اخر الروايات

رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل 20 والاخير بقلم نور زيزو

رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل 20 والاخير بقلم نور زيزو

الفصل العشرون(20) الأخير
____ بعنــوان “لك القلب كاملًا”____



أستمع “نوح” لحديث “نادر” كاملًا فى صمت شديد دون أن يتفوه بكلمة واحدة ثم قال:-

-طبعًا مجيئتك لعندي على عيني وعلى رأسي وكان نفسي أساعدك لكن أنا جطعت كل علاجتى بأسماء وأمها ولو عايز تطلبها روح لوالدتها أنا ماليش علاجة بيهم

تنحنح “نادر” بخفة ثم قال بحماس:-

-يا نوح بيه أنا …

قاطعه “نوح” بنبرة حادة قاتلة:-

-الموضوع دا منتهي لو سمحت

أستأذن “نادر” بضيق للمغادرة من غضب “نوح” وثباته على موقفه فى مقاطعة “أسماء” ووالدتها بحزم ليقف “نوح” من مكانه ويصعد إلى غرفته وعندما فتح الباب وجد “عهد” تسير فى الغرفة ذهابًا وإيابًا بطفلها الصغير الذي تحمله على ذراعيها وتربت عليه لكى تساعده فى النوم ليقول بحب:-

-نام؟

نظرت “عهد” إليه بجدية لتشير إليه بنعم وذهب إلى المكتب الموجودة بزاوية الغرفة ليفتح الدرج وهو جالسًا على المقعد، وضعت “عهد” طفلها بفراشه الهزاز ثم ذهبت إليه ووقفت جواره لتراه يخرج دفتر الشيكات الخاص به ويكتب أسم “أسماء” به فسألت بتعجب شديد:-

-بتعمل أيه يا نوح؟

أجابها “نوح” بنبرة هادئة دون أن يرفع نظره عن الورقة قائلًا:-

-بخلص من الهم اللى على أكتافي

نظرت إلى زوجها فكان منغمسًا فيما يفعله لترفع يدها إلى رقبته من الخلف تداعبها بدلال وكان يفكر بعقل شارد لتهتهم “عهد” قائلة:-

-روق يا نوح عشاني

رفع “نوح” رأسه للأعلى بقوة حتى يراها وهى تقف خلفه ثم قال بنبرة هادئة:-

-أنا عايش عشانك يا عهدي

أومأت إليه بنعم وببسمة مُشرقة هادئة ثم قالت بلطف:-

-ربنا يخليك ليا يا حبيبي

وقف من مكانه أمامها مباشرة ثم أخذ يدها فى يده وسار بها إلى الأريكة أمام شاشة التلفاز وهو يقول:-

-تعبت منهم يا عهد، مبجتش عارف مين فين الصح ومين فين الغلط، أنا اللى ظالم ومفتري وجاسي كيف ما بيجوله ولا أنا اللى أتظلمت وخدت منهم كتير

نظرت “عهد” إليه وكان القلق يحتل وجهه وعينيه خاشيًا أن يحمل ذنبًا على عاتقه من ظلم أحد وهذا الرجل الذي أمامها يقتله الظلم ولا يقوى على حمل شعور الظلم، تنهدت بأرتياح وهى تعانق يديهما بيدها الأخرى ثم قالت بلطف:-

-سامح لو تقدر يا نوح لكن متجيش على نفسك وتحملها فوق طاقتك، لو قادر تغفر أغفر وخلي علاقتك بيهم علاقة سطحية شوية، ميرجعوش البيت.. اه ميرجعوش لأن أنا نفسي مش هقدر أثق فيهم وأعيش معاهم فى بيت واحد، مقدرش اسامح لكن أتعامل معاهم فى حدود اه لكن عمرى ما هنسي أنهم حاولوا يموتوني أنا وابنى

نظر “نوح” إليها بحزن شديد ثم قال:-

-وأنا مجدرش أجازف بيكي يا روحي ولا أدخلهم بيتي من تاني

تبسمت “عهد” بخفوت ثم رفعت يدها إلى وجنته تداعب لحيته بنعومة مُدلل إياه ثم قالت:-

-يبقي لو قادر تتعامل معاهم فى حدود مفيش مانع ومعتقدش أن دا هيكون بيضغط عليك ولا أيه

أومأ إليها بنعم وكاد أن يُحدثها لكن قاطعه صوت رنين الهاتف فوقف ليتحدث بينما يسير خارج الغرفة، ظلت تنظر عليه من الخلف وعقلها لا يتوقف عن الشرود والتفكير بهذا الأمر وكيف يعاني من عائلته وكلما هدأت الأمور بينهما حدث الأسوء مما يزيد العبء عليه أكثر من السابق، أخذت هاتفها من فوق الطاولة وعندما فتحته رأت رسالة من “ليلي” أدهشتها ولم تصدق أبدًا ما رأتهلتغير ملابسها سريعًا وتركت طفلها مع “سلمي” فى رعايتها، أستقلت سيارتها الجيب الصفراء رباعية الدفع وأنطلقت إلى منزل “عطيه” وفور فتح “ليلي” للباب عانقتها “عهد” بسعادة تغمرها وفرحة عارمة بعد علمها بحمل صديقتها المُقرب، صديقة عمرها كاملًا وبمثابة أختها التى لم تنجبها والدتها، عناقًا طويلًا أستمر لكثير وهكذا “ليلي” تشبثت بصديقتها بقوة وبحضور “عهد” تشعر بأنها تملك عائلة كاملة لها، بمثابة الأم والأخت والصديقة فأبتعد “عهد” عنها وأغلقت باب المنزل وهى تقول:-

-مبروك يا روحي، ربنا يقومك بالسلامة يا فرحة قلبي

نظرت “ليلي” لها بعفوية وحُب شديد ثم قالت بتلقائية:-

-الله يبارك فيكي، أنا هتجنن من ساعة ما عرفت ورغم أنه مجرد نقطة أنا بقيت مهوسة تقريبًا به وعايزاه يتحرك بسرعة

ضحكت “عهد” أثناء سيرها مع صديقتها للداخل ثم قالت ضاحكة بلطف:-

-لسه يا حبيبتى أنتِ مع كل لحظة ويوم هيمروا عليه جواكي هتحسي بشعور جديد ولحظة ما هتلمسي أيده وتشوفيه بين أيدكي دا أحساس تاني خالص ميتوصفش وكأنك امتلكتي العالم كله خلاص

تبسمت “ليلي” بدلال وهى تلمس بطنها بيدها بحب فتبسمت “عهد” عليها وكأنها ترى نفسها أمامها والذكريات تُعاد مرة أخرى …

______________________

جلس “نادر” مع “أسماء” فى غرفة الضيوف بالمنزل الجديد وقال:-

-أنا حاولت معاه لكنه ثابت على موجفه، نوح مهيغفرش اللى حصل

تنهدت “أسماء” بيأس وكأنها تعلم جيدًا بأن “نوح” لن يغفر ما فعلته والدتها بزوجته وطفله الرضيع، دخلت “فاتن" إلى الغرفة تحمل صنية العصير وتقول:-

-متشغلوش بالكم بمشاكل العائلة، جولولى هنفرح بيكم أمتي

أجابها “نادر” بعد أن أخذ نظرة خاطفة على “أسماء” التى نظرت إليه بخجل شديد ثم وقال:-

-نعمل الخطوبة أول الشهر أن شاء الله

تبسمت “فاتن” وهى تنظر نحو طفلتها التى تبتسم بسعادة تغمرها وقالت بسعادة:-

-على خير الله، جولولي

قاطعها صوت دقات باب المنزل فوقفت “فاتن” لكى تفتح الباب ووجد “علي” واقفًا أمامها مُتكأ على عكازه الخشبي فسمحت له بالدخول وجلس معهم جميعًا ليخرج من جيب عبائته شيك ووضعه على الطاولة، نظرت “فاتن” للشيك ثم إلى “علي” وقالت بجدية مُتسائلة:-

-أيه دا؟

-دا مبلغ بسيط لزوم جواز أسماء وبكدة يبجى نوح عديه العيب وكان أصيل معاكم لأخر لحظة

نظرت “أسماء” إلى عمها بحرج ثم إلى والدتها الصامتة لتتحدث هى عوضًا عن والدتها قائلة:-

-شكرًا يا عمي بس أنا أشتغلت فى مدرسة وهتجوز على جد امكانياتي ونادر معندهوش مانع فى دا

نظر “على” إليها هى و”نادر” الجالس أمامه ثم قال:-

-أعتبريه دا جزء من ورثك، مش الورث هو اللى وصلنا للى إحنا فيه دا، الفلوس دى هى اللى خليت أبوكي وأختك فى مكانهم دا دلوجت وهى اللى زودت كره خالد لنوح ووصلته لمكانه دلوجت، يلا الله يسامحه .. خدوها الفلوس يمكن تنفع تصلح اللى اتكسر

وقف من مكانه لكي يغادر وقبل أن يغادر قال بجدية حادة دون أن يلتف إليهم:-

-بس تعرفوا اللى اتكسر عمره ما هيتصلح ولا هيرجع ولدي اللى مات ولا اللى راحوا منكم، يا ريتها كانت أتحرقت الفلوس اللى عملت فى الأهل أكدة وفرقتهم

غادر المنزل بحزن شديد يخيم على قلبه وغيمة الفراق على صدره مما ألت إليه الأمور وما وصلوا إليه، وغررت عينيه بقليل من الدموع وهو يصعد سيارته لينطلق به السائق وهو يجفف دموعه من وجنته بأنامله النحيف وتجاعيد يديه تظهر بوضوح...

______________________

خرجت “عليا” من غرفة نومها وكانت والدة “عمرط جالسة بالغرفة المجاورة مع “يونس” تصنع معه المكعبات لتبتسم بخفة عليهم ودخلت للمطبخ وأعدت كوبين من المشروب الساخن وكوب من العصير ثم دخلت إلى الغرفة وهى تقول ببسمة:-

-بتعملوا أيه؟

رفعوا الاثنين نظرهما إليها وقال “يونس” ببراءة طفولية:-

-شوفتي يا مامي البيت اللى عملته أنا ونانا

تبسمت “عليا” إلي طفلها بدلال وحنان ثم قالت:-

-جميل يا روحي ، أنا بقي جبتلك عصير

أعطته كوب العصير ثم قدمت الكوب الأخر إلى والدة “عمر” وقالت بهدوء:-

-أتفضلي يا ماما

أخذت منها الكوب بينما تقول بلطف:-

-تسلم أيدك يا حبيبتي

جلسوا الاثنين معًا وكانت “عليا” تراقبهما وهما يعلبا معًا، لا تعلم كيف تحولت هذه المرأة من حالة الغضب إلى حالة حُب وحنين يفيض منها فى معاملتها لطفلها الصغير، أصبحت تشبه الام التى تراعي طفلها وتعامله بدلال، تبسمت “عليا” ووقفت من مكانها لتدخل إلى المطبخ ووضعت الهاتف جوارها على أغنية أم كلثوم وبدأت تجهز الطعام من اجل زوجها بأرتياح وحالة هدوء تسكن صدرها، وبعد فترة طويلة جاءت والدة “عمر” إليها تساعدها وقالت:-

-يونس نام

تبسمت “عليا” إليها ليرن هاتفها باسم أختها “عهد” فذهبت للخارج كى تجيب عليها وقالت:-

-مبروك يا حبيبتى، هبقي أكلمها على طول

ظلت تُحدث أختها لساعة طويلة معًا وكأنهما يتحدثان عن كل شيء يعوض فراقهما والمسافات التى تفصل بينهما، أغلقت “عليا” الهاتف بأرتياح وقلبها مُطمئن على أختها بعيدًا عنها....

____________________

لم يكن القلب يدرك بأن العشق يأتي على سهو إلا عندما سقطت القلب فى العشق سهوًا بلا أى مقدمات، كان “عطيه” جالسًا أمام التلفاز يشاهد فيلم أبيض وأسود و”ليلي” جالسة جواره وتتكأ برأسها على كتفه بأرتياح فى لحظة صامتة لتقول:-

-عطيه

نظر “عطيه” إليها بخفة لتبتعد عنه رافعة رأسها للأعلى ثم قالت بتوتر شديد:-

-أنا ممكن اولد فى القاهرة صح؟!

ضحك “عطيه” بقهقه سعيدًا بهذه الزوجة المُدللة كي يتخلص من نبرة التوتر التى سمعها فى صوت زوجته وسؤالها ثم قال بتلقائية:-

-إحنا فين وولادتك فين يا حبيبتى

ظلت تنظر إليه فى صمتها ليقول مُتابعًا:-

-وجتها يحلها ربنا يا ليلي ومع ذلك لو عايزة تولدي هناك أنا معنديش مانع

تبسمت بعفوية على موافقته وكانت تشعر أن قلبها ينبض بقوة إليه ويتراقص بقلبها فقالت بحب:-

-أنا بحبك يا عطيه

ضحك وهو يتناول قطعة من التفاح وقال عابسًا:-

-عشان وافجت طب لو كنت موافجتش مكنتيش هتحبني

ضحكت “ليلي” وتضع رأسها على صدره بدلال وتلف يديها حول خصره بحب شديد ثم همست إليه بنبرة ناعمة تكفي لوصف شعور قلبها المتراقص بنبضاته القوية بين ضلوعها:-

-مستحيل أنت عارف أنى بحبك مهما حصل ومن غير مواقف

شعرت بقبلة ناعمة على رأسها بحب من شفتيه فقالت بمزاح تشاكسه:-

-بس ممكن ساعتها أكون حبتك حبه أصغر شوية

أنفجر “عطيه” ضاحكًا لتبتسم على ضحكته، بينما “عطيه” لم يكن مُندهش من براءة زوجته وعفويتها الجميلة، شعرت بيده تطوقها بأحتواء شديد وكأن قلبه يخشي أن يبتعد عنها وهذا العناق يكفى قلبه وروحه عمرًا كاملًا، عناقًا منه إليها وضمةً واحدة تطمئن قلبها وتغمر روحها سعادة وفرحًا مليئًا بالحب، همس “عطيه” بأذنيها قائلًا:-

-بس أنا بحبك بكل نفس بتنفسه وبكل دجة جلبك

تسللت “ليلي” من بين ذراعيه بدقات قلب مُتسرعة سمعها “عطيه” بيقين من بين ضلوعها، تشبثت بعبائته بأناملها الصغيرة فوق صدره كطفلة صغيرة تشبثت بوالدها كالوبر ثم وضعت قبلة على جبينه برقة ونعومة، نظرت بعينيه عن قرب وأنفاسها تضرب وجهه وهكذا أنفاسه حتى أختلطت أنفاسهما معًا وتلألأت عينيهما ببريق العشق والحب الساكن بداخله لتردف بخفوت شديد قائلة:-

-ربنا يخليك ليا يا حبيبى

أجابها “عطيه” بعفوية قائلًا:-

-ويخليكي ليا يا روح قلبي

_______________________

وصلت “عهد” إلى القاهرة بصحبة زوجها وطفلهما، تحديدًا إلى دار النشر المُتعاقدة معها ووقعت عقد كتابها الجديد ليُصدر بمعرض القاهرة ثم خرجت بعد مصافحة مدير الدار لتري “نوح” واقفًا أمام المبني بسيارته السوداء وحده مُرتدي بنطلون جينز وتي شيرت أسود ومُرتدي نظارة سوداء جميلة فسارت نحوه بدلال مُرتدية بدلة نسائية حمراء وقميص أبيض بفونكة من العنق كبيرة وشعرها مسدول على ظهرها وحذاء أبيض بكعب عالي رفيع، وصلت أمامه ليأخذ يدها وهو يقول:-

-وحشتينى

ضحكت “عهد” على مبالغته ثم قالت:-

-نوح أنا سيبك من ساعة

تبسم “نوح” وهو يأخذ يدها فى يده بحب شديد ثم قال:-

-والله وحشتينى فعلاً

أومأت إليه بنعم بعد أن رفعت حاجبها الأيسر إليه، فتح باب السيارة إليها لتصعد به وألتف ليصعد جوارها وسلك طريق غير طريق المنزل فتسائلت بفضول شديد:-

-إحنا هنروح لمكان؟

أومأ إليها بنعم وبعد قليل أوقف سيارته أمام أحد المحلات الخاصة بملابس نسائية لتنظر إلى زوجها بفضول أكثر ليقول:-

-أنزلي من غير ما تسألي

ترجلت من السيارة معه ودخلوا معًا ليختار فستانًا طويلًا بألوان كثير وكم طويل ضيق من الأعلى وواسع من المعصمي لتقول:-

-فى أيه يا نوح

أعطاه لها ببسمة وحماس شديد لرؤيتها به ثم قال:-

-أعتجد أنه مجاسك، يلا أدخلي غيري

ظلت تنظر إليه بتعجب شديد مُستغربة تصرفاته ليأخذها من أكتافها إلى غرفة تبديل الملابس وأدخلها قائلًا:-

-بسرعة لحد يعاكسنى ها؟

غمز إليها وأغلق الباب فخرجت ضحكة تلقائية منها على مداعبته، وصلته رسالة من “عطيه” يخبره بالقبض على “همام” متلبسًا بتهريب الأثار بعد أن أبلغ “نوح” عنه أنتقامًا منه فتبسم “نوح” بأرتياح شديد بعد أن أخذ بثأره من الجميع، بدلت “عهد” ملابسها ثم خرجت إليه وكان يتحدث مع العاملة لتستشيط غضبًا وغيرة مُتلهبة كالجمر بداخل قلبها فنادته بقوة صارمة:-

-نوح

ألتف إليها بسعادة وتتطلع بها بذهول منبهارًا بجمالها وكأن هذا الفستان صُمم خصيصًا لأجل زوجته وقال بحب:-

-ألف لايك لجمالك يا سلطانة قلبي

نظرت العاملة له بدهشة وهكذا “عهد” من مغازلته بصوت واضح أمام الجميع والقليل من لزبائن تتطلعه به وبها مُندهشين من هذا الرجل وهذه الكلمة التى أنهى جملته بها فقليلًا من الرجال يعلنوا عن الحب فى الملأ علنًا، سار نحوها بحب وأخذ يدها ليُديرها حول نفسها أمامه فضحكت بسعادة له والفرحة تغمرها ثم قال:-

-كيف البدر

ألتف للعاملة وقال بجدية صارمة:-

-هنأخد دا

تعجبت “عهد” من تبديل نبرته فى أقل من ثواني، معها يدللها بحنان وحُب وبأقل من ثواني تحول لحزم وصرامة، أقتربت العاملة من “عهد” تنزع لها الكبسولة الموجودة بالفستان لتغادر به كما يريد “نوح”، صعدت للسيارة وقبل أن تغلق الباب أوقفها هذا العاشق بعد أن فتح باب السيارة الخلفي وأحضر علبة كرتونية بيها حذاء رياضي ثم أنحني قليلًا وهى جالسة بالسيارة لينزع عن أقدام الحذاء ذو الكعب العالي ووضع الحذاء الرياضي الأبيض بقدميها لتتعجب “عهد” من تصرفاته ثم قالت:-

-فى أيه يا نوح؟

أجابها “نوح” بخفة وهو يعقد رباط الحذاء:-

-هنروح مشوار سوا ومعوزش رجلك توجعك من الكعب

-فين

سألته بفضول ولم يجيب عليها لتتأفف بضيق شديد، أنطلق بسيارته إلى النيل وكان هناك مركبًا مجهزًا إليه فنظرت للمركب ثم إلى “نوح” الذي أخذ يدها وساعدها فى الصعود لتقول:-

-نوح

صعد معها إلى المركب وكان مجهزًا عشاء على طاولة كبيرة وشمع وبالونات كثيرة معلقة بالسقف وهكذا ورود منثورة على طاولة العشاء فقالت:-

-الله

أتاها صوته بلطف يقول:-

عجبك

تبسمت بسعادة وهى تلف إليه وقالت ببراءة وعينيها تتلألأ فرحًا:-

-دا يجنن

عانقته بقوة ليطوقها بذراعيه فلمحت على الحائط الخلفي له كلمة “happy birth day” أبتعدت عنه بدهشة حادقة بهذه الكلمة ثم قالت بإندهاش:-

-يا روحي

نظرت إليه بعيني دامعة فرحًا وقالت:-

-أنت عملت دا كله عشاني

أخذ يدها فى يده وقال بحب:-

-كل سنة وأنتِ سلطانة قلبي وحبيبتى، وعقبال كل سنين العمر معايا وفى حضني

عانقته بقوة وتركت أسر دموعها تسيل على وجنتيها تاركة جفنيها الصغيرين وقالت بنبرة ناعمة ولهجة عاشقة:-

-وأنت حبيبى وعمرى كله يا نوح

قبل جبينها بحب ودقات قلبها وصلت إليه وشعر بهذه الضربات فى جسدها ويديها المتنفضة فرحًا بين يديه وقال بحب:-

-براحة قلبك هيجف

ضحكت وهى تضع يدها على قلبها وتسير نحو الطاولة وقالت:-

-فاضحني دايمًا كدة

ضحك “نوح” ثم جلسا معًا يتناولًا الطعام وبعد أن أنتهي وقفت “عهد” على حافة المركب تنظر للماء بعد أن نزل “نوح” للأسفل يتحدث مع السائق وعندما صعد رأها تنظر للمياه وشاردة فذهب نحوها، كانت شاردة وتفكر فى حياتهم ولم تتوقع يومًا بأن تكون زوجة لرجل صعيدي وتعيش بعيدًا عن القاهرة بقلب الصعيد وتتأقلم على حياتهم لكن هذا الأمر ربما حدث بسبب أختيارها لـ “نوح”، رجل مثله لم يشعرها بثقل بل كان سببًا كبيرًا أو كان هو السبب الوحيد فى تحملها الحياة بعيدًا عن حياتها وخلق حياة جديدة بعمر جديد فى مكان جديد وتأسيسها لعائلة صغيرة ملك لها، شعرت بيده تحيط بخصرها مُعانقًا لها فاستقامت فى وقفتها وهى تتكأ بظهرها على صدره ورأسها على كتفه ليقول بخفوت:-

-سرحانة فى أيه يا عهدي؟

تبسمت وهى تلف إليه ويديه ما زالت تحيط بخصرها فقالت بعفوية:-

-فى حياتنا، فى كل عمرى اللى فات متوقعتش أن دا يكون شكل حياتي بس أن جيت للحق الواقع والغيب طلعوا أجمل بكتير مما أتخيله، ربنا كان شيلي الأجمل والأحلى ودايمًا نعمه عليا وخياره أفضل من خيارى بكتير، أنت كنت فوق كل خيالي وأحلامي وحرفيًا ان كل شوية بحمد ربنا وبشكره على رزقه ليا بكِ، كأنه أخذ مني الأهل والأحباب عشان يعوضني بك أنت

رفع “نوح” يده إلى وجهها يداعبه بأنامله ثم فتح سبابته ليضع خصلات شعرها المُتطايرة مع نسمات الهواء البارد ووضعهم خلف أذنها ثم قال:-

-لو سألتني جبل ما أجابلك كنت جولتلك أنى عمري ما كُنت هغلط غلطة نادر أخويا وأتجوز بنت مصرية لكن أن جينا للحج الموضوع مكنش فى بنت الصعيد وبنت القاهرة الموضوع كان فى قلوب ربك بيولفها على بعض ويسكن العشق فيهم، وأنا قلبي سكنه عشقك يا عهدي حتى لو كنتِ شخصية تانية غير اللى أنتِ عليها، ما دام أنتِ نصيبي وقدري هتفضلي نصيبي وقدرى مهما فرقتنا مسافات وبلاد، هنتقلب بأى شكل وأى صدفة عشان بس أحبك وتبجي مرتي وأم عيالي دا قدرنا المكتوب يا سلطانة قلبي وحبيبة عمرى كله

لم تجد كلمة توفي أو توصف شعورها الآن بعد أن سمعت كلماته وتسارعت نبضاتها بقوة متراقص قلبها العاشق على ضلوعها القوية لتكتفي بعناقه بقوة وتهمس فى أذنه قائلة:-

-أنا بعشقك

تبسم وهو يتشبث بها كالوبر فى القماش وقال بحب:-

-وأنا بموت فيكِ



____النهــــــايــــة____

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close