اخر الروايات

رواية وسقطت الاقنعة الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم سهام صادق

رواية وسقطت الاقنعة الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم سهام صادق 

الــفــصــل الــثــــالــــثــــ والأربـــعــون
******************************

أخترقت الكلمه حواسه ، فزلزلت كيانه الصلب ..كيان اخفي خلفه ضعف وماضي مازال ينهش بقلبه كلما تذكره
لتأتي صورة بكاء خالته عندما توفي والديه
مازال حضنها وبكائها وهو بين ذراعيها يقتحمه رغم مرور الأعوام
حتي صوتها مازال صداه بعقله " لقد رحلوا زين"
سيل من الذكريات اصبح يسير امام عينيه ..يري اولاده يُعانون مثلما عاني .. اولاد تمناهم بالفعل سواء من رحمه او منها هي خاصة ولكن عقدته مازالت مُسيطره عليه
عقده وخوف لم يتجاوزه الزمن
واغمض عيناه علي سماع صوتها الدافئ : زين انت فرحان مش كده
وتابعت بصوت يملئه الفرح : انا مش مصدقه نفسي هكون أم .. عارف عايزاه يكون شبهك نفس ملامحك وحنيتك
واكملت بأنفاس متقطعه : لو طلع ولد هسميه حمزه علي اسم اخويا الله يرحمه
وفتح عيناه ليُطالعها ..فوجد سعاده تلمع بعينيها جعلته يلعن غبائه
وابتسم بوهن بعدما نهض من جانبها : مبرووك !
كلمه واحده قالها وانصرف سريعا بعدها ..
فوقفت تهتف بأسمه وهي لا تستوعب شئ : زين
رددت اسمه طويلا ولكنه لا يُجيب ..
وركضت خلفه.. ولكن كان اسرع منها فأخذ سيارته وانطلق سريعا بها حتي ان سائقه وقف يُطالع مشهد انصرافه بقلق
وجلست علي الدرج الخارجي الرخامي للمنزل وهي شارده
لا تفهم شئ .. وتذكرت نظراته القاتمه نحوها منذ قليل
فلم يكن زين هو من يُطالعها لم يكن الرجل الذي احبته وعشقته ...من رأته كان رجلا غامضاً يُغلفه عالم مظلم
ووضعت بيدها علي بطنها وهي لا تُصدق بأن فرحتها قد ضاعت وان المشاهد التي صورها لها عقلها لم تكن سوي حلما وخيالا صورته هي لنفسها ..
لا تنكر انه هنئها .. ولكن هل تلك التي قالها تُسمي تهنئه
وهل ملامحه تدل علي ان الخبر اسعده
ذلك الخبر الذي دخلت عالمه بسببه ... ان تنجب له طفلا كما اخبرتها رحمه
وكما اخبرها هو في اول لقاء بينهم
.................................................................
وقف بسيارته وهو لا يقوي علي تحمل نظراتها التي تقتحم عقله وهي تُخبره بخبر حملها .. وعندما تذكر صوتها وهتافها بأسمه وركضها خلفه خرج من سيارته لعل برودة الهواء في ذلك المكان الخالي تُطفئ صراع مشاعره
مشاعر لم يعد يفهمها ... هو يُريد أن يكون أبً ولكن خوفه من الرحيل كما رحل والديه يجعل الالم يغزو قلبه
وتنهد بيأس من افكاره اللعينه وشعر بأهتزاز هاتفه داخل جيب سرواله ..ونظر الي المتصل ليجدها هي
فأغلق الهاتف وهو يزفر أنفاسه بصعوبه
................................................................
جلست علي فراشها بأنهاك ويأس .. وهي تنظر الي هاتفها بخيبة أمل ..فقد اغلق الهاتف وتركها سجينة افكار لعينه تدور بخلدها
واسئله كثيره تدور داخلها
هل لم يحبها زين .. هل كان يراها مجرد رغبه مؤقته ولا يريد ان يربط اسمه معها بأولاد ؟
وتنهدت بأنفاس مضطربه .. ودون ان تشعر سقطت دموعها
دموع عجزها وهي لا تفهم شئ
وصرخت : ليه مفرحش ، ليه سبني ومشي من غير ولا كلمه
.................................................................
أخذ يُشاكسها بحب كي يُلهيها عن الهبوط لأسفل قبل الموعد المحدد ... وعندما شعر بأحمرار وجنتيها ..ضحك بقوه : مش معقول ياليلي لحد دلوقتي بتتكسفي ..ده مجرد كلام ياحببتي .. واشار الي بطنها وهتف بمكر :
اللي بينا بقي اكبر من كده
وحك ذقنه قليلا .. ليشعر بقبضة يدها علي صدره وهتف بألم مصطنع : بقيتي مفتريه ياليلي ، وايدك تقلت
فضحكت وهي تستعرض عضلات ذراعيها أمامه :
احم ،عشان تعرف بس ان بقي عندي عضلات
وتعالت ضحكاته ..وهو يراها برونق جديد غير هدوئها المعتاد : زوجتي الهاديه الرقيقه ..بقي عندها عضلات
يالها من صدمه
وأبتسمت وهي تراه يتحدث بتلك الدرامه : بتعلم من سليم
واقترب منها أكثر وطاوق خصرها بذراعيه : انتي وسليم لازم افصلكم عن بعض
وضحك وهو يتذكر ذلك المشهد الذي مازال عالق بذهنه ..رغم مرور اسبوعاً عليه
وتخيل هيئتها وسليم يسحب بيدها نحو مياه البحر ..وكلما لامست قدميها المياه ارتجفت وعادت للشاطئ ثانيه
حتي ملّ سليم وذهب يسبح بجواره ..وهي جلست علي الرمال تبني بيوتا رمليه كالأطفال
وعندما علمت سبب ضحكته .. وكظته بذراعه
وتنهد وهو يحتوي جسدها بذراعيه : بس كانوا احلي يومين
وداعب وجنتها بأحد كفيه : لولا وجود سليم ..واشار الي بطنها
وتابع : وتعليمات الدكتوره ..كنا عملنا شهر عسل من اول وجديد
وهمس بمكر: كانت احلي ايام ..
وشرد في تلك الليالي .. وعندما لاحظ ارتباكها ..بدء يُذكرها بأدق التفاصيل حتي شعرت بالدماء تتدفق في جسدها بأكمله
ولم تجد شئ تفعله سوي دفعه بعيدا عنها لتضع بيدها علي اذنيها : بس كفايه ..انت مابتصدق تكسفني
فضحك بأستمتاع وهو يراها هكذا : بصراحه اه ..بستمتع وانا بشوفك مكسوفه ووشك شبه الطماطم
وتابع وهو يتفحصها بنظرات ماكره : انا مش عارف امتي هيروح خجلك ده ...
وغمز بأحدي عينيه وهو يتأمل ملامحها الرقيقه الهادئه : اكيد لما نعمل شهر عسل جديد
واقترب منها : ماتيجي نعمل شهر عسل جديد ياليلي
وابتسم وهو يراها تبتعد عنه ثانية حتي وصلت لحافة الفراش ،فحرك حاجبه بمشاكسه : ها ايه رأيك
وانفجرت ضحكاته وهو يُحدق بها وهي تنهض من فوق الفراش : لاء ، انت اكيد النهارده مش في حالتك الطبيعيه
وكادت ان تمسك بيدها مقبض الباب ..كي تهبط لاسفل
لحقها وهو يُتمتم بخفوت : رايحه فين ياحببتي
وقرص وجنتيها بخفه ونظر الي ساعه يده ليجد الوقت قد اقترب وزفر انفاسه الدافئه بوجهها : عايزاني اسيبك تطلعي
حركت رأسها بخجل : ياريت
وأبتسم وهو يُشير نحو شفتيه : ادفعي بقي
وداعبت بيدها أزرار قميصه .. ورفعت بقدميها كي تتشبث بعنقه وأقتربت منه ببطئ قد أذابه وهمست : غمض عينك
فتنهد بحراره وأغلق عيناه بالفعل ..وبدل من أن يشعر بقبلتها شعر بدفعها له .. وركضت من أمامه تفتح الباب وتضحك علي خداعه
ليقف في وسط الحجره يحك فروه رأسه بأحباط .. ولمعت عيناه وهو يتذكر تلك المفاجأه التي اعدها لها وسبب مُحاصرته لها .. فركض خلفها وهو يهتف : ليلي ، استني
...................................................................
فتحت عيناها وأغلقتهما وهي لا تُصدق ماتراه وشقهت بصوت خافت ويدها علي فمها ... ودارت بعينيها في أرجاء المكان الذي يضم العديد من ماكانات الخياطه ..
كان المكان عباره عن مشغلا صغيرا دوما ماحلمت به :
المكان ده بتاع مين يامدحت
فطالعها ذلك الواقف علي أعتاب الباب وقد عقد ساعديه وابتسم وهو يقترب منها : بتاعك يافاطمه
وقبل ان تسأله كيف أتي بالمال ليتحمل تكاليف ذلك المكان ..هي تعلم انه يحصل علي راتب محترم من عمله ولكن : ديه هديه زين باشا لينا ..لما عرف انك بتحبي الخياطه
حب ان يساعدك
وتنهد وهو يشعر بالأمتنان نحوه : الراجل ده رغم قوته وجبروته ..بس جوه خير كبير ومنساش ابدا اصله
وتنهد وهو يخبرها بما يعرفه عن سيده :
كان فقير ..متولدتش لقي نفسه في العز
وابتسم وهو يُطالع نظراتها للمكان : المهم المكان عجبك
فأخذت تدور بعيناها حولها واقتربت من الماكانات التي يبدو عليها اصدارها الحديث : عجبني بس ده انا هموت من الفرحه ..متعرفش انا اد ايه بحب الخياطه
ونظرت لعدد الماكانات : انا هدور علي بنات وستات محتاجه مساعده وهعلمهم الخياطه واشغلهم معايا..
وتذكرت حاتم وما كان يفعله بهم لكونهم فقراء يبحثون عن لقمة العيش ..فيستغل حاجتهم حتي يقعوا في مصيدته .. ولمعت عيناها بالكرهه والنفور لذكراها ..فهو من علمها ان خلف التقوي قناع قد ذاقت مرارته
ولكن "زين" ذلك الرجل الذي تسمع عنه انبل الكلام من زوجها ..قد حقق حلمها اليوم دون ان يظهر حتي في الصوره
ليحصل علي كلمة شكر يسعي اليها العديد حينما يفعلون الخير.. ولا يعلمون ان مايفعلونه من عطاء يفعلوه ليس الا احتياج لدوام نعمه اعطاها الله لهم عن غيرهم
وابتسمت برضي وهي تسمع صوت قلبها وهو يُخبرها
ان الخير مازال حتي لو ضئيلا يُكمن في نفوس البشر
وليست كل الوجوه مثل بعضها ...
وشعرت بأنفاس مدحت القريبه منها .. وهنا علمت اجابه أخري .. انها اكثر الناس حظا رغم ماعانته ورأته
وان كهف ظلمتها قد فتح بعده ابواب من نور
...................................................................
عند أخر درجه من الدرج وقفت مذهوله من المشهد .. سليم وحسنيه والخدم وحتي معتز يقفون امام طاوله ضخمه تحمل العديد من أصناف الحلوي والكل يرتدي قبعات عيد ميلاد .. وتبدو انها من أفكار الصغير سليم الذي وقف في المنتصف امام موضع كعكه عليها شمعه واحده .. ولولا معرفتها بيوم مولد سليم لظنت بأنه عيد ميلاده .. ولكن لمن تلك الحفله
وألتفت برأسها نحو أياد الذي وقف خلفها علي الدرج يُطالعها ببتسامه هادئه .. وهبط بعض الدرجات التي تفصلهما :
كل سنه وانتي طيبه ياعمري
فعادت تُحدق بعينيها نحو الواقفين .. ثم ألتفت نحوه ثانية وهي تتذكر ان اليوم هو عيد ميلادها هي
وهمست بصوت ضعيف : الحفله ديه عشاني انا
فحرك رأسه ببتسامه دافئه ..ووقف أمامها
ليرفع يديها يُقبلهما بقبلات ناعمه ويتأمل عيناها التي لمعت الدموع داخلها : النهارده مافيش بكي مفهوم
وأمسك بيدها ليأخذها نحو الواقفين يُطالعونهم بأعين لامعه من السعاده .. وأنطفئت الأنوار فجأه .. لتشتعل أضائه خافته لا تعلم مصدرها وابتسم الصغير اليها بحب
فأقتربت منه تُقبله ووقفت جانبه كي تترك له مكان وقفته أمام الكعكه ..فهو سعيداً بذلك الوضع .. وشعرت بيد أياد حول خصرها واصوات غنائهم يعلو وقبل أن يهتفون بأن تطفئ الشمعه الوحيده تسألت بصوت هامس وهي تشعر بأنفاسه القريبه منها : ليه شمعه واحده حاطينها
وسمعت هتاف الصغير : يلا نطفي الشمعه ياليلي
ونفخت أنفاسها هي والصغير وبعدها قبلته علي خده
ليقفز من فوق المقعد الذي وقف عليه .. وركض من أمامها وقد أذهلها فعلته ولكنها ضحكت فهذا هو سليم دوما طفلا مُشاغباً
ووجدت أياد يسحبها لصدره ..وقبلها قبلتان علي خديها فخجلت : شمعه واحده لان عمرك هيتحسب من هنا ورايح وانتي معايا انا وبس
فأرتجفت من نبرته الدافئه التي دغدغت حواسها : هديتك هتاخديها واحنا لوحدنا
وابتعد عنها يغمز لها بأعين ماكره
وقد أشتعل وجهها خجلا .. وانشغلت في التهنئه والهدايا الجميله التي حصلت عليها .. وألتفت علي صوت الصغير وهو يهبط الدرج .. ويحمل بيده لوحه
واقترب منها ليعطيها اللوحه .. فشهقت وهي تري ملامحها مرسومه بعض الشئ .. فيبدو ان الصغير سيصبح رساماً عظيما حين يكبر
وطالعته بسعاده .. وأنحنت نحوه تُقبله بفخر : الله ياحبيبي .. ديه احلي هديه جتلي في حياتي
ولمعت عيناه وهو يُحدق بها بطفوله : بجد ياليلي
فضحكت .. وحركت رأسها بحنان : بجد .. ده أنا كمان هعلقها
أنشغل الجميع في تناول الحلوي .. ولكن عينان كانت تُتابع ذلك المشهد بعد أن أنسحبوا لبضعه خطوات كي يتحدثون
فربت معتز علي ظهر صديقه : كنت خايف علي سليم .. اه ربنا عوضه بأنسانه جميله زي ليلي
لم يكن يشعر بصوت صديقه وهو يثني عليها بكلماته
فقلبه اصبح يخفق بجنون وهو يراها تحتضن طفله وتُقبله تاره وتاره تمدح برسمته التي يعلم أنها طفوليه ولكن ليلي
الجميله بكل شئ تخبره بأنها أفضل رسمه رأتها بحياتها
وزفر أنفاسه وهو يرتشف من كأس عصيره وعيناه تلمع وهو يتأمل كل أنش بها ..حبها داخله يزداد يوماً بعد يوم
هي من أحيت قلبه ..بل واخذته
وتمني لو ان تنتهي الحفل سريعا ..ليصعد بها الي غرفتهما
كي يُعطيها هديته ويطفئ نيران شوقه ورغبته بها
...................................................................
خمسة أيام مرت علي رحلة سفره التي أتت فجأه .. وكل ماتعلمه عنه بعد ذلك اليوم البأس لا شئ ..حتي هاتفه لا يُجيب عليه ..ستنتظر قدومه حتي تعلم لما كل هذا
اهو يكره طفلهما القادم !..ام هو قد اشبع رغبته بها وقد انتهي الامر
وكادت ان تخونها دموعها .. ولكنها قبضت علي يدها بقوه حتي تتمالك نفسها ..وابتسمت بوهن وهي تستمع لزينب صديقتها وخديجه التي تؤدي دور الناصح
ووجدت يد خديجه تلوح امام وجهها : ايه يابنتي سرحتي في ايه
وغمزت لها بأحدي عينيها : مكنوش كام يوم دول اللي سافر فيهم ..ولا انتي اتعودتي ياخدك معاه
واكملت بدعابه : ركزي معانا بقي في قصة السيد فادي الامور
فوكظتها زينب بخفه وهي تُتمتم : بلاش تريقه لو سامحتي
وتابعت بهيام : من ساعه مارجع من رحلة لبنان وهو بقي حلو اووي
واكملت بأنفاس متقطعه : اووي ..اووي
ورغم بؤس حالتها ضحكت .. وضحكت خديجه معاها وهي تستند علي مرفقيها : وايه كمان
وتفيق تلك الحالمه من هيمانها : ها
واعتدلت في جلستها : انا حالتي بقيت خطيره مش كده
لتنظر اليها خديجه بتمعن ..ثم سلطت نظراتها علي الاخري الجالسه وكأنها ليست معهم .. وبعد نصائح وتحليلات دارت نحو الحاله التي تعيشها زينب
سلطوا الاثنان نظراتهم علي حنين التي أمسكت هاتفها
تعبث بالرسائل لعلها تجد رساله منه ردا علي رسالتها التي بعثتها منذ يومان
وتسألت زينب بحالميه : قوليلي ياحنين .. زين كان ردة فعله ايه لما قولتيله انك حامل .
فأبتسمت خديجه بمرح : هتقولك عادي
وتابعت بدعابه : وهتعملك فيها مكسوفه
كلماتهم كانت كالخنجر تدمي روحها ..فماذا ستقول لهم
هم يظنون بأشياء تمنت هي نفسها حدوثها ولكن لا شئ حدث سوي هجرانه لها
وابتسمت بشحوب وهي تستمع لرجاء زينب وتمتمت وهي تخفض رأسها نحو أيديها المتشابكه علي الطاوله : هيحصل ايه يعني ..رد فعله كان زي اي راجل عادي
فضحكت زينب وهي تنظر لخديجه : بتقولك
"زين نصار" ..زي اي راجل عادي
مزاح وثرثره أرادت ان تهرب منهما ..ولكن كيف وصديقاتها يُحاصروها .. فبدأت تقص عليهم ما نسجه خيالها وهي تكاد تبكي .. فلا حضن دافئ قد حصلت عليه ولا قبلة ناعمه علي جبينها ولا ابتسامه رأتها علي وجهه ولا يد وضعها علي بطنها كما تري بالأفلام وتقرء في الروايات
لا شئ غير كلمه واحده قد قالها "مبروك " وبعدها رحل
ومع كل كلمه من كلماتها كانت تري نظرات صديقاتها اللامعه من خيال هي صنعته كي ترضي شغفهم
..................................................................
وقف عاري الصدر في شرفة الفندق الذي يقيم فيه يزفر دخان سيجارته بشرود ..اشتاق اليها بجنون
ولكن رحلته تلك جائت كالنجده اليه ... فالصفقه الجديده كانت لن تتم الا بوجوده
ولمعت عيناه بألم وهي يتذكر خيبتها عندما انتظرت منه فرحته
لحظه دمرها ماضيه اللعين ..
هو سعيد بالفعل ..فالمرأه التي أحبها تحمل في أحشائها طفله
ولكن كان لابد ان يهرب قليلا كي يعود كما تراه دوما زين رجلها العاشق .. زين دون قناع يغلفه الجمود والقسوه
هي وحدها من ازالت عنه القناع واعطته مشاعر لم يعرف معناها يوما.. كان رجلا يشبع رغبته فقط ولكن معها تعلم ماهو الحب وما يصنعه ...ومعها عاد لحياته القديمه التي أفتقدها وسط هذا الثراء والنعيم الذي أصبح يعيشه
..................................................................
أبتسمت رحمه بسعاده وهي تراه ينتظرها أسفل البنايه التي تقطن بها .. وتقدم نحوها بهيئته المُهندمه الجذابه
وطالعها بعمق ..كانت فاتنه بزينتها التي اجادت وضعها وخصلات شعرها الطويله وجسدها الممشوق ...أمرأه تخطف الأنفاس وقد خطفت أنفاسه
ومدّ يده نحو يدها ورفعها نحو شفتيه ..ليطبع بقبلته هامساً بصوت اذابها : طالعه تخطفي العقل
فأبتسمت بسعاده وهي تري كم اصبح يُعاملها برقه ...بل ويثني عليها بكلمات تُداعب أنوثتها فهو ليس كما شبهته برجل الجليد هو بالفعل رجل رائع يستطيع ان يسلب اي امرأه عقلها
وتنهدت بصوت ناعم : انا كنت ممكن اروح حفلة العرض لوحدي ، مكنش في داعي تيجي تاخدني وتتعب نفسك
وصعدت السياره ..ليصعد هو الأخر وألتف نحوها :
الجمال ده كله مينفعش يروح الحفله لوحده
فأرتبكت وهي تستمع لمدحه .. وداعبت خصلات شعرها بيدها وهي تتأمله ولا تُصدق ان هذا الرجل هو " عمر " الجراح الذي ظنته لا يملك قلباً
وتسألت : انت أتغيرت كده ليه
فأبتسم وهو يُطالع نظراتها وتسأل ضاحكا قبل ان ينطلق بسيارته : انهي عمر اللي عجبك القديم ولا ده
وعندما صمتت
تابع بمرح لم تُصدق انه يمتلكه : انا بقول أرجع عمر القديم .
وضحك وهو يسمع عبارتها : ارجوك بلاش
وضحكت بعدها .. ليُطالعها بطرف عينيه واول حصونه بدأت تُهدم
...................................................................
ضحكت زينب بأستمتاع مع بعض زملائها
في استراحة عملهم
كانت تتمتع بروح فكاهيه ومرح لأول مره يلاحظه فيها
ومع كل رشفه كان يرتشفها من فنجان قهوته .. كان يختلس النظر اليها بهدوء
وحرك رأسه برفض وهو لا يتحمل فكرة ان يُحب مره اخري ..فحبه لرحمه علمه ان لا للعشق بحياته
كما انها موظفه وهو مديرها حتي انها ليست المرأه التي يتمناها ..هي حنطية البشره جسدها نحيلا ليس به أي فتنه تُجذب أعين الرجال سوي ضحكتها وغمازتها التي تحتل خدها الايمن
وعندما شرد بضحكتها ..كان لا يعلم بأنه يقع في حبها دون شعور ...يقنع عقله بالرفض فيخبره قلبه بأنه احمق
يُحاربه بأن لا يقع بالحب مجددا
ولكن هو يصرخ : اريد ان اعود لأنبض مرة اخري
ونهض بجمود ..ليسير امامهم بخطوات سريعه عمليه .. وعندما لاحظت رفيقتها نظراتها نحوه :
السيد فادي بعد رحلته من لبنان بقي حاجه تانيه خالص ،
تفتكري ايه اللي اتغير فيه
..................................................................
نظرت الي هاتفها بعد ان أنهت محادثتها مع والدتها .. فوالدتها منذ ان علمت بخبر حملها وكل يوم تُهاتفها لتُخبرها أنها تتمني ان يكون حفيدها ولداً وتُسميه علي اسم أخيها حمزه... ودمعت عيناها فالبكاء هذه الأيام اصبح رفيقها
وشعرت بأهتزاز هاتفها بين يديها .. فتأملت الرقم
فكان رقما دوليا .. فأبتسمت وهي تمسح دموعها وظنت بأنه بالتأكيد زين يُهاتفها من رقم اخر
ورقص قلبها وكادت ان تهتف بأسمه الا ان صوت مألوفاً
جائها : ازيك ياحنين
هذا الصوت لن تنساه يوماً ..فقد كانت رحمه
وشعرت بوجع يقتحم قلبها .. وهي تظن بأن رحمه بالتأكيد عادت لزين والان تتصل بها لتخبرها بأنها الفائزه وانها سترحل عن عالمهم حينما تلد الطفل كما اخبرتها قديما
وهتفت بصوت مرتجف : رحمه
ليأتيها صوت رحمه الهادئ : انا أسفه ياحنين علي كل حاجه عملتها بحقك
وضحكت بألم عندما تذكرت ما مضي : أعذريني الغيره ممكن تقتل الواحد
وتابعت وهي تتذكر عمر : بس انا دلوقتي صدقيني اتغيرت وحبيت اعتذر منك ..اللي فات صفحه وانتهت وانا بتمنالك السعاده من كل قلبي بجد وبقولك انك محظوظه
واكملت بحب ..فمهما مر فهي لن تنسي زين ..فرجلا مثله لا يُنسي وكيف تنساه وكل ماهي فيه الأن بفضله ..غير انه دوما سيظل بطلها : وسط عالم زين وكل الستات اللي حواليه ..محبش غيرك انتي
وضحكت وهي تُتابع بمزاح: مع انك مش شبه .. بس سبحان الله الاسد والعصفوره
وعندما لم تجد رد منها ..أكملت بندم : انا ندمانه علي كل لحظه جرحتك فيها .. وعايزه اقولك ان لولا دخولك حياتنا مكنتش حياتي انا كمان اتغيرت
" انتي كنتي بدايه مرحله جديده من عمري "
لم تفهم مغزي حديثها ..فأكملت رحمه ضاحكه : أكيد دلوقتي مش هتفهميني
وأبتسمت وهي تستمع لحديث من كانت خصمها في البدايه .. وتنفست بعمق : رحمه ..زين ليه اتجوزني
فجائها صوت رحمه الضاحك .. ورغم ضيقها الا انها انتظرت اجابتها التي جعلت قلبها يخفق : لانه كان عايزك .. وتابعت وهي تتذكر حماقتها يوم ان قررت ان يتزوج من اجل الانجاب .. فكرة سخيفه بسبب غرورها ولكن كل شئ لم يعد سخيف ..ففي النهايه اللعبه كانت لعبة القدر :
يوم ما طلبت من زين يتجوز .. كنت فاكره ان عمري ماهخلف ..وحبيت محرمهوش من النعمه ديه وعشان عارفه ان زين عمره ماهيحب اي ست ويوم ما هيحب أكيد هيحبني انا
وابتسمت بمراره واكملت : كنت مغروره بجمالي .. ظنيت ان جمالي هو سلاحي القوي .. بس زين الراجل الخالي من اي مشاعر حب ويوم ماحب محبنيش انا زي ماكان شيطاني مصورلي ..
وتنهدت بأنفاس مضطربه عبر الهاتف : هحبك انتي واختارك انتي معرفش امتي حبك .. بس هو من البدايه كان عايزك .. وفكرة الخلفه ديه عمرها ماكنت من تفكير زين
اكيد يوم ما قالك في البدايه انه عايزك عشان الفكره ديه كان مجرد ظهور لقسوته ..مش اكتر
أستمعت لكل تلك الكلمات وقلبها ينبض بعنف .. تشتاق اليه بجنون .. تلك المشاعر التي عاشتها معه بالتأكيد لم تكن كذبه ولكن تُريد سبب لرحيله
لتأتيها الأجابه : زين عنده عقده ان يكون ليه اطفال ، ويموت زي اهله يمكن ده السبب اللي علاقتنا استمرت بسببه لسنين من غير ما فيوم يطلب مني اطفال ..
فأهتز الهاتف من بين يديها ..وهي لا تُصدق ان زوجها دمر فرحتهما لذلك السبب ..
وقبل ان تودعها رحمه وتغلق معها ..فذلك الحديث قد أنهكها ..هتفت : رحمه انا مسمحاكي ، وبيتي هيفضل طول عمره مفتحولك .
...................................................................
اليوم هو فرصتها التي خطت لها منذ اسبوعاً ..ونظرت الي صديقتها وهي تُغادر مع ابنتيها لبيت والديها من اجل قضاء اليوم لديهم ثم الذهاب لحفل زواج ابنة عمتها وستعود لتبيت في بيت والديها
وتنفست براحه وهي تتذكر هاشم وتعد أسلحتها القويه لأيقاعه من جديد ..فبالتأكيد هاشم مازال ضعيفاً نحو شهوته واذا رأها
وعندما تخيلت ماسوف ترتديه له .. أبتلعت لعابها وشعرت بجسدها يآن نحو رغبتها به القويه
ونظرت لهاتف المنزل واعادت الكلمات التي ستُلقيها عليه حينما يأتي الموعد المحدد .. فلابد ان تعد لتلك الليله ..فالوقت مازال معها
...................................................................
أنهت جلستها ولكن اليوم لم يكن أحد ينتظرها .. فطارق قد سافر من أجل شركته الجديده التي شارك بها صديقه ..
وسيأتي بعد أشهر كي يتزوجوا وترحل معه .. ابتعاده هذا جعلها ترتاح قليلا ..فهي تُريده عندما يعود يجدها أمرأه قويه وليست مُحطمه ..
وغادرت البنايه التي بها العياده الخاصه .. واتجهت نحو أحد الأرصفه كي تنتظر سيارة اجره
وسمعت صوت تألفه : يامحاسن الصدف
فرفعت عيناها نحو ذلك الواقف أمامها : مسعد
وشعرت بأرتجاف جسدها .. رغم انها تمتن له بالكثير الا انه يعيد لها ذكريات ماعاشته
فأزال نظارته السوداء عن عينيه .. وابتسم وهو يري خوفها : هو انا شكلي بيخوف ولا ايه ..!
وتابع بأستهزاء : ليه كده بس ده احنا حبايب حتي
فتنهدت بيأس .. وحاولت ان ترسم أبتسامه علي وجهها
وتفحصها للحظات وهو يلوم نفسه بأنه تركها تعود لحبيبها ولكن هو لا يُريدها ان تدخل عالمه القذر فقد أحبها كما أحب " ورد "
وابتسم ساخراً: شايف انك تجاوزتي كل اللي مريتي بي
وأكمل وهو يضع بيديه في جيب سرواله : اظاهر ان الحب بيعمل فعلا المعجزات
فأبتسمت بوهن وبخوف وهي تري نظراته وكلماته الساخره
وارادت ان تهرب من أمامه ولكن تذكرت ان هذا الرجل رغم مافيه الا انه يستحق شكرها : انت راجل طيب يامسعد
وانا لو فضلت عمري كله أشكرك علي اللي عملته ..مش هوفيك حقك
وتشبثت بحقيبتها لعلها تستمد قوتها منها :
اوعدك اني هدعيلك ديما ...هو ده اللي أقدر اقدمهولك
وأستدارت بجسدها لتنصرف بعد ان شعرت بالذكريات اللعينه تعود اليها مجددا
اما هو وقف يُطالعها بأعين قاتمه وزفر انفاسه قبل ان يذهب لسيارته وتمتم ساخراً: هتدعي لشيطان
...................................................................
ترجل من سيارته بلهفه .. بعد ان هاتفته لمياء بأنفاس متقطعه باكيه تُخبره ان طليقها جاء اليها هنا وأقتحم الشقه
فأغلق معها وهو يلعنها .. ويلعن زوجته الغبيه التي ابقتها في منزلهم ..وظل يدق علي هاتف زوجته كي يُخبرها بما حدث لصديقتها المُحبه لقلبها "لمياء" ولكن لا رد
وفتح الشقه بأنفاس لاهثه وهو يظن بأنه ينتظره كارثه بداخل الشقه
ولكن الشقه كانت هادئه .. فتنفس بأرتياح وهو يتمني ان تكون رحلت وتمتم بأمل : ياريت تكوني مشيتي وغورتي ياشيخه
واردف داخل حجرة نومه .. وكانت الصاعقه لمياء تقف في منتصف الحجره ترتدي او بالفعل لا ترتدي
وجف حلقه وهو يُطالعها .. واغمض عيناه وهو يهتف بضيق : انتي ايه اللي مهبباه في نفسك ده .. وفين طليقك اللي كان هنا
فأقتربت منه وهي تتباطأ بخطواتها .. وشعر بأنفاسها قريبه منه وعانقته بدلال : هاشم
ففتح عيناه وهو يشعر بشيطانه يعود مجددا .. وزفر انفاسه بأضطراب ..وكاد ان يقع اسير شهوته ..الا ان صورة هبه جائت امام عينيه فدفعها بقوه : مش عايز اشوف وشك هنا تاني سامعه ..واطلعي من حياتنا لأدمرك يالمياء
وألتف بجسده كي يرحل ..الا انها اعتدلت سريعا وركضت خلفه : هاشم ... استني لدرجادي مبقتش اثر فيك
.................................................................
زفرت انفاسها بضيق وهي تفتح باب شقتها .. وتنهدت : غبيه ياهبه يعني لسا فاكره تفتحي شنطتك عشان تشوفي الهديه اللي هتقدميها للعروسه
واكملت حديثها لنفسها : كويس ان مروحتش القاعه قبل ما اكتشف اني نسيت الهديه في الشقه
وتسألت بقلق : هي لمياء فين ..امم اكيد خرجت زي ماقالتلي
واقتربت من حجرتها ..لتقف مصعوقه بما تسمعه
صديقتها وزوجها ..
وتنفست بصعوبه وهي تضع بيدها علي بطنها : هاشم
هي لما تشاهد سيارته بالأسفل بسبب لهفتها لما جائت اليه
وسمعت صوت صديقتها وهي تترجي زوجها : هاشم انا مستعده اكون عشيقتك ..وهبه مش هتعرف حاجه
ليهتف هو بغضب : انتي واطيه يالمياء ...واحقر واحده شوفتها في حياتي
فتابعت بغضب : انا مش عارفه انت بتحب فيها ايه ..ايه فيها عني ..زمان فضلتها عليا ودلوقتي برضوه مش شايف غيرها ..
فأدمعت عيناها وهي تسمع حديث صديقتها عنها .. وهي من فتحت لها بيتها وأتمنتها علي أسرارها وكانت تأخذ منها النصائح .. وشعرت بوجع اسفل معدتها
وقبل ان تصرخ من الألم سمعت صوت هاشم : عارفه ليه فضلتها عنك لانها اطهر واشرف أنسانه .. لو فضلت عمري كله أعوضها بحبي ليها وعلي اللي شافته معايا عمري ماهوفيها حقها ..
وألتف بجسده كي يترك الغرفه وينصرف من الشقه بأكملها
فوقف مصدوما وهي يري زوجته تضع بيدها علي بطنها
ودموعها تتساقط علي وجهها تتألم بضعف : ألحقني ياهاشم !
...................................................................
وقفت السياره امام مزرعته التي لأول مره تراها .. فكل مافعله عندما جاء من سفرته بعث لها السائق ليجلبها هنا
وخرجت من السياره قبل ان يصل اليها السائق ليفتح لها الباب .. ورغم جمال المزرعه الا ان مايدور داخلها لا يجعلها تستمتع بأي شئ حولها
وصعدت الدرجات القليله نحو الباب الكبير المفتوح
وأردفت داخل المنزل العصري الفخم .. الذي يحتوي علي طابقين
وصارت بخطوات هادئه وهي تبحث عنه بعينيها ..حتي وجدته يخرج من غرفه يبدو بأنها حجرة مكتب خاصه به
وساد الصمت للحظات بينهم .. وكل منهما يُطالع الأخر بأنفاس يُغلفها الشوق .. فتأملته بأعين عاشقه
كان يقف بجسده الشامخ ..يرتدي قميص أبيض نصف أزراره العلويه مفتوحه
وأقترب منها وهو يري شحوبها ..وكلما خطي خطوه كانت تتذكر مافعله بها وبقلبها
وأصبحت المسافه بينهم منعدمه .. وكاد ان يضمها اليه


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close