رواية عندما يتكلم الحب الفصل الثالث 3 بقلم منار الشريف
في عتمة ليلٍ هادئ، تختبىء الرومانسية والحنين في أعماق القلوب دخلت حاملاً في يدي باقةً من الزهور البيضاء ترقص مع نسمات الهواء اللطيفة، تحت ضوء القمر فرأيت وجهها الجميل يتمتم في نومٍ هنيء، اقتربت بهدوء مبتسمًا ووضعت الوردة البيضاء قرب رأسها تاركًا نجواها يخبرها عما في صدري، أذعنت أنفاسها الناعمة لعبق الوردة، وتوضأت في بحر الاحساسات التي غزاها جسدت اللحظة الرومانسية تلك قصّة حب صغيرة، تتركزُ فيها مشاعرنا العاطفية بين الأزهار وسحر الليل.
منار الشريف 🌺❤️
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
+
في ذلك الوقت كان القمر متسلل خلف الغيوم المظلمة، يُنير الغرفة بضوء خافت تلاشى معه ظلمة اللحظات السابقة وتحولت إلى هدوء غامر ومع ذلك لم يغادر القلق قلب جاسر فقد شعر بترقب داخلي ينمو داخله عندما أدرك حقيقة غيابها، فحاول تجاوز ذلك مؤقتًا وأخذ يتجول في الغرفة بابتهاج لم يكن هناك أي أثر لها بل كأنها لم تكن قد مرت من هنا أبدًا، ولكن هل كانت كلماتها مجرد تخيلات؟ أم كان ذلك جزءًا من حلمه الخيالي؟
استقر جاسر على مقعده بجانب النافذة وأخذ يتأمل في المنظر الخلاب الممتد أمامه، كان ضوء القمر متتلألأ على سطح المسبح المتواجد أمام النافذة من الخارج مما أعطى المشهد لمعة ساحرة، وفي تلك اللحظة شعر برياح لطيفة تعبث بشعره وتلامس وجهه، فكانت هناك لمسة خفيفة تشبه نسمة هواء تعانقه بلطف وكأنها نسمات من انفاس معشوقته.
+
《بعد مده من الوقت 》
+
لا يعلم كيف وصل إلى غرفته والقى بجسده الضخم على فراشة الوثير بتعب وإرهاق وتنهيده تخرج من بين شفتيه فكان يوم أخر مرهق مليء بالأعمال والاجتماعات التي لا تنتهي يشعر بأن كل شيء يحمله فوق عاتقة، والأن هذا ما كان ينقصه تلك المتطفلة نانسي ورسائلها المتواصلة وأفعالها التي تزيد من حنقه، وسفر معشوقته الصغيرة وغيابها عن ناظريه. ظل شارد الذهن ينظر إلى الفراغ هل سيسمح بالتخلي عنها مرة أخرى؟ هل يستطيع قلبه احتواء وعشق امرأة غيرها؟ كانت النتيجة معروفة وحاسمة لصالحها فكان يحدث نفسه قائلًا:
_"لما اكتفيت بالسكوت لما لم اضمها إلى قلبي قبل أحضاني لما لم أقبلها، وهل كنت سأكتفي بقبله واحده منها ولا حتى الوف. كلماتها كانت تضمد روحي الجريحة، كنت أتمنى أن أمسك وجهها بين يداي اقبلها بحب، وعشق، وأتعمق في الغرام معها أكثر كي أريها عمق مشاعري تلك المشاعر الجريحة التي أصلحتها هي مع الوقت تولين وجه القمر وضياءه، حب العمر صغيرتي لقد خُلق العشق لأجلها".
+
على جانب مكان آخر....
وفي إحدى الشقق الفاخرة والواقعة في أحد الأحياء الراقية في منطقة القاهرة كان حمزة مستلقي في الفراش عاري الصدر وفي أحضانه داليا سكرتيرة مكتب يزن الشعراوي وتشع نيران الرغبة في أعماق أعينهما يحمل داخله روحًا ملوثة بالعبث وبالشهوة والأخرى الجشع والطمع، في لحظة من الأثارة اللحظية المشبعة بعبق سيجاره النفاذ ورائحة الكحول المسيطر على الجو لامست أصابعه بلطف وجهها ونظراته تعبس بالرغبة الجريئة فكل تلك النسوة بالنسبة له ما هم إلا تقضية وقت ورغبة فقط مغلفة بالمصالح والتنافس بين عائلته ومنافسيهم، سارت أصابع يده على وجنتيها وعلى تفاصيل جسد تبك العارية التي بدت مستلقية بلذة شهوانية عارمة بتوقيعه هو زير نساء عائلة الشاذلي ومعشوق النساء فبرز مشهدهم ذلك كإنه فيلم مهترئ من القبح بالرغم من اكتشاف حمزة للعديد من الأمور التي كشفتها له داليا عن صفقات يزن الشعراوي الجديدة وجميع أسرار شركته.
استدارت تخاطبه بابتسامة حالمة، نابعة من جروحها العاطفية العميقة العاشقة له تاركة لحظات من الصمت تملأ المكان فأخذت تداعب شعره بأناملها، والهمسات التي نطقتها تسلب عقل اعتى الرجال المتلاعبين وتثير في داخل أوردتهم الأثارة التي تتدفق عبر أجسادهم بشكل متلاحق، لكن ليس هو فهو من علمهم أصول التلاعب والخداع وهو من يمسك بزمام جميع الأمور ويلجمهم وقتما يريد وكيفما يشاء قالت بصوت محموم بالعاطفة:
_"حمزة أعتقد أن الوقت قد حان حتى نتحدث بصراحة".
+
تأفف بداخله فهو لا يريد حديث لا يعني له شيء ولكن يجاريها فيه حتى لا يخسر جاسوسة له في مكتب يزن:
_"بالطبع صوتك يبدوا جاد هل هو حديث عن معلومات أخرى لا أعلمه أليس كذلك؟".
+
داليا بعبث:
_"بالتأكيد لا فقد اعطيتك كل ما أعلم عنه حتى الأن، فمنذ اللحظة التي التقينا فيها سويًا شعرت بشيء خاص اتجاهك، شيء لم أجده في أي رجل أخر أشعر بأن هناك ارتباطًا عميقًا بيننا".
+
ظل حمزة هادئًا فهو المتلاعب بالأساس ومن وضع أصول الخداع ذلك ابتسم بتكلف يحدثها وهو ينظر إلى تفاصيلها العارية:
_"فعلاً أشعر بذلك أيضًا هناك شيء يجذبني إليك بقوة، ولكن أرى أن هناك اشياء أهم من كل ذلك في الوقت الحالي".
+
_" نعم أعلم ذلك. مممم حمزة أنا حقًا أرغب منذ فترة طويلة بأخبارك بمشاعري فأنا أعيش في عالم من الجروح العاطفية العميقة، كان هناك الكثير من الخيبات والخذلان في حياتي، ولكن عندما التقيت بك شعرت بأن هناك أمل جديد رغم كل شيء".
+
حمزة وهو ينظر في عمق عينيها الخبيثة يقول بقوه وحزم:
_"داليا أُدرك تمامًا ما تشعرين به، ولكن أجد أنني اوضحت لكِ منذ بادئ الأمر أنني رجل لا يهمه المشاعر وكل ما يجمعنا هي تلك المصالح المشتركة أعطائي معلومات مقابل اعطائك الأموال، نعم بيننا علاقة ولكنها لا تتعدى ذلك الفراش وتلك الغرفة".
+
داليا بحزن وحقد داخلي:
_"هل تعني ذلك أننا لا يمكن أن نكون سويًا أكثر من ذلك؟".
+
حمزة بتأن وانهاء لذلك الحديث العقيم:
_"أظن أنني اوضحت لكِ كل شيء منذ بادئ الأمر لا مشاعر، ولا علاقة جدية، ولا حديث عنهم بيننا نهائي".
+
داليا:
_" لقد حاولت...".
+
نظر لها حمزة بنظره مرعبة ومريبة افقدتها النطق للحظات من خوفها من بطشة نعم هو يدلل النساء ويغرقهم بالهداية والأحاديث المعسولة، ولكنها كلها لا تتعدى غرفة النوم في لحظاته الحميمة معهم أو جذبهم لإخراج كل ما في جعبتهم، وفي هذه اللحظة المحمومة والمشتتة بينهم في رحلة مشتركة إلى أعماق الإغواء العاصف، اندمجا سويًا للمرة الثانية وعلى الرغم من أنهما كانا يعرفان أن هذه العاطفة المحمومة لحظية وسوف تندثر بسرعة إلا أنهما استمتعا بلحظاتٍ ساحرة وسط الظلام فتفاعلت أجسادهما وتجانست في صمت نهاية الليل.
+
《 في صباح اليوم التالي 》
+
وصلتا الفتاتين إلى المطار الدولي؛ حيث كانت تستعد تولين إلى مواجهة حياة جديدة وعالم جديد لا تعلم عنه شيء برهبة وخوف، وبرغم أن دارين كانت منقطعة النظير في حماسها ورغبتها في مرافقة صديقتها، ولكن لم يسعفها حظها لذلك بسبب دراستها إلا أن تولين لم تتمالك دموعها وهي تفتح عينيها على وجودها بداخل أرجاء المطار فكان قلبها يعتصر ألمًا مختلطًا بالفرح الذي لا يوصف فقد قدمت على تحقيق أحد أحلامها المنتظرة منذ سنوات عديدة، كانت ترغب في السفر واستكشاف العالم والتعرف على ثقافات جديدة وأماكن ساحرة على الرغم من الحزن الذي انتابها وترك أمها وأبناء القصر الذين كانوا يصافحونها ويرافقونها بالدعاء كانت تولين تدرك أن هذا هو الوقت المناسب لبداية فصل جديد في حياتها؛ لقد استعانت بالشجاعة والثقة في النفس لمواجهة التحديات والاستفادة من الفرص التي عُرضت عليها، وهي تحاول أن تبتعد عن الأفكار الحزينة وتستعد للرحلة المثيرة التي في انتظارها ينبض قلبها بالحماس والرغبة في استكشاف كل شيء يمكنها رؤيته وتجربته، أنها تعلم أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالمغامرات واللحظات الثمينة التي ستبقى في ذاكرتها إلى الأبد، ولكن بدون صحبة دارين الصديقة المخلصة التي لن تكون إلى جانبها طوال الرحلة. كانت تعد نفسها بأنها ستستغل كل لحظة وتعيش كل تجربة بكل تفاصيلها، وبينما تقترب من البوابة الداخلية والمجهول الذي ينتظرها في العالم الخارجي تشعر بالامتنان العميق لكل الأشخاص الذين ساندوها وشجعوها على الوصول إلى هذه اللحظة وأولهم جاسر ذلك الرجل المهيب، والمخيف، والوسيم، والرائع أيضًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى فجاسر كان داعم قوي في رحلتها نحو تحقيق أحلامها. وقد قدم لها الدعم والتشجيع في اللحظات الصعبة ولم يتردد في مشاركة خبراته ومعرفته القيمة معها. كان مرشدها وقائدها الذي لم يتعب يومًا من مساعدتها وهو صاحب الطابع الصعب الذي يتمتع به ويجعل الجميع يتحاشوا الاقتراب منه أو التواجد بجانبه. إن تظاهرة بالقوة تلك لم يكن سوى تعبيرًا عن الإنسان الرائع الذي يكمن بداخله، وكانت تولين تدرك ذلك تمامًا برغم خوفها الشديد منه وتحاشيها في أغلب الوقت من القرب منه في نهاية المطاف، فإن تولين لن تنسى أبدًا وقوف جاسر الشاذلي بجانبها ودعمه المتواصل الذي ساهم في نجاحها.
+