اخر الروايات

رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل الثالث عشر 13 بقلم نور زيزو

رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني الفصل الثالث عشر 13 بقلم نور زيزو

الفصل الثـالـث عشر (13)
___ بعنـــــــوان “غـدر” ___

أنهت “عهد” حفلتها ونزلت عن المنصة ليقترب منها مجموعة من الطلاب يتصوروا معها بهواتفهم وبعد أن أنتهت من هذا ذهبت بأتجاه زوجها الواقف هناك بعيدًا عن ضجة الطلاب مُبتسمة بعفوية وسعادة ليأخذ “نوح” يدها ويسيروا معًا فقال “نوح” بعفوية:-
-مبسوطة

وضعت رأسها تستكين على ذراعه وهى تسير بصحبته وقالت بلطف:-
-جدًا يا حبيبي

فتح “نوح” باب السيارة من أجلها ثم صعدت للسيارة ليغلق “نوح” الباب وأنطلق بها دون ان ينتبه لهذه السيارة التى أنطلقت خلفه تراقبه عن كثب وكان مشغولاً بالحديث مع زوجته وهو يقول:-
-هتروح للدكتورة النهادرة

نظرت “عهد” على بطنها المنتفخة قليلًا وقالت:-
-لا بكرة أنا تعبانة أوى النهاردة وعايزة أرتاح

قالتها وهى تتكأ بظهرها على المقعد للخلف تسترخي بتعب، تبسم “نوح” بعفوية على زوجته المدللة وأخذ يدها فى قبضته ثم وضع قبلة على ظهر يدها بلطف تغمض عيونها بأستسلام وأرتياح كالسلام الذي يصيب الأهالى بعد نهاية الحرب وشروق الشمس بدفئها بعد ليل طويل بارد ونسماته فقالت بدلال:-
-نوح

نظر إليها رغم قيادته لتفتح عينيها وهى تدير رأسها إليه تتطلع به بحب يغمر قلبها ويجعله يتراقص كفراشة نالت حريتها وطير خرج من سجن الحياة ليحيا من جديد فقالت بهمس:-
-أنا بحبك يا نوح وبشكر ربنا فى كل لحظة أنى مراتك ومرات راجل صعيدى بجد، بيحب وبيخاف على حرمه المصونة ورغم كل حاجة دماغك مُتفتحة لكن فى حاجات بيعجبنى فيها تقفيلك وغيرتك المُتشددة ودلالك المفرطة، كأنك عارف كويس ترخى فى أيه وتشد فى أيه، ودى حلاوتك وسحرك يا نوح راجل بجد تخطف قلب أى ست وتخليها تعشقك حتى فى زعلك وعصيبتك وتشددك

تبسم “نوح” إليها وهو ينظر للطريق ثم قال:-
-الراجل بيكون راجل بجد وبيحس برجولتك لما بتكون وياه الست الصح، مش بس الست اللى لازم تختار صح والراجل كمان يا عهد لازم يختار صح، يختار اللى تكون له زوجة وأم وأخت وصديقة يستشيرها ويأخد برأيها، والست اللى تطلع الطفل اللى جواه وكأنه مراهق مهما كبر عمره

تبسمت “عهد” بلطف ثم قالت:-
-حتى فى كلامك بتخطف يا نوح

تبسم وهو يوقف سيارته أمام منزله فترجلت “عهد” أولًا لينطلق هو مُجددًا ليذهب إلى عمله وتدخل هى فرأت “أسماء” تستعد للخروج وهى ترتدي فستان أخضر بنصف كم وأسفله قميص أبيض بكم يظهر أكمام بوضوح فسألت “عهد” بفضول شديد:-
-على فين يا جميل

ضحكت “أسماء” وهى تضع الطرحة على رأسها وشعرها يظهر من أسفلها ومُسدولًا على ظهرها وهتفت قائلة:-
-هروح السوق مع مرت عمي

نظرت “عهد” على “سلمى” وقالت بهدوء:-
-ماشي يا جميل

صعدت “عهد” للأعلى حيث غرفتها مُنهكة من العمل وأختناق بطنها وطفلها بسبب ملابسها الضيقة..

_______________________

أنهت “ليلى” جمع الكتب من القاعة وظلت بأنتظار العمل حتى وضعوا كل الصناديق فى السيارة النقل لتغادر الجامعة وهى تتحدث بالهاتف مع “عطيه” وتقول:-
-أه خلصت، هموت من التعب والجوع

ضحك “عطيه على صوتها المُنهك ويظهر تعبها دون أن يراها ويشعر به فقال:-
-طب تعالى على البيت عايزك فى حاجة

سألته وهى تستقل سيارة الأجرة بتعب شديد:-
-حاجة أيه؟ عطيه أنا تعبانةبجد

تبسم وهو يقول :-
-أسمعى الكلام يا ليلى امال

أعطي السائق عنوان منزله ليأخذها إلى مكانه فدلفت للمنزل وفتحت “مريم” لها وكانت مُبتسمة بعفوية وحب مُرحبة بها وبوجودها وهى تقول
-أتفضلي

دخلت “ليلى” بهدوء وحرج شديد من وجودها بمنزله دون زواج فرأت والدتها تجلس أمام السفرة بجوار المطبخ وهو بداخل المطبخ المكشوف وكان يطهو الطعام فقالت “مريم” بمرح وهى تضع يديها على كتفي “ليلى”:-
-عطيه بيطبخ ليك بنفسه

نظرت “ليلى” إليه بحب وضربات قلبها تغلب تعبها وأرهاقها فظلت واقفة تحدق به ليقول بهدوء
-روحى أرتاحي يا ليلى وأنا خمسة دجائج وهحصلك

تبسم وهى تتكأ بيديها على المطبخ وتنظر عليه وهو يقلب الجمبري فى الصوص على النار مع القليل من الخضراوات لتقول “ليلى” بنبرة خافتة:-
-أنت بتطبخ فى العادة

رفع نظره إليها ورسم بسمة مُشرقة على شفتيه ثم قال:-
-لا بس لأجل عيونك أنتِ

تبسمت “ليلى” وهى تتكأ على ذراعيها بتعب شديد وقالت:-
-ممكن تحط ليا شوية شطة

أوما إليها بنعم ثم جهز الطعام وجلسوا يتناولوا الطعام معًا بصحبة والدته وهى ترمق “ليلى” بأستغراب شديد فجذب يد “مريم” بقوة نحوها ثم قالت بهمس:-
-مين البنت دى؟!

ضحكت “مريم” وهى تنظر إلى “ليلى” هذه الفتاة البريئة التى خطفت قلب أخيها ثم قالت بحب شديد:-
-دى خطيبة عطيه

عقدت والدتها حاجبيها وهى تقول بأستغراب أكثر شدة:-
-ومين عطيه دا؟

قهقهت “مريم” ضاحكة وهى تنظر على أخاها ووالدته لم تتذكر ابنها نهائي، انهوا طعامهم ووقفت “مريم” تنظف السفرة وجعلت “ليلى” تجلس فى الصالون ليأخذ “عطيه” كوباين من العصير الطازج وذهب إليها ليراها من ظهرها وهى تجلس على الأريكة فألتف حولها ورأها مُغمضة العينين وقد غلبها التعب والنوم وأستسلمت لهما فجلس جوارها وهو يترك الاكواب على الطاولة وحاول إيقاظها بلطف حتى لا تفظ:-
-ليلي.. ليلي

هزت رأسها بتعب شديد وتُتمتم بصوت مبحوح :-
-اممم

تبسم وهو يأخذ يدها بين راحتي يديه وقال
-جومي نامي فى اوضة مريم

لم تعقب على حديثه أو تُجيبه بل سقطت رأسها على كتفه بتعب أكثر لكنه شعر ببرودة يدها على غير المعتاد فأخرج هاتفه من جيبه ورن على هاتف أخته لتأتى “مريم” بضيق من اتصاله بها رغم كونهم فى منزل واحد وقالت:-
-أيه يا عطيه ما تنادي عليا بتتصل ليه؟

أشار لها بأن تصمت حتى لا تقظ “ليلى” من نومه لتصمت “مريم” وهى تنظر على “ليلى” النائمة على كتفه وتبسمت بخباثة تغيظ أخاها ليقول
-شوف يدها أكدة باردة

تلاشت بسمة “مريم” وهى تقترب نحوهما بقلق وأخذت يد “ليلى” فى قبضتها لتشعر ببرودها فوقفت “مريم” وذهبت إلى غرفتها وأحضرت جهاز قياس الضغط ووضعته بذراع “ليلي” ثم نزعته بعد قليل وقالت:-
-ضغطها واطي هبابة بس متجلجش هتكون زينة، أنا هديها علاج وخليها نايمة

شعر بالقلق حتى من أصابتها بشيء صغيرة وخافت ورغم أن اخته أخبرته أنه ليس بشيء يستدعي القلق لكنه عاشق يرتجف قلبه قلقًا وخوفًا على معشوقته حتى لو كان مجرد خدش، تردد كثيرة فى حملها ليأخذها إلى غرفته، يخشي أن يفعل شيء محرمًا فيعاقب عليه فيما بعد لكن بقائها على الأريكة كان ضد رغبته ليستلم للأمر الواقع وجعلها تستلقى على الأريكة وهو يسند رأسها براحة يده اليمنى ووضع أحد الوسادات الخاصة بالأريكة أسفل رأسها وجلس على الأرض جوارها بقلق يتأمل ملامحها بحب هائمًا بكل تفاصيلها وملامحها البريئة ليقول:-
-سلامتك يا حبيبتي

تركها وغادر ليحضر لها غطاء من غرفته ويضع فوقها ثم وقف من جوارها ليقول:-
-خلي بالك منها زين يا مريم

أومأت إليه بنعم لينظر على “ليلى” نظرة سريعة ثم ذهب إلي الخارج..

__________________________

فك “خالد” قيد يده بصعوبة وفر هاربًا بعد مشاجرة كبيرة بينه وبين رجال “نوح” وخرج من هذا المكان ليرى رجال “همام” ينظروا بسيارتهم فصعد معهم بينما وقف أحد الرجال المُصابين وأتصل بـ “نوح” يخبره بهروب “خالد” فخرج” “نوح” من المحجر غاضبًا فهو لن ينال أنتقامه من هذا الرجل الذي دمر الكثير فى حياته وحاول أذية وجته وطفله كثيرًا، صعد لسيارته وأنطلق غاضبًا لكنه ضغط على المكابح فجأة عندما رأي دراجة نارية على الطريق وهناك رجل من الواضح ان الدراجة النارية أنقلبت به فترجل من سيارته مُحاولًا مساعدة هذا المصاب لكنه لم يتوقع بأن يكن فخ له وقد وقع به، أقترب من الرجل وفور وصوله رأي الرجل يصوب مسدسه نحوه ليتوقف “نوح” مكانه ودهش من هذا ليشعر بأحد يأتى من خلفه وبدأ الرجال يظهروا من الظلام بعد أن صنعه الفخ له ليتلقي ضربة قوية من مؤخؤة المسدس على مؤخرة رأسه أسقطته أرضًا، ليتكأ على ذراعيه بأحكام فظهر “خالد” من العدم وكاد أن يضرب ظهر “نوح” بعصا حديدية على ظهره ليمسكها “نوح” ووقف وهو يضرب خالد بلكمة قوية فى خصره ليبدأ الرجال فى الهجوم عليه ولن يستسلم “نوح” لتهديداتهم، لكمة رجل بقوة فى فمه وأسقاطه فى المجرى المائي ثم التف ليستقبل رصاصة فى كتفه بغل شديد وحقد بيدي “خالد” الذي يسعى جاهدًا لقتله دون رحم فصرخ “نوح” بقوة من الألم...

_____________________

فزعت “عهد” من نومها بذعر شديد بعد أن رأت منامًا مُخيف وجلست على الفراش تلهث بأختناق كأنها لا تستطيع التنفس فوضعت يدها على صدرها بضيق شديد وبالأخرى ترفع شعرها للأعلى، نظرت بهاتفها وكانت الساعة العاشرة مساءًا لتستغرب تأخر زوجها فأتصلت به مرة وأخرى لكن بلا جدوي لا جواب يأتى لها وكان هاتفه فى السيارة وهو يصارعهم بقوة دون خوف، زاد قلق “عهد” بسبب تجاهله لأتصالاتها فنزلت من فراشها ووضعت الروب على جسدها وما زالت تكرر أتصالها به وهى تسير فى الغرفة ذهابًا وإيابًا بقلق يزداد فى كل مرة لا يُجيب عليها وبدأت ترتجف بخوف، شعرت بغصات فى قلبها لا تعلم ماهيتها أو سببها مما زاد قلقها فبدلت ملابسها سريعًا وأرتدت عباءة زرقاء وترجلت للأسفل وهى تفكر فى الخروج من المنزل بحثًا عنه لكنها توقفت بحيرة من قرار خروجها ليلًا هكذا وقد أصبحت الساعة الثانية عشر مساءًا..

______________________

أستيقظت “ليلى” ليلًا وجدت نفسها على الأريكة بمنزله نائمة وفوقها غطاء، نظرت للغطاء بحيرة ثم تبسمت على لطفه وأعتدلت فى الجلوس، رأت “مريم” جالسة على المقعد بجوارها وتقرأ كتاب لتقول :-
-صحى النوم يا جميل

نظرت “ليلى” لها بخجل شديد وقالت:-
-أنا نمت أزاى؟

تبسمت “مريم” وهى تغلق الكتاب ناظرة إليها ثم قالت:-
-ضغطك كان واطي هبابة بس متجلجش ظبط أنا قيسته من ساعة

تنهدت “ليلى” بحرج شديد من وجودها فى منزلهم لتقول:-
-أنا أسفة جدًا والله

وقفت لكى تغادر لتقف “مريم” بذعر وهى تقول:-
-أنتِ رايحة على فين؟ دا الساعة واحدة هتخرجي كيف

نظرت “ليلى” لها لتبتسم “مريم” بلطف شديد وقالت:-
-أنا أوضتى أول أوضة على اليمين أطلعى أرتاحي

نظرت “ليلى” لها بخجل شدي لتربت “مريم” على يدها فصعدت “ليلى” وحدها لترى “عطيه” يخرج من دورة المياة ويسير فى الرواق بعد أن أخذ حمام دافيء ويرتدي عباءة بيضاء وبدون عمامته لتخجل “ليلى” وهى تطأطأ رأسها فوقف “عطيه” أمامها وهو يقول بقلق شديد:-
-حاسة بأيه دلوجت؟

نظرت له بخجل:-
-أحسن

أقترب “عطيه” وهو يضع يده على جبينها ليشعر بدفء جسدها ولم يعد باردًا لكنها فى عالم أخرى داخل ضربات قلبها المتسارعة بسبب نبضاته القوية بسبب قربه هكذا ولمس جبينها بيده الباردة المبللة، أبتعد “عطيه” عنها وقال بدلال:-
-زين، أدخلى أرتاحي

سارت “ليلى” نحو الغرفة لكنها توقفت فجأة وقالت :-
-عطيه

ألتف “عطيه” لها قبل ان يدخل غرفته، نظرت إليه بقلق شديد ثم قالت:-
-أنا عايزة أتكلم معاك شوية

اومأ إليها بنعم ورحب لتجلس معه فى التراس العام وتخبره بما حدث فى حفل التوقيع لأنها تعلم أنه سيعلم من حديث أهالى البلد، أستشاط “عطيه” غضبًا وغيظًا من هذا الحديث وهذا الموقف الذي تعرضته له حبيبته ليقول:-
-أنتِ...

قاطعته “ليلى” قبل أن يصرخ غاضبًا بها أو يفقد أعصابه عليها تقول بلطف:-
-عطيه أنا كويسة وبخير ونوح جه فى الوقت المناسب والموقف دا خلاص عدي على خير لكن أنا بحكي لك عشان معرفش أخبي عنك حاجة وعشان متعرفش من برا وتضايق

تنهد “عطيه بأختناق وهذا الغضب قد تمكن منه وانتهى الأمر لتأخذ “ليلى” يده بين راحتى يدها فنظر “عطيه” إلي يديها ولمستها الدافئة إليه ثم قالت بلطف
-أنا كويسة فعلًا

رفع “عطيه” نظره إليها ثم قال بحيرة:-
-معارفش أجولك أيه؟ أجولك مفيش شغل تاني واصل وتزعلي وتجولى أنى بهدم أحلامك وحياتك، ولا أجولك لا مفيش خروج من غيرى تاني ورجلى على رجلك وتجولى أنى بجيدك وبخنج حريتك، ولا أجول خلاص موجف وعدي ومهيتكررش تانى وأكبر دماغى

صمتت ولم تعقب على حديثه فأى حديث ستتفوه به سيخلق شجار بينهما وربما تترك منزله فى هذا الوقت المتأخر ليقول “عطيه” بهدوء:-
-جومي نامي يا ليلى

ظلت جالسة أمامه وتحتضن يده بيديها وبعناد لينظر إليها وهو يقول:-
-فى حاجة تانية؟

قوست شفتيها بحزن ووجه عابس ثم قالت بضيق:-
-مش هاين عليا اقوم وأسيبك وأنا عارفة أنك زعلان ومضايق

تحدث “عطيه” بجدية صارمة ووجه حاد:-
-متجلجيش أنا مزعلناش منك

ظلت كما هى مُتشبثة به وقالت بلطف:-
-بس زعلان ودا لوحده بيضايقنى ويقتلنى من جواه أنت عارف يعنى أيه تكون مضايق وزعلان، زعلك بيطول قلبى يا عطيه وطول ما أنت زعلان أنا كمان قلبي زعلان وبيتوجع لأنه بيحبك وبيحس بكل شعورك وإحساسك

تبسم “عطيه” بسمة خافتة ثم ربت على يدها بيده الأخرى وقال:-
-متجلجيش يا ليلي أنا مزعلناش وكفاية عليا أنك بخير وزينة

تبسمت “ليلى” بأشراق بسمة مُبهجة تنير عالمه وحياته ليقول ببسمة أكثر أشراقًا ودلالًا:-
-أنا كفاية عليا البسمة اللى كيف القمر دا، وحتى القمر غلبتيه يا ليلي فى قلبي

توردت وجنتيها خجلًا من حديثه الدافيء ونظراته التى تُسحر وتجعلها هائمة كأنها تسبح فى عالم العشق بمهارة دون توقف أو مقاومة...

_______________________

ظلت “عهد” واقفة فى ردهة المنزل والقلق يقتلها ويلتهم قلبها لم تحدث من قبل طيلة سنوات زواجها وتدق الساعة الرابعة فجرًا وهو لا يعود وتساءلت كثيرًا ماذا حدث لزوجها؟ ولما تأخر عن موعد عودته على غير المعتاد، دق باب المنزل بدقات ثقيلة فركضت نحوه بطمأنينة وفتحت "عهد" باب المنزل فجرًا لتُصدم بما تراه وزوجها مُلطخ وجهه بالدم والجروح وملابسه مُمزقة وتلقي رصاصة فى كتفه فتمتمت بصدمة:-
-نوح!!

تطلع "نوح" بملامحها ليستسلم للخمول والسقوط بين ذراعيها بعد أن عاد لمأواه بين ذراعيها وسكنه الرحيم لتصرخ "عهد" بهلع وهى تسقط أرضًا بيه من ثقل جسده على جسدها الضعيفة تقول:-
-نوح... نوح رد عليا، فتح عينك يا حبيبي

لم يستجيب لها بعد فقده لكل هذا الكم من الدم ومحاولته للهرب من هؤلاء الرجالة الذين غدروا به،
أخذته للمستشفى مع والده “علي” ووالدته وكان تراقبه عن كثب والأطباء يمزقوا ملابسه لأستخراج الرصاص لكنها لم تكن بالكتف تمامًا بل أوشكت على أختراق قلبه وقد نزف من الدماء ما يكفي لجعل حياته مُعرضة للخطر، وضعت “عهد” يديها على الحاجز الزجاجى ورغم يديها الملطخة بالدم التى نزفه بين يديها لكنها لا تكترث لشيء سوى حبيبها الموجودة على فراش المرضي وصدره عارى وهذا الطبيب يمزق فى جسده بالأدوات الطبية حتى أستخرج الرصاصة منه والدموع لم تتوقف عن النزول والذرف من جفنيها كالفيضان بدون توقف وجسدها يرتجف فزعًا فقالت بتمتمة خافتة:-
-متسبنيش يا نوح

رأت الطبيب وهو يصعق صدره بالصاعقات الكهربائية وجهاز أنعاش القلب لترتجف شفتيها كالزالزل الذي أقتحم جسدها وهى تراه ينتفض على الفراش بين أيادي هؤلاء الأطباء، خرج الطبيب لها بعد أن عالج جروحه وقال
-خير أن شاء الله وهو هبابة وهيفوق

دلفت “عهد” إليه للغرفة بخوف أحتل قلبها، جاء “نادر” ركضًا بزى العمليات بعد أن سمع بما حدث ليرى “أسماء” تقف مع “سلمى” تربت على كتفها بهدوء وهى جاهشة فى البكاء على ابنها ولا أحد يعلم من فعل به هذا، سأل “نادر” بقلق:-
-حصل ايه؟

أجابته “أسماء” بنبرة هادئة:-
-فى حد أتهجم على نوح ولد عمى وضربه بالنار

نظر على الغرفة بدهشة وهو لا يصدق أن أحد فعل هذا به ليراه فاقدًا للوعى و”عهد” زوجته جالسة بجواره وتتشبث بيديه كطفلة صغيرة باكية وكأنها ظلت طريقها وحدها وتبحث عن والدها، نادته “عهد” بضعف شديد خوفًا من فقده:-
-نوح..حبيبي رد عليا الله يخليك

أتاها صوته المبحوح وهو يضغط على يدها المتشبثة به قائلًا:-
-يا سلطانتي

تبسمت بحماس وفرح شديد وهى ترفع يدها الأخرى تمسح دموعها بلطف وتقول بسعادة:-
-نوح

فتح عينيه بتعب شديد وهو يُجيب عليها بخفوت وصوت مبحوح:-
-أطمني يا عهد أنا زين أهو

-مين اللى عمل فيك كدة؟
سألته بخوف وفضول شديد من الفاعل ومن يملك الغضب لزوجها حتى يفعل به هذا ويجعله طريح الفراش ويصارع الموت بينما أغمض "نوح" عينيه بتفكير شديد قبل أن يبوح لها وللعائلة بأفعال "خالد".....

يتبـــــــــــــــــع....


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close