رواية وسقطت الاقنعة الفصل الرابع عشر 14 بقلم سهام صادق
الــفــصــل الـــرابــع عـــشـــر
********************
وقفت مذهوله بعدما أستمعت الي همساته وهو يُخبرها بأنها ستعيش مع زوجته الأخري في نفس المنزل ...
لتجده يُحرك يده علي وجهها الناعم وهو يبتسم بخبث : ده اخرت اللي يتمرد علي "زين نصار"
فرفعت وجهها نحوه وطالعته بنظرات شارده .. لتجده يُخبرها ساخراً : وأه يمكن وجودك مع رحمه يعلمك تبقي ازاي ست
وبعد ان وصلت كلماته الي مبتغاها .. نفضت وجهها من بين يديه .. وكادت أن تهتف به بكلمات لاذعه الا انها وجدته يعطيها ظهره قائلا ببرود : لو كنتي بتسمعي الكلام .. مكنتيش وصلتيني للقرار ده
ثم تابع بجمود ورغم انه يعلم قساوة كلماته : اه نسيت أقولك مزاجي منك خلاص راح !
لتقف مصعوقه من كلماته وشفتاها أصبحت منفرجه كالبلهاء .. لتندفع نحوه قائله : مدام مزاجك مني راح يبقي خلاص طلقني !
ليلتف اليها وقد اكتسحت ملامحه أقصي درجات البرود :
صحيح انا قولت مزاجي منك خلص ، بس مش معني كده ان أطلقك
وعاد يقترب منها بنظرات خاليه .. ليهمس بجمود : انتي ناسيه تمن الفلوس اللي دفعتها فيكي
ورفع بيده ليُحزرها : انا معنديش حاجه من غير مُقابل
وأبتعد عنها ثانية وهو يشعر بأن كلماته قد أصابة هدفه ...
فهدفه لم يكن هي فقط بل قلبه الذي أصبح يرغب بها بشده
...................................................................
جلس أياد يحتسي فنجان قهوته وهو يُطالع صديقه بشك .. فمجئ معتز اليه اليوم وأسألته الكثيره عن ليلي جعلته كرجل يظن بأشياء لا يُريد ان تكون في محلها .. ليبتسم معتز بتلقائيه : مالك بتبصلي كده ليه ، اقوم أمشي يعني
فطالعه أياد بهدوء وهو يتسأل : أصلي مستغربك .. كنت بتحايل عليك تجيلي البيت اعزمك علي العشا وانت كنت بترفض وتقولي جو البيت بيخنقوني .. حتي مقابلتنا كانت ديما بره أشمعنا المرادي
ليضحك معتز بسعاده وهو يتأمل المكان حوله : اصل سليم وحشني
فرفع أياد احد حاجبيه: أمممم ، ماشي ياسيدي ..
ووضع معتز بفنجان قهوته قائلا بهدوء : هو مافيش عشا النهارده ولا ايه يا أياد .. انت عزمني علي قهوه بس
ليُطالعه اياد بنظرات حائره من تصرفاته التي تتنافي مع طباعه .. فالمرح لم يكن يوم من طباعه حتي تلك الابتسامه
وأفاق من شروده علي صوت صغيره وهو يركض نحو معتز الجالس : عمو معتز
لينهض معتز من جلسته ويحتضنه بحب : سليم حبيبي وحشتني
وامسك خدوده الصغيره بيديه ليُداعبهما : كده تسبني كل ده مع بابا الخنيق
ليضحك سليم علي كلماته نحو والده .. ليهتف بطفوله : اصل انا وليلي لسا مخلصين واجبنا
وحك الصغير فروة رأسه بهدوء وهو يتذكر امراً .. قائلا : عمو معتز مش انت دكتور في المدرسه
ليضحك معتز علي كلمات الصغير ... وابتسم قائلا : اه دكتور في المدرسه ياسيدي
ليُطالع الصغير والده الذي يقف يراقبهما .. حتي قال : خلاص خلي صُحابك اللي في المدرسه بتاعت ليلي ميدوش واجب صعب ل ليلي ..عشان تعرف تلعب معايا
ليأتي أسم ليلي في الحديث كصحوه أنعشت كل تركيزه .. فلمعت عيناه وهو يشرد في جمالها الهادئ وابتسامتها البسيطه وصوتها الخجل الذي مازال يُداعب أذنيه ..ليُقبل الصغير علي أحد وجنتيه قائلا بضحكه خافته : حاضر ياسيدي ..عشان خاطرك انت بس
فبادله الصغير قبلته وصاح بفرح : شكرا ياعمو معتز ، هروح اقول ل ليلي بقي عشان تفرح !
وركض لأعلي .. ليبتسم معتز بأنتعاش ليجد أياد يُحدق به بنظرات غامضه حتي وجده يهتف بصوت عالي : ياصباح
لتأتي الخادمه سريعا اليه ليأمرها بأقتضاب : حضري العشا
وبعدما أنصرفت الخادمه .. نظر اليه معتز بتسأل : اومال فين داده حُسنيه
فتنهد أياد قائلا بوجه خالي : سافرت بلدها عشان تزور أختها
ليُحرك معتز رأسه بتفهم ... وهو لا يفهم سر حنق صديقه
...................................................................
وقفت أمام مرآة غرفتها تُهندم من ضبط حجابها بعدما جاء اليها سليم يُخبرها بأن يهبطوا لأسفل كي تتناول وجبه العشاء معهم ... وتتعرف علي صديقه الذي يعشقه
ففي البدايه شعرت بالغرابه فكيف يأتي اليه صديق الان ويجلس مع والده .. حتي أكمل الصغير حديثه وهو يُخبرها عن هوية ذلك الصديق الذي هو صديق والده .. وعندما اخبرها بأسمه عرفته سريعا فهو مُحاضرها الجامعي " معتز صفوان "
لتسمع طرقات الصغير علي باب حجرتها .. وبعدما سمع صوتها تأذن له بالدخول اردف اليها : خلصتي لبسك ياليلي
فأبتسمت اليه ليلي بحب وأقتربت منه لتهبط الي مستواه قائله : الحياه عندكم هنا غريبه اووي ، كل وقت وليه لبس معين
ورغم ان الصغير لم يفهم مقصدها .. الي انه حرك رأسه لها وهتف: يلا عشان نتعشا ونلعب مع عمو معتز قبل ما بابا يقول ميعاد النوم
فضحكت ليلي علي تعبيراته المضحكه .. فسليم أكثر كلمه يكرها عندما ينظر والده الي ساعه يده ليخبره عن ميعاد نومه ..
واعتدلت في وقفتها .. ليخرجوا من الغرفه سويا .. ورغم انها تشعر بالحرج لمكوثها معهم علي طاولة طعام واحده من دون داده حُسنيه .. الا ان الصغير اخبرها ان والده يأمرها بأن تهبط
وكاد ان ينتهي ذلك الرواق الذي سيقودهم الي السُلم ..
ليأتيهم صوت اياد وهو يُخبر سليم : سليم انزل انت
ليُحرك الصغير رأسه بأيجاب ويهبط سريعا حيث معتز
لتشعر ليلي بالخجل من نظراته .. واقترابه منها حتي وجدته يتسأل : ايه الفستان ده
فطالعت هي فستانها الهادئ الجميل والذي قد اشترته لها داده حسنيه ضمن الكثير من الملابس .. كي تظهر بمظهر لائق
وهتفت بتعلثم : ده فستان
فطالعها بنظرات متحفصه .. وعقله وقلبه يتصارعوا بسببها
ورغم ان الفستان قد راقي اليه واعجبه ... الي انه هتف بغضب لا يعلم سببه : وانتي لابساه ونزله ليه
لتلجمها عباراته ... فأخفضت رأسها ارضا وهي تُجيب :
سليم قالي ان دكتور معتز تحت وانك ..
وقبل ان تُكمل باقي عباراتها كي توضح له انها لم تُقرر النزول لأسفل الا عندما اخبرها سليم بأن والده هو من قال له ذلك
لتُشعل الغضب بقلبه أكثرعندما شعر بأنها أرتدت ذلك الفستان من أجل ان تلتقي بمعتز وتجعله يُفتن بها ..
فهتف بجمود : انا مطلبتش من سليم انه يندهك .. وطول مافي ضيوف في الفيله متنزليش ولا تخرجي من اوضتك سامعه
لتنصدم من قسوته وقد وصلتها رسالته ... بأنها ليس لها مكان في عالمه وان وجودها وسط أصدقائه وضيوفه مهانة له .. لتتمالك دموعها بصعوبه وهي تُغمض عيناها بقهر حتي هتفت بتعلثم : حاضر !
وعندما فتحت عينيها وجدته قد أنصرف من امامها ..لتركض نحو غرفتها بشهقات مكتومه خائفه من أي يشفق احد عليها
وهبطت علي ارضية حجرتها تبكي وصدي كلماته تدور في أذنيها ...
...................................................................
نظرت الي ضخامة البيت الذي جائت تعيش فيه مع زوجته الاولي وهي شارده في خضوعها له .. ولكن كيف لا تخضع وهو يُذكرها دوماً ب ديّنها .. ديّنها الذي يروق والدها في قبره كما أراقه علي فراش موته ...
لتفيق علي صوت طرقات حذاء رحمه وهي تقترب منها
فهو مجرد ان جاء بها الي هنا تركها .. دون كلمه
وكأنه يُريد أن يجعلها تفهم .. بأن صبره عليها وعيشتها الاولي في بيت بمفردها كان اكراما منه ومُقابل لما ستُعطيه له .. اما اليوم فقد أنتهي كل شئ حتي رغبته بها قد انتهت فهو قد قالها صراحة .. وجودها ليس الا ثمن لأموال قد دفعها بها
ووجدت رحمه تُصفق بيدها : مكنتش فكراكي خيبه وهتخسري زين بسرعه كده
وتابعت بحديثها : وبعد جوزته السيئه منك .. انا وزين قررنا نتبني طفل
لتنصدم حنين من كلماتها .. وظلت تُحدق بها طويلا وهي لا تُصدق بأن تلك المرأه هي من قابلتها اول مره عاشقه مُحبه حنونه مُنكسره .. ولكن اليوم شاهدة جبروت لم تُشاهده قط ..
وكأن قناعها قد سقط عن وجهها ... فيبدو انها قد فاقت من غيبوبه التضحيه التي لا نسمع عنها سوي في أشعارات كاذبه نهتف بها أحياناً..
ونطقت بصعوبه : انتي ازاي كده ؟
لتضحك رحمه بعلو صوتها : ممكن نقول لحظه غباء وصحيت منها قبل ما أجني نتيجه مش حباها .. انا مديونه ليكي انك فشلتي في امتلاك زين
وتابعت بتملك : لان زين بتاعي انا وبس
لتلمع عين حنين بصدمه ... فالمرأه التي أمامها ليست الا مُتملكه لحب رجلا لا يعرف كيف يُحب
وعندما شعرت بتفحص رحمه لها ... اشاحت وجهها بعيداً عنها .. فقد أصبحت تشمئز منها ليس لانها ضُرتها ولكن لأنها مثلهم بقناع مُزيف
لتبتسم رحمه بأبتسامه واسعه .. وهي تتأمل وجهها لتهتف ببرود : كويس ان زين ملمسكيش ، وانه كان قرفان منك
لتنصدم حنين من معرفتها بمحور حياتهم .. فيبدو انه قص عليها كل أفعالها .. فتمتمت بكرهه : حقير !
ورفعت بوجهها سريعا وهي تتحداها : مدام هو قرفان مني ، وانتي فوقتي من غيبوبة التضحيه اللي كنتي عايشه فيها وعايزه جوزك لوحدك .. خليه يطلقني
فضحكت رحمه بهدوء : اكيد ياحببتي هو ده اللي هنعمله ، بس بعد مانشوف هناخد الفلوس منك ازاي ..
وتابعت بتهكم : مع انها فتافيت
فأنكمش قسمات وجهها وهي لا تُصدق بأنه أتي بها لهنا كي يكسرها ..
وهتفت داخلها : بكرهك يازين بكرهك !
لتشعر رحمه بالنصر وتتذكر حديث هاشم معها عن حياة تلك الفتاه وكيف دخلت دائرتهم وكيف رأي في عين زين شغف نحوها ... وان لم تقصيها من حياتهم فستكون هي الخاسره الوحيده وان امر الانجاب الذي جعلها تُفكر بأن زين سيتركها يومً بسببه لا يُفكر به من الاساس وانه اذا أنجب لان يطرد ام طفله ليبقيها هي .. فليست من طباعه الظلم رغم قسوته
وتذكرت عبارات هاشم الاخيره لها قبل ان ينتهي الحوار بينهم
" ولاد ايه اللي زين ممكن يفكر فيهم .. زين عنده عقده اصلا من ان يكون ليه ولاد ويموت زي اهله ويسبهم لوحده "
وافاقت من شرودها وهي تصرخ بخادمتها : وصلي الهانم اوضتها !
...................................................................
لمعت عين حاتم برغبه جديده وهو يتأمل صور خطيبة صديق عمره ويحسده عليها .. فظل يُحرك أنامله علي تلك الصوره التي يتخيل بها الكثير ... فأخذه عقله لبعيداً وهو يُفكر لما لا تكون تلك الفاتنه احدي نزواته كما الاخريات .. فرؤيته لأجساد النساء عاريات يطفي نيران رغبته .. التي اصبح يجري ورائها وكأنه كلبً مسعوراً
وسريعاً قد أفاق من نزوات خياله المريض .. فنهض من فوق كرسيه وهو يضغط علي زر هاتفه بقلق : ها يا مسعد .. كل حاجه تمام
وعندما أتاه الرد المطلوب من مسعد .. أبتسم وهو يتلاعب بحاجبيه بنصر وهو لا يُصدق انه استطاع ان ينجح في اول عملية تهريب للسلاح
فكل شئ اصبح يسير كما يرغب ..
...................................................................
نظرت الي قميصه الملطخ بأحمر شفاه وعيناها تفيض من الدمع .. لتجده يحتضنها برغبه وهو يهمس في أذنيها:
وحشتيني
لتبتعد هبه عنه نافره .. فطاقتها للتحمل أصبحت تنفذ
لينظر اليها هاشم بصدمه .. فهو لأول مره لا يراها خاضعة له .. فوقع بعينه علي قميصه وما تنظر اليه ليهتف بتنهد :
كنت سهران مع شركائي الجداد ..وبنت من اياهم جات تترمي عليا واظاهر ان الروج بتاعها طبع علي القميص
لتُطالعه هبه بسخريه وهي تهمس بقهر : انت مصدق كلامك ده ياهاشم
فتأفف هاشم حانقاً : هتبسطيني ولا اروح للي تبسطني
لتمسك هبه بيده سريعا قائله برجاء : ياهاشم حرام عليك اللي بتعملوا فينا ولو مش عشاني .. عشان بناتنا
ليتأملها هاشم وهو يُصارع شيطانه حتي وجد نفسه يجذبها اليه ليُقبلها بقوه هامساً : مش وقت أشعارات ومواعظ ياهبه !
...................................................................
جلس علي أحد الارصفه بوجه مُكفر يندب حظه فالمطعم الذي جاء اليه كان وهما والاموال التي باع اخته بها ضاعت كما ضاعت هي
ليهتف ببكاء كالنساء : انت ايه اللي جابك بلد الخواجات ديه يامحمود .. اضحك عليك يامحمود .. فلوسي راحت ومافيش مطعم
وبدء يلطم وجه ونظرات الناس حوله تُحاوطه
ليأتي نحوه رجلان من الشرطه ، يتحدثون امامه بالغه غريبه لا يفهمها .. وعندما شعر بما سيفعلوه به
قفز من جلسته وركض وهو لا يعرف الي اين سيذهب في ذلك البلد التي جاء اليها من اجل المال ...
................................................................
أردف الي حجرة صغيره ... ليراهما مُنبطحان أرضً يرسمان
فأشتم سليم رائحة عطر والده المميزه فأعتدل سريعا : بابا !
فنهضت ليلي من تلك الوضيعه وهي تشعر بالخجل ...
ونظرت اليهم لتجد أياد يضم أبنه لأحضانه ويسأله عن يومه
فأنسحبت من أمامهم وهي تشعر بالحزن علي حالها .. فكم تمنت يومً أن يحتضنها أحدً ويسألها عن يومها ...وجاء بذهنها مافعله معها منذ يومان عندما اهانها وجرح كرامتها
وجلست علي فراشها وهي شارده في تلك السيده الطيبه حُسنيه وتتمني عودتها ... وفجأه انتفضت من جلستها لتجده يردف الي غرفتها ويغلقها خلفه بعنف : ازاي تخلي معتز يوصلك النهارده
فتعلثمت ليلي في الحديث : عم ابراهيم اتأخر عليا .. وبعدها لقيت دكتور معتز بيقولي انك قولتله يروحني .. هو ده كل اللي حصل صدقني
ليتنهد أياد قليلا .. بعدما علم بفعلة معتز فهي ظنت بأنها سترحل معه بعدما طلب هو ذلك منه
وتمتم بخفوت : ماشي يامعتز
وعندما وجدها ستبكي ... لعن نفسه واقترب منها قائلا بجمود كي يُداري تلك المشاعر الهائجه التي تقتحمه : بتاكلي في المطبخ ليه .. ومش بتاكلي معايا انا وسليم
فأخفضت ليلي رأسها أرض : عشان ده مكاني
ليشعر أياد بالضيق من فعلته ..فهو من أوصلها ذلك اليوم لتلك الفكره فهو لا يعلم ليلتها لماذا جرحها ولكن كل ماكان يشعر به نيران تشتعل داخله .. حتي انه ليلتها ترجمها بأنها مجرد مشاعر عاديه لانها من اهل بيته وليست غيره كما كان يُخبره قلبه
وعندما سمع صوت انينها الضعيف .. اقترب منها بهدوء ليمسح دموعها قائلا : ليلي ، متعيطيش
ومدّ بأنامله كي يزيل دموعها .. ليجدها ترفع وجهها اليه واثر الدموع عالق في أهدابها .. ليمدّ بيده الاخري نحو خصرها ويُقربها منه أكثر وهو سارح في ملامحها الناعمه
...............................................................
أمتقع وجهها وهي تراها تتفنن في الدلال عليه .. تطعمه بيدها تسأله عن يومه .. ورغم عباراته المقتضبه الا انها كانت لا تمل .. لتمضغ حنين طعامها بهدوء وهي تُحاول ان تبعد نظراتها عنهم وعقلها يدور في حياتها تلك وماذا ستفعل وحدها .. فحتي والدتها قد عادت بعد زواجها من زين الي بيت خالها كي تمكث معه وصديقتها خديجه اصبحت مشغوله مع خطيبها واستعدادهم لحياتهم الجديده
لترفع وجهها عن طبقها بعدما يأست من كثرة تفكيرها في البحث عن حلاً يُخرجها من كل هذا وتأففت بصوت مسموع
ليتطلع اليها زين بجمود ، وتليه نظرات رحمه الودوده التي لا تعلم كيف رسمتها بعد ان زالت قناع الطيبه عنها
وهتفت بحنان مصطنع : شكل حنين مش مبسوطه معانا ياحبيبي
ليُطالعهم زين بتنهد وهو يصرف فكره عنهم هما الاثنان .. ونهض قائلا بعدما انهي طعامه : انا داخل المكتب ورايا شغل
لتنظر رحمه لحنين بتفحص وقد أيقنت انها الفائزه في جولتها وان ملكيتها لزين بين يديها
فنهضت حنين هي الاخري وكادت ان تُغادر حجرة الطعام وتذهب الي غرفتها .. فوجدت نظرات رحمه التي تُخبرها بأنها لا شئ وان وجودها سينتهي قريبا وهي مجرد لعبه قد اعجبت زوجها ليس اكثر وانها بغبائها أدخلتها تلك اللعبه
لتجد حنين نفسها تتبع زين نحو مكتبه ... وهي لا تعلم لما فعلت ذلك
ليمتقع وجه رحمه وهي تراها تركض نحوه وتطلب منه الحديث بمفردهم
ليدخلوا الاثنان المكتب ، ونظرات رحمه تخترقهما
وبعدما اصبحوا بمفردهما حاصرها زين بذراعيه وهو يبتسم قائلا : اول مره الاقيكي مُهتميه بنفسك
وابتعد عنها قليلا ليُتابع حديثه : لاء وهاديه كمان
ثم اكمل بخبث كي يري تمردها : شكلك بتتعلمي بسرعه من رحمه
لتُطالعه حنين بغضب وهي تهتف بحنق : واتعلم منها ليه ، اهتمامي بنفسي اصلا ليا .. ومش انت الشخص اللي ههتم بنفسي عشانه
ليضحك زين علي عباراتها .. وهمس ببرود قاتل : ومين قالك اني عايزك تهتمي بنفسك ، ما انا قولتلك رغبتي فيكي خلصت .. ثم اكمل بخبث : هو في حد يلمس غوريلا برضوه
فألجمتها عباراته .. فرغم كرهها له ورغبتها في التخلص من تلك الحياه السخيفه .. الا انه قد جرح كرامتها كأنثي .. لتجد نفسها تصرخ به عاليا : لو انا غوريلا فأنت تعلب
ليخلصها زين من حصاره ويحك ذقنه بيده وقد عاد الي جموده : كنتي عايزه ايه عشان مش فاضي
لتتمالك هي هدوئها وهمست بصوت ضعيف وهي تتخيل اليوم الذي ستتخلص فيه منه ومن زوجته الحمقاء المُتملكه :
عايزه اشتغل !
ودون تفكير هتف : لاء ، وكفايه عديت ليكي شغلك في مكتب المُحاسبه اللي روحتيه من ورايا
لتُطالعه بضيق ، فحتي هذا قد عرفه رغم انها لم تعمل غير يومً واحدً فيه
وتنهدت بحرقه قد اوجعته وهي تترجاه : ارجوك خليني اشتغل عشان اسد دين بابا وتطلقني وتاخد فلوسك ..
فألتف بجسده بعيداً عن نظراتها الراجيه .. وتذكر ما كان يُعانيه من ظلم ورحلة شقائه .. ثم ألتف إليها ثانية لتصبح عينيه امام عينيها ليُلجمها بقراره الغير متوقع.....!!
********************
وقفت مذهوله بعدما أستمعت الي همساته وهو يُخبرها بأنها ستعيش مع زوجته الأخري في نفس المنزل ...
لتجده يُحرك يده علي وجهها الناعم وهو يبتسم بخبث : ده اخرت اللي يتمرد علي "زين نصار"
فرفعت وجهها نحوه وطالعته بنظرات شارده .. لتجده يُخبرها ساخراً : وأه يمكن وجودك مع رحمه يعلمك تبقي ازاي ست
وبعد ان وصلت كلماته الي مبتغاها .. نفضت وجهها من بين يديه .. وكادت أن تهتف به بكلمات لاذعه الا انها وجدته يعطيها ظهره قائلا ببرود : لو كنتي بتسمعي الكلام .. مكنتيش وصلتيني للقرار ده
ثم تابع بجمود ورغم انه يعلم قساوة كلماته : اه نسيت أقولك مزاجي منك خلاص راح !
لتقف مصعوقه من كلماته وشفتاها أصبحت منفرجه كالبلهاء .. لتندفع نحوه قائله : مدام مزاجك مني راح يبقي خلاص طلقني !
ليلتف اليها وقد اكتسحت ملامحه أقصي درجات البرود :
صحيح انا قولت مزاجي منك خلص ، بس مش معني كده ان أطلقك
وعاد يقترب منها بنظرات خاليه .. ليهمس بجمود : انتي ناسيه تمن الفلوس اللي دفعتها فيكي
ورفع بيده ليُحزرها : انا معنديش حاجه من غير مُقابل
وأبتعد عنها ثانية وهو يشعر بأن كلماته قد أصابة هدفه ...
فهدفه لم يكن هي فقط بل قلبه الذي أصبح يرغب بها بشده
...................................................................
جلس أياد يحتسي فنجان قهوته وهو يُطالع صديقه بشك .. فمجئ معتز اليه اليوم وأسألته الكثيره عن ليلي جعلته كرجل يظن بأشياء لا يُريد ان تكون في محلها .. ليبتسم معتز بتلقائيه : مالك بتبصلي كده ليه ، اقوم أمشي يعني
فطالعه أياد بهدوء وهو يتسأل : أصلي مستغربك .. كنت بتحايل عليك تجيلي البيت اعزمك علي العشا وانت كنت بترفض وتقولي جو البيت بيخنقوني .. حتي مقابلتنا كانت ديما بره أشمعنا المرادي
ليضحك معتز بسعاده وهو يتأمل المكان حوله : اصل سليم وحشني
فرفع أياد احد حاجبيه: أمممم ، ماشي ياسيدي ..
ووضع معتز بفنجان قهوته قائلا بهدوء : هو مافيش عشا النهارده ولا ايه يا أياد .. انت عزمني علي قهوه بس
ليُطالعه اياد بنظرات حائره من تصرفاته التي تتنافي مع طباعه .. فالمرح لم يكن يوم من طباعه حتي تلك الابتسامه
وأفاق من شروده علي صوت صغيره وهو يركض نحو معتز الجالس : عمو معتز
لينهض معتز من جلسته ويحتضنه بحب : سليم حبيبي وحشتني
وامسك خدوده الصغيره بيديه ليُداعبهما : كده تسبني كل ده مع بابا الخنيق
ليضحك سليم علي كلماته نحو والده .. ليهتف بطفوله : اصل انا وليلي لسا مخلصين واجبنا
وحك الصغير فروة رأسه بهدوء وهو يتذكر امراً .. قائلا : عمو معتز مش انت دكتور في المدرسه
ليضحك معتز علي كلمات الصغير ... وابتسم قائلا : اه دكتور في المدرسه ياسيدي
ليُطالع الصغير والده الذي يقف يراقبهما .. حتي قال : خلاص خلي صُحابك اللي في المدرسه بتاعت ليلي ميدوش واجب صعب ل ليلي ..عشان تعرف تلعب معايا
ليأتي أسم ليلي في الحديث كصحوه أنعشت كل تركيزه .. فلمعت عيناه وهو يشرد في جمالها الهادئ وابتسامتها البسيطه وصوتها الخجل الذي مازال يُداعب أذنيه ..ليُقبل الصغير علي أحد وجنتيه قائلا بضحكه خافته : حاضر ياسيدي ..عشان خاطرك انت بس
فبادله الصغير قبلته وصاح بفرح : شكرا ياعمو معتز ، هروح اقول ل ليلي بقي عشان تفرح !
وركض لأعلي .. ليبتسم معتز بأنتعاش ليجد أياد يُحدق به بنظرات غامضه حتي وجده يهتف بصوت عالي : ياصباح
لتأتي الخادمه سريعا اليه ليأمرها بأقتضاب : حضري العشا
وبعدما أنصرفت الخادمه .. نظر اليه معتز بتسأل : اومال فين داده حُسنيه
فتنهد أياد قائلا بوجه خالي : سافرت بلدها عشان تزور أختها
ليُحرك معتز رأسه بتفهم ... وهو لا يفهم سر حنق صديقه
...................................................................
وقفت أمام مرآة غرفتها تُهندم من ضبط حجابها بعدما جاء اليها سليم يُخبرها بأن يهبطوا لأسفل كي تتناول وجبه العشاء معهم ... وتتعرف علي صديقه الذي يعشقه
ففي البدايه شعرت بالغرابه فكيف يأتي اليه صديق الان ويجلس مع والده .. حتي أكمل الصغير حديثه وهو يُخبرها عن هوية ذلك الصديق الذي هو صديق والده .. وعندما اخبرها بأسمه عرفته سريعا فهو مُحاضرها الجامعي " معتز صفوان "
لتسمع طرقات الصغير علي باب حجرتها .. وبعدما سمع صوتها تأذن له بالدخول اردف اليها : خلصتي لبسك ياليلي
فأبتسمت اليه ليلي بحب وأقتربت منه لتهبط الي مستواه قائله : الحياه عندكم هنا غريبه اووي ، كل وقت وليه لبس معين
ورغم ان الصغير لم يفهم مقصدها .. الي انه حرك رأسه لها وهتف: يلا عشان نتعشا ونلعب مع عمو معتز قبل ما بابا يقول ميعاد النوم
فضحكت ليلي علي تعبيراته المضحكه .. فسليم أكثر كلمه يكرها عندما ينظر والده الي ساعه يده ليخبره عن ميعاد نومه ..
واعتدلت في وقفتها .. ليخرجوا من الغرفه سويا .. ورغم انها تشعر بالحرج لمكوثها معهم علي طاولة طعام واحده من دون داده حُسنيه .. الا ان الصغير اخبرها ان والده يأمرها بأن تهبط
وكاد ان ينتهي ذلك الرواق الذي سيقودهم الي السُلم ..
ليأتيهم صوت اياد وهو يُخبر سليم : سليم انزل انت
ليُحرك الصغير رأسه بأيجاب ويهبط سريعا حيث معتز
لتشعر ليلي بالخجل من نظراته .. واقترابه منها حتي وجدته يتسأل : ايه الفستان ده
فطالعت هي فستانها الهادئ الجميل والذي قد اشترته لها داده حسنيه ضمن الكثير من الملابس .. كي تظهر بمظهر لائق
وهتفت بتعلثم : ده فستان
فطالعها بنظرات متحفصه .. وعقله وقلبه يتصارعوا بسببها
ورغم ان الفستان قد راقي اليه واعجبه ... الي انه هتف بغضب لا يعلم سببه : وانتي لابساه ونزله ليه
لتلجمها عباراته ... فأخفضت رأسها ارضا وهي تُجيب :
سليم قالي ان دكتور معتز تحت وانك ..
وقبل ان تُكمل باقي عباراتها كي توضح له انها لم تُقرر النزول لأسفل الا عندما اخبرها سليم بأن والده هو من قال له ذلك
لتُشعل الغضب بقلبه أكثرعندما شعر بأنها أرتدت ذلك الفستان من أجل ان تلتقي بمعتز وتجعله يُفتن بها ..
فهتف بجمود : انا مطلبتش من سليم انه يندهك .. وطول مافي ضيوف في الفيله متنزليش ولا تخرجي من اوضتك سامعه
لتنصدم من قسوته وقد وصلتها رسالته ... بأنها ليس لها مكان في عالمه وان وجودها وسط أصدقائه وضيوفه مهانة له .. لتتمالك دموعها بصعوبه وهي تُغمض عيناها بقهر حتي هتفت بتعلثم : حاضر !
وعندما فتحت عينيها وجدته قد أنصرف من امامها ..لتركض نحو غرفتها بشهقات مكتومه خائفه من أي يشفق احد عليها
وهبطت علي ارضية حجرتها تبكي وصدي كلماته تدور في أذنيها ...
...................................................................
نظرت الي ضخامة البيت الذي جائت تعيش فيه مع زوجته الاولي وهي شارده في خضوعها له .. ولكن كيف لا تخضع وهو يُذكرها دوماً ب ديّنها .. ديّنها الذي يروق والدها في قبره كما أراقه علي فراش موته ...
لتفيق علي صوت طرقات حذاء رحمه وهي تقترب منها
فهو مجرد ان جاء بها الي هنا تركها .. دون كلمه
وكأنه يُريد أن يجعلها تفهم .. بأن صبره عليها وعيشتها الاولي في بيت بمفردها كان اكراما منه ومُقابل لما ستُعطيه له .. اما اليوم فقد أنتهي كل شئ حتي رغبته بها قد انتهت فهو قد قالها صراحة .. وجودها ليس الا ثمن لأموال قد دفعها بها
ووجدت رحمه تُصفق بيدها : مكنتش فكراكي خيبه وهتخسري زين بسرعه كده
وتابعت بحديثها : وبعد جوزته السيئه منك .. انا وزين قررنا نتبني طفل
لتنصدم حنين من كلماتها .. وظلت تُحدق بها طويلا وهي لا تُصدق بأن تلك المرأه هي من قابلتها اول مره عاشقه مُحبه حنونه مُنكسره .. ولكن اليوم شاهدة جبروت لم تُشاهده قط ..
وكأن قناعها قد سقط عن وجهها ... فيبدو انها قد فاقت من غيبوبه التضحيه التي لا نسمع عنها سوي في أشعارات كاذبه نهتف بها أحياناً..
ونطقت بصعوبه : انتي ازاي كده ؟
لتضحك رحمه بعلو صوتها : ممكن نقول لحظه غباء وصحيت منها قبل ما أجني نتيجه مش حباها .. انا مديونه ليكي انك فشلتي في امتلاك زين
وتابعت بتملك : لان زين بتاعي انا وبس
لتلمع عين حنين بصدمه ... فالمرأه التي أمامها ليست الا مُتملكه لحب رجلا لا يعرف كيف يُحب
وعندما شعرت بتفحص رحمه لها ... اشاحت وجهها بعيداً عنها .. فقد أصبحت تشمئز منها ليس لانها ضُرتها ولكن لأنها مثلهم بقناع مُزيف
لتبتسم رحمه بأبتسامه واسعه .. وهي تتأمل وجهها لتهتف ببرود : كويس ان زين ملمسكيش ، وانه كان قرفان منك
لتنصدم حنين من معرفتها بمحور حياتهم .. فيبدو انه قص عليها كل أفعالها .. فتمتمت بكرهه : حقير !
ورفعت بوجهها سريعا وهي تتحداها : مدام هو قرفان مني ، وانتي فوقتي من غيبوبة التضحيه اللي كنتي عايشه فيها وعايزه جوزك لوحدك .. خليه يطلقني
فضحكت رحمه بهدوء : اكيد ياحببتي هو ده اللي هنعمله ، بس بعد مانشوف هناخد الفلوس منك ازاي ..
وتابعت بتهكم : مع انها فتافيت
فأنكمش قسمات وجهها وهي لا تُصدق بأنه أتي بها لهنا كي يكسرها ..
وهتفت داخلها : بكرهك يازين بكرهك !
لتشعر رحمه بالنصر وتتذكر حديث هاشم معها عن حياة تلك الفتاه وكيف دخلت دائرتهم وكيف رأي في عين زين شغف نحوها ... وان لم تقصيها من حياتهم فستكون هي الخاسره الوحيده وان امر الانجاب الذي جعلها تُفكر بأن زين سيتركها يومً بسببه لا يُفكر به من الاساس وانه اذا أنجب لان يطرد ام طفله ليبقيها هي .. فليست من طباعه الظلم رغم قسوته
وتذكرت عبارات هاشم الاخيره لها قبل ان ينتهي الحوار بينهم
" ولاد ايه اللي زين ممكن يفكر فيهم .. زين عنده عقده اصلا من ان يكون ليه ولاد ويموت زي اهله ويسبهم لوحده "
وافاقت من شرودها وهي تصرخ بخادمتها : وصلي الهانم اوضتها !
...................................................................
لمعت عين حاتم برغبه جديده وهو يتأمل صور خطيبة صديق عمره ويحسده عليها .. فظل يُحرك أنامله علي تلك الصوره التي يتخيل بها الكثير ... فأخذه عقله لبعيداً وهو يُفكر لما لا تكون تلك الفاتنه احدي نزواته كما الاخريات .. فرؤيته لأجساد النساء عاريات يطفي نيران رغبته .. التي اصبح يجري ورائها وكأنه كلبً مسعوراً
وسريعاً قد أفاق من نزوات خياله المريض .. فنهض من فوق كرسيه وهو يضغط علي زر هاتفه بقلق : ها يا مسعد .. كل حاجه تمام
وعندما أتاه الرد المطلوب من مسعد .. أبتسم وهو يتلاعب بحاجبيه بنصر وهو لا يُصدق انه استطاع ان ينجح في اول عملية تهريب للسلاح
فكل شئ اصبح يسير كما يرغب ..
...................................................................
نظرت الي قميصه الملطخ بأحمر شفاه وعيناها تفيض من الدمع .. لتجده يحتضنها برغبه وهو يهمس في أذنيها:
وحشتيني
لتبتعد هبه عنه نافره .. فطاقتها للتحمل أصبحت تنفذ
لينظر اليها هاشم بصدمه .. فهو لأول مره لا يراها خاضعة له .. فوقع بعينه علي قميصه وما تنظر اليه ليهتف بتنهد :
كنت سهران مع شركائي الجداد ..وبنت من اياهم جات تترمي عليا واظاهر ان الروج بتاعها طبع علي القميص
لتُطالعه هبه بسخريه وهي تهمس بقهر : انت مصدق كلامك ده ياهاشم
فتأفف هاشم حانقاً : هتبسطيني ولا اروح للي تبسطني
لتمسك هبه بيده سريعا قائله برجاء : ياهاشم حرام عليك اللي بتعملوا فينا ولو مش عشاني .. عشان بناتنا
ليتأملها هاشم وهو يُصارع شيطانه حتي وجد نفسه يجذبها اليه ليُقبلها بقوه هامساً : مش وقت أشعارات ومواعظ ياهبه !
...................................................................
جلس علي أحد الارصفه بوجه مُكفر يندب حظه فالمطعم الذي جاء اليه كان وهما والاموال التي باع اخته بها ضاعت كما ضاعت هي
ليهتف ببكاء كالنساء : انت ايه اللي جابك بلد الخواجات ديه يامحمود .. اضحك عليك يامحمود .. فلوسي راحت ومافيش مطعم
وبدء يلطم وجه ونظرات الناس حوله تُحاوطه
ليأتي نحوه رجلان من الشرطه ، يتحدثون امامه بالغه غريبه لا يفهمها .. وعندما شعر بما سيفعلوه به
قفز من جلسته وركض وهو لا يعرف الي اين سيذهب في ذلك البلد التي جاء اليها من اجل المال ...
................................................................
أردف الي حجرة صغيره ... ليراهما مُنبطحان أرضً يرسمان
فأشتم سليم رائحة عطر والده المميزه فأعتدل سريعا : بابا !
فنهضت ليلي من تلك الوضيعه وهي تشعر بالخجل ...
ونظرت اليهم لتجد أياد يضم أبنه لأحضانه ويسأله عن يومه
فأنسحبت من أمامهم وهي تشعر بالحزن علي حالها .. فكم تمنت يومً أن يحتضنها أحدً ويسألها عن يومها ...وجاء بذهنها مافعله معها منذ يومان عندما اهانها وجرح كرامتها
وجلست علي فراشها وهي شارده في تلك السيده الطيبه حُسنيه وتتمني عودتها ... وفجأه انتفضت من جلستها لتجده يردف الي غرفتها ويغلقها خلفه بعنف : ازاي تخلي معتز يوصلك النهارده
فتعلثمت ليلي في الحديث : عم ابراهيم اتأخر عليا .. وبعدها لقيت دكتور معتز بيقولي انك قولتله يروحني .. هو ده كل اللي حصل صدقني
ليتنهد أياد قليلا .. بعدما علم بفعلة معتز فهي ظنت بأنها سترحل معه بعدما طلب هو ذلك منه
وتمتم بخفوت : ماشي يامعتز
وعندما وجدها ستبكي ... لعن نفسه واقترب منها قائلا بجمود كي يُداري تلك المشاعر الهائجه التي تقتحمه : بتاكلي في المطبخ ليه .. ومش بتاكلي معايا انا وسليم
فأخفضت ليلي رأسها أرض : عشان ده مكاني
ليشعر أياد بالضيق من فعلته ..فهو من أوصلها ذلك اليوم لتلك الفكره فهو لا يعلم ليلتها لماذا جرحها ولكن كل ماكان يشعر به نيران تشتعل داخله .. حتي انه ليلتها ترجمها بأنها مجرد مشاعر عاديه لانها من اهل بيته وليست غيره كما كان يُخبره قلبه
وعندما سمع صوت انينها الضعيف .. اقترب منها بهدوء ليمسح دموعها قائلا : ليلي ، متعيطيش
ومدّ بأنامله كي يزيل دموعها .. ليجدها ترفع وجهها اليه واثر الدموع عالق في أهدابها .. ليمدّ بيده الاخري نحو خصرها ويُقربها منه أكثر وهو سارح في ملامحها الناعمه
...............................................................
أمتقع وجهها وهي تراها تتفنن في الدلال عليه .. تطعمه بيدها تسأله عن يومه .. ورغم عباراته المقتضبه الا انها كانت لا تمل .. لتمضغ حنين طعامها بهدوء وهي تُحاول ان تبعد نظراتها عنهم وعقلها يدور في حياتها تلك وماذا ستفعل وحدها .. فحتي والدتها قد عادت بعد زواجها من زين الي بيت خالها كي تمكث معه وصديقتها خديجه اصبحت مشغوله مع خطيبها واستعدادهم لحياتهم الجديده
لترفع وجهها عن طبقها بعدما يأست من كثرة تفكيرها في البحث عن حلاً يُخرجها من كل هذا وتأففت بصوت مسموع
ليتطلع اليها زين بجمود ، وتليه نظرات رحمه الودوده التي لا تعلم كيف رسمتها بعد ان زالت قناع الطيبه عنها
وهتفت بحنان مصطنع : شكل حنين مش مبسوطه معانا ياحبيبي
ليُطالعهم زين بتنهد وهو يصرف فكره عنهم هما الاثنان .. ونهض قائلا بعدما انهي طعامه : انا داخل المكتب ورايا شغل
لتنظر رحمه لحنين بتفحص وقد أيقنت انها الفائزه في جولتها وان ملكيتها لزين بين يديها
فنهضت حنين هي الاخري وكادت ان تُغادر حجرة الطعام وتذهب الي غرفتها .. فوجدت نظرات رحمه التي تُخبرها بأنها لا شئ وان وجودها سينتهي قريبا وهي مجرد لعبه قد اعجبت زوجها ليس اكثر وانها بغبائها أدخلتها تلك اللعبه
لتجد حنين نفسها تتبع زين نحو مكتبه ... وهي لا تعلم لما فعلت ذلك
ليمتقع وجه رحمه وهي تراها تركض نحوه وتطلب منه الحديث بمفردهم
ليدخلوا الاثنان المكتب ، ونظرات رحمه تخترقهما
وبعدما اصبحوا بمفردهما حاصرها زين بذراعيه وهو يبتسم قائلا : اول مره الاقيكي مُهتميه بنفسك
وابتعد عنها قليلا ليُتابع حديثه : لاء وهاديه كمان
ثم اكمل بخبث كي يري تمردها : شكلك بتتعلمي بسرعه من رحمه
لتُطالعه حنين بغضب وهي تهتف بحنق : واتعلم منها ليه ، اهتمامي بنفسي اصلا ليا .. ومش انت الشخص اللي ههتم بنفسي عشانه
ليضحك زين علي عباراتها .. وهمس ببرود قاتل : ومين قالك اني عايزك تهتمي بنفسك ، ما انا قولتلك رغبتي فيكي خلصت .. ثم اكمل بخبث : هو في حد يلمس غوريلا برضوه
فألجمتها عباراته .. فرغم كرهها له ورغبتها في التخلص من تلك الحياه السخيفه .. الا انه قد جرح كرامتها كأنثي .. لتجد نفسها تصرخ به عاليا : لو انا غوريلا فأنت تعلب
ليخلصها زين من حصاره ويحك ذقنه بيده وقد عاد الي جموده : كنتي عايزه ايه عشان مش فاضي
لتتمالك هي هدوئها وهمست بصوت ضعيف وهي تتخيل اليوم الذي ستتخلص فيه منه ومن زوجته الحمقاء المُتملكه :
عايزه اشتغل !
ودون تفكير هتف : لاء ، وكفايه عديت ليكي شغلك في مكتب المُحاسبه اللي روحتيه من ورايا
لتُطالعه بضيق ، فحتي هذا قد عرفه رغم انها لم تعمل غير يومً واحدً فيه
وتنهدت بحرقه قد اوجعته وهي تترجاه : ارجوك خليني اشتغل عشان اسد دين بابا وتطلقني وتاخد فلوسك ..
فألتف بجسده بعيداً عن نظراتها الراجيه .. وتذكر ما كان يُعانيه من ظلم ورحلة شقائه .. ثم ألتف إليها ثانية لتصبح عينيه امام عينيها ليُلجمها بقراره الغير متوقع.....!!