضلي اقعدي يا آنسة ماجدة انا مش بعقد الموضوع وهسيبه انا وعدتك هجيبلها حقها تالت ومتلت كمان .
لتطرق بكلتا كفها على المنضده وقد تحول انكسارها لاندفاع مرة أخرى بعصبية ولكن بصوت منخفض قائلة/ انت مش بس عقدت الموضوع انت عقدتني انا شخصيا .
ليبتسم علي تغير شخصيتها اللحظي ويشير لها بالجلوس فتجلس ليسألها قائلا/ قبل ما ابدا في أي حاجة ولا اقولك هعمل ايه ،
عايز إجابة لسؤالي واللي على أساسه هتصرف .
اماءت ماجدة برأسها لتحثه علي السؤال فتستطرد سائلا/ اختك ناوية ترجعله تاني ولا خلاص كدة ؟؟
شهقت ماجدة واتسعت عيونها وكأنها ستتحول لاكلي لحوم البشر ثم قالت / ترجعله هي مين اللي ترجعله !!
والنبي ما يحصل ابدا خلاص كدة جاب اخره اصلا.
ابتسم نضال تلقائيا لرد فعلها الغريب بالنسبه له ليسرد عليها ما ينتوي فعله.
بينما چواد كان يود أن يقبل نضال بسبب سؤاله هذا وعند استماعه لإجابة ماجده تهلل وجه فرحا واستقام متوجها إليها يريد أن يقبلها حقيقة حتى امسكه نضال من معصمه وكأنه شعر بحاله ثم قال / مش دي ركز .... مش دي .
تخوفت ماجدة قليلا وعادت بظهرها للخلف قليلا ولكنها لم تفهم ما كان ينتوي چواد علي فعله وماذا يقصد نضال بجملته ولكنها لم تعرهم اهتماما ولم تعلق بل آثرت ان تستمع لمخطط نضال الذي حقًا ابهرها.
...............................................
بعد أن كاد يفقد الأمل بل إنه فقده بالفعل
حتى بات يتصرف على انعدام وجوده .
لاح الامل مجددا في الآفاق رأسما له شعاع من نور قوى الطله هكذا شعر چواد بعد هذه المقابلة التي لم تكن حتى باحلامه شعر وكأن القدر أراد أن ينقذه اخيرا من توهته بل واراد أن يهديه فرصة أخري لا تعوض وما عليه إلا أنه يستغلها افضل استغلال ولا يتنازل عنها ابدا مهما كانت الظروف أو الأسباب.
وصل منزله وهو يكاد يشعر بأنه لم يتمالك نفسه من الفرحة فتح الباب بمفتاحه فالمفترض أنه خرج ووالدته نائمة ولكن فور دخوله وجدها تهب من مقعدها مواجهه له لتطمئن عليه فابتسم واغلق الباب خلفه ثم احتضنها من خصرها حاملا اياها وظل يدور بها مرددا كلمة واحدة / اخيييرا ... اخيييرا يا اخلاص .... اخيييييرا ابنك هيتهنى.
ضحكت اخلاص علي فرحة ابنها برغم ترديدها / بس يا جواد .... بس يا ابني هدوخ منك.
فتوقف چواد عن الدوران وأمسك بيدها ثم اجلسها علي الاريكة وانفاسهم تتلاحق من اثر الدوران ثم قالت اخلاص بنبرة متقطعة من اثر النهجان / قولي بقي .... ايه... سبب ...الفرحة دي ؟ ... ويعني ايه هتتهني .... فرحني يا ابني ربنا يهنيك يارب .
احتضن چواد وجهها بين كفيه واقترب لثم جبينها بقبلة ثم أمسك كفيها قائلا / ياما كنت بسمع دعائك في صلاة الفجر وانتي بتدعيلي ربنا يفرح قلبي وربنا استجاب لدعائك يا ست الكل .
تهلل وجهها فرحا ورأت السعادة التي لطالما تمنت عودتها في عيون ابنها ،
نعم هذه السعادة رأتها بعيونه من قبل ولكن كيف ؟
لتكذب احساسها الغير منطقي وتسأله بفضول جم عن سبب سعادته ليسرد لها ما تم والذي من وجهة نظره أنها معجزة من السماء أن يحدث هذا وخاصة مع توقيت تركه لخطيبته يا لها من سخرية القدر.
استمعت له ولكن فور أن علمت بما ينتويه ابنها تغيرت ملامحها قليلا مجاهدة حالها أن لا تفسد فرحته.
..................................................
بالاتجاه الاخر بعد أن وصل نضال لمنزله دخل إلي غرفته ليتمدد بكامل ملابسه علي فراشه واضعا ذراعه خلف رأسه ممعن النظر في السقف وكأنه يود أن يخرج نقطة مغايره في اللون لهذا الاتساع الابيض .
ظل مدقق النظر ولكن عقله يفكر في المتمردة التي قابلها اليوم .
نعم سماها المتمردة لا ينكر أنه قابل مثل شخصيتها المتمردة تلك ولكن الفرق يكمن في سبب التمرد فغيرها يتمرد بسبب لفت الإنتباه ليس إلا !
ولكن هي تمردها عن سبب ودافع قوي بالإضافة إلى ذكائها في التفكير وعدم خضوعها للحلول السلمية لولا جهلها عن بعض النقاط القانونية لكانت ابدعت في فكرتها.
ثم ابتسم عندما تذكر شكلها عندما بهتت ملامحها بعد اقتناعها برأيه في فشل خطتها كما سعد كثيرا ببريق عيونها عندما اعجبت بخطته ولكن كبريائها منعها بالاعتراف بذلك ليعلق قائلا / فرسة برية ومحتاجه اللي يروضها بجد ....
ثم أطلق تنهيدة عالية قائلا/ وماله شخصية جديدة تستحق الاكتشاف
...............................................
أمام الجامعة ينتظرها وليست هذه أول مرة منذ ابتعادهم منذ اتفاقهم أنهم لم يتقابلا ثانية ولكن الاثنان اخلا بالاتفاق فهو ينتظرها ليراها وهي تتخفى لتراه دون أن يراها وكأنهم يلعبون معا لعبة الغميضة برغم عدم تقابلهم ولكنه يشعر دائما أنها تنتظره بل وتراه لذلك أراد أن ينتظرها اليوم بدون أن يظهر ربما خرجت من جحرها لاطمئنانها بعدم وجوده وبالفعل فقد ظهرت اخيرا ظهرت وهي تتلفت يمينا ويسارا وكأنها تبحث عن شخص ما ارتسمت الابتسامة على محياه لا يعرف لما ولكن كل ما يعرفه أنه شعر بالسعادة لمجرد رؤيتها .
وسريعا أصبح يقطع عليها الطريق لتفاجأ هي به فتتسع حدقتيها قائلة ببلاهه / انت طلعت منين ؟
ليعقد هو حاجبيه ويدعي الجدية سائلا إياها بنبرة غاضبة / ايه اللي انتي لابساه ده ؟
نظرت علي ملابسها فلم تجد شئ غير معتاد فسألته بعدم فهم / ماله لبسي ماهو كويس اهو.
اكمل بنفس النبرة الغاضبة / طب اتفضلي نقعد في مكان وانا هقولك ماله لبسك.
حركت كتفيها للأعلى قائلة / بس انا عندي محاضرة و...
لم يدعها تكمل جملتها لينطق هو بجدية لم تعتادها هي منه / اتفضلي مش هأخرك عقبال ما تشربي الاكسبرسو بتاعك هكون قولت كلمتين واديلك البرفيام.
دبدبت باقدامها أمامه وكأنها لا تريد الذهاب معه ليوجهها الي كافيه قريب من الجامعه دخلا سويا لتجلس بتذمر ليخرج من جزلانه زجاجة برفيام الخاص بها وافتتح بها حواره قائلا/ اول حاجه اتفضلي يا ستي علشان متقوليش بضحك عليكي.
أمسكت بزجاجة البرفيام الخاص بها باشتياق وكأنها فقدت شئ غالي عليها وقبل أن تفتح غطائها فقال يزن / ممكن تشليها دلوقتي علشان نلحق نتكلم لو مش عايزة تتأخري.
وجدت حديثه صحيح فوضعت البرفيام بحقيبتها ثم بدأ يزن بالحوار قائلا / قبل اي حاجة ممكن اخد رقمك .
جاوبت غزل عليه بترفع / اسفة مبديش ارقامي لحد معرفوش .
ابتسم يزن قليلا ثم قال / تمام براحتك المهم ملاقكيش انتي اللي بتتصلي بيا .
عقدت حاجبيها بتعجب من حديثه ثم تجاهلته لتغير الموضوع قائلة / اتفضل خلصني قولت عايزني واتكلمت على لبسي ماله لبسي بقي.
استند بمرفقيه علي المنضده واقترب بوجه قليلا مضيقا عيونه قائلا / لما تلبسي بنطلون مقطع اعتقد ده شئ ملفت .
نظرت علي أقدامها بتعجب ثم نظرت له قائلة بغضب / اعتقد اول حاجه انا حرة في لبسي تاني حاجه واللي حضرتك مخدتش بالك منه اني لابسه تحته ليجن يعني مش مبين حاجه.
انحنى يزن بجذعه قليلا جهة اليمين لينظر علي ساقها فخجلت من نظرته المرتكزة عليها لتدخل ساقيها أسفل المنضده ناهرة اياه / انت بتبص علي ايه؟
_ الله بركز علشان اخد بالي ده رجلك ولا ليجن ؟
نطق بها بوقاحة تعود عليها لتستشيط هي غيظا قائلة / انت قليل الادب علي فكرة .
ابتسم قليلا لينحني للامام ويقترب منها قائلا / ده حاجه مفروغ منها ،
السؤال هنا بقي مش انتوا بتعملوا كدة علشان تلفتوا نظر قليل الادب اللي زيي !؟
اتسعت عيناها من كم بجاحته ووقاحته لتهب واقفه تلملم اغراضها وهو يبتسم أمامها وقبل أن ترحل قال لها بتساؤل / مقولتليش هنتقابل المرة الجاية امتى وفين؟
_ مش هنتقابل خالص بعد كدة.
قالتها باندفاع ليعقب يزن ساخرا / المهم انتي اثبتي على موقفك متجيش تقوليلي عايزة اقابلك.
لتنحني عليه قليلا قائلة بصوت خافض / عشم ابليس في الجنة.
ليلاعب يزن حاجبيه ويبتسم قائلا بسخرية / وحياتك ليدخل ويتهنى بالجنة كمان.
أصدرت غزل زمجرة لتذهب مدبدبة باقدامها كما دخلت مدبدبه ليعلق يزن هامسا / مجنونة بنت الايه بس عسل .
عادت غزل الي منزلها وذهبت لغرفتها ثم أخرجت زجاجة العطر من حقيبتها لتضعها علي منضدة التزيين الخاصة بها ثم دلفت للمرحاض لتغتسل ثم عادت لغرفتها وقد اشتاقت لعطرها فاخذت تنثر منه على نفسها ومع اول نثرات منه جحظت عيونها لتنطق لاعنة / اه يا ابن ال.....
...................................
في المشفى صباحا سردت ماجدة لاختها ما فعلته بالأمس وعن حضور چواد للمشفى نهرتها ميار قليلا برغم فرحتها بقدومة الا انها ترى أن تواجده هنا خطأ وخاصة أنها امرأة متزوجة وهو خاطب وقد اقترب موعد زفافه .
ثم صمتت قليلا لتعود تسألها / هو .... هو چواد كان قلقان اوي عليا ؟؟
يعني ... يعني مثلا شافني ؟
لا طبعا شافك ايه!؟
ولا خليته يهوب من الاوضة اساسا .
انا اصلا كنت طلبته علشان يجيب ظابط ونعمل لحسن محضر لاني خفت ابوكي أو اخوكي ميرضوش بالخطوة ده.
فقولت مفيش غيره اللي هيسمع كلامي.
ثم فجأة تغيرت نبرة صوتها واتسعت عينها سائلة بشك /بس قوليلي الاول قبل ما احكيلك انتي ناوية ترجعي للز*فت حسن ده ؟
امأت ميار برأسها بالرفض تماما ففرحت ماجدة قائلة / انا قلت لنضال كدة برضه .
ثم عادت ملامحها المسترخية مرة أخري لتصعد بجوار اختها قاعصة أقدامها وبدأت تسرد كل ما حدث .
وكالذي تندمج مع أحداث فيلم مثير همهمت ميار لتحث ماجدة على الاسترسال قائلة / مم وجه وجاب الظابط ؟؟
لتكمل ماجدة بامتعاض قائلة / اه ياختي جه وجاب ظابط وياريته ما جابه .
_ ليه ايه اللي حصل؟؟
بدأت ماجدة تسرد لها عن ذلك المتعجرف المغرور الذي قابلته مع چواد والذي شعرت وكأنه شغله الشاغل هو هدم كل ما فكرت به ولكنها عقبت بالنهاية قائلة / بس ابن الايه طلع مش سهل برضه.
ده هيمرمطه اخر مرمطة وعلى رأيه هيجبلك حقك تالت ومتلت من حباب عنية..


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close