رواية وربط بين قلبينا القدر كامله وحصريه بقلم مروة حمدي
وربط بين قلبينا القدر
بقلم مروة حمدى
الجزء الأول.
**
تقف أمام النافذة، عيناها على الطريق، اعتصرت الستار بقبضتها الصغيرة اغمضت عينيها وضربه موجعه سددت لمنتصف قلبها ببراعه وهى تراه يتقدم من بنايتهم وخلفه ذويه وتلك الإبتسامه على وجه ايقنتها بأن اليوم الذى كانت تغشاه قد أتى وان الأوان ان تستفيق من أحلامها بخصوصه ، فبعد هذا اليوم سيغدو هو لقلبها من المحرمات.
أطلقت تنهيدة عالية ولم تعى لتلك الدمعه التى هبطت على وجنتها أثناء تأملها له، فتحت عيناها وقد خلى الطريق منه، لتبتسم بسمه صغيرة بحزن، تحكم أغلاق الستار خارجة من غرفتها إلى الغرفة الأخرى المجاورة لها.
**
يسبقهم بخطواته المتلهفة لإتمام الوصال بعد سنين من البعاد وقلبه يتراقص على وقع الدقات وعيناه تدندن بلمعتها اعزب الألحان دلف للبناية وقدماه لا تلمس الأرض اسفلها لتعلق والدته خلفه وهى تحاول مجاراته بمسانده شقيقته وخلفهم والده واخاه وزوجته.
_يا حبيبى بالراحه بالراحه هى هتطير.
_انا ال طاير يا ماما.
الام بسعادة لسعادة وليدها ورغم امتعاض وجه شقيقته جوارها عقب تعليقه لتلكزها بيدها: ربنا يتمملك على خير يا حبيبى.
مالت على إذن ابنتها : يا بت انسى كلام العيال ال فى دماغك ده وافرحى لفرحة اخوكى.
بسمه: مش بتنزلى من زور مش بلعاها يا ناس هو بالعافية.
الام بهمس: اشربيها مع كوباية مياه وهى تتبلع وبعدين هى مش هتعيش معاكى.
بسمه: ليه والشقة ال فوقينا دى ال ابنك حاطط عينه عليها وكلم صاحب البيت!
الام: يووووه، بكرة يجيلك نصيبك وتروحى بيتك وارتاح من الصداع.
_كده برضه يا سوسو، اهون عليكى؟
_يابت اخوكى واقف على باب الجماعه واحنا لسه فى اول دور، اسحبينى بلاش لكاعه بدل ما يدخل على الناس لوحده!
وخلفهم تميل شيماء على زوجها بهمس: انا مش عارفة اخوك عاجبه فيها ايه؟ ده لسه راجع من سفره وش الفجر علطول جرى عليها كده! فيها ايه زيادة عن اختى يخليه يدلق عليها الدلقة السودة دى؟
احمد بعفوية: لا يا شيماء برضه هتجيبى اسماء اختك لولاء ملكه جمال المنطقة والمناط...
صمت يبتلع ريقه متداركا حاله وهو يواجه تلك النظرات الجحيمية المسلطه عليه بمعنى أكمل لو تستطيع بعدما توقفت صاحبتها عن السير تنتظر، ليمسك بيدها يقبلها متملقا.
_ومع ذلك كلها على بعضها كده جنبك صفر على الشمال لا هى ولا عشرة زيها يا حبيبتي .
شيماء وهى تواصل السير بعدما لكزته: ايوه كده اتعدل.
أحمد بهمس: ربنا يسامحنى على الكدب ده.
شيماء: بتقول حاجه؟!
أحمد: بقول بالراحه يا قلبى الحركة السريعه غلط عليكى.
شيماء بصوت رقيق: خايف عليا.
احمد: اومااااال.
الاب متجاوزا اياهم: خف انت وهى مش وقته دخلوا.
**
_يا بنتى الله يهديكى بلاش فضايح الناس زمانهم جاين، قومى البسى هدومك.
_لا، يا ماما لا.
_انتى ايه ال جرالك ماكنت....
قطع حديثها دلوف أمانى إلى الغرفة بابتسامة.
_الجماعه وصلوا.
اشارت باصبعها على باب الغرفة بعدما صدح جرس المنزل لتكمل بمزاح.
_عريسك وصل يا عروسة.
"لا رد" سواء من والدتها التى جلست على الفراش بانهاك مطأطأة برأسها لأسفل او من شقيقتها التى عقدت ذراعيها بملامح وجه واجمة جعلتها تعقد حاجبيها بعدم فهم تتسائل .
_هو فى ايه؟
صمت لثانيه وقد انتبهت على حال شقيقتها الان.
_ وانتى يا ولاء مالبستيش ليه؟
لم تجبها فقط رفعت أكتافها بعدم إهتمام، لتنظر لها والدتها بصوت مهمموم تخاطبها.
_اطلعى انتى يا أمانى رحبى بالجماعه وقدميلهم الضيافة وانا جاية وراكى.
_أمانى بدهشة: انا!!
_والدتها: ايوه، لازم حد مننا يطلع فروحى يالا ما ينفعش نسيبهم كده.
نظرت إلى ابنتها الجالسة على الفراش متابعه:
_ ده مهما كان دول ضيوف فى بتنا برضه.
وعلى الرغم من اندهاشها، الا انها اذعنت لطلب والدتها، وخرجت للترحيب بهم..
**
يقف على الباب يسند باقة الزهور فوق علبة من الحلوى بيده ويد على الجرس يضربه، اتسعت ابتسامته وهو يستمع لصوت قادم من الداخل ينبأ بالقدوم ليعدل من وضعه ويحمل الباقة باليد الأخرى ينتظر وهى ثوان وفتح الباب .
_اهلا اهلا يا يحيى فى المعاد مظبوط.
والدة يحيى من خلفه : هو احنا نقدر نتأخر على عروستنا برضه.
استاذ توفيق: نورتونا اتفضلوا اتفضلوا.
دلف يحيى ووالدته وشقيقته لينظر لهم الاستاذ توفيق متسائلا وهو يهم بغلق الباب لتوقفه يد تجيبه على سؤاله.
_هو الاستاذ مؤمن مش جاى ولا ايه؟
مؤمن: وانا اقدر مجيش يوم زى ده؟! بس السن بقا له أحكامه والحركه مبقتش زى الاول والعريس مستعجل يا سيدى لا صابر ولا مستنى حد.
اطرق برأسه لاسفل وهو يبتسم وضحكات صغيرة تنفلت منه على حديث والده وضحكات والد عروسه.
انضمت لهم شيماء وزوجها وهى تلتقط أنفاسها من الدرج بصعوبه يعاونها زوجها.
يشير لهم الاستاذ توفيق باتجاه غرفة الضيوف ليذهبوا باتجاهها تباعا وعيناه على الممر المؤدى للغرف متسائلا أين هى زوجته؟
عقد حاجبيه وهو يرى أبنته الصغرى أمانى تخرج من الغرفة بمفردها تسير باتجاهه بتوتر ملحوظ، لينطق بما جال بفكره عندما وقفت قبالته.
_والدتك فين؟
_عند ولاء.
_مخرجتش معاكى ترحب بالضيوف ليه؟ مش سامعين الجرس .
_ما هى قالتلى أخرج انا أرحب بيهم الأول.
رفع احد حاجبيه ولم ترقه تلك الاجابه لينظر إلى ابنته: ادخلى رحبى بيهم وانا هحصلك.
هزت رأسها بالموافقة لتتوجه هى إلى المطبخ وإحضار الضيافه وهو إلى غرفة ابنته الكبرى وهناك شعورا بأن شئ ما لن يعجبه ينتظره هنالك.
**
يقف أمام باب الغرفة يهم بالدخول ومعرفة سبب تأخيرهم لكل هذا الوقت اوقفه حديث ابنته وقد غلى الدم بعروقه.
_مش عايزاه ولو طلعت هدخل اقولهاله فى وشه .
_انتى عايزه تفضحينا بقا وسط الناس.
_وانتوا عايزين تضيعوا حياتى ومستقبلى علشان كلمه لا راحت ولا جات.
فتح الباب بقوة اجفلتهم وعيناه ينطلق منها الشرر بصوت حاد.
_بقا كلمه ابوكى لا راحت ولا جات.
ابتلعت ريقها برعب من هيئته تحاول إيجاد الكلمات التى هربت من على لسانها.
_بابا انا انا.
_انتى ايه يا هانم.
بسرعه تحركت والدتها واغلقت الباب وبصوت مرتبك: مافيش يا خويا ده دلع عرايس مش اكتر.
توفيق: ماجهزتيش ليه لحد دلوقت يا ولاء؟
بلجلجلة اجابته بعدما وقفت من جلستها تحتمى بجسد والدتها كعادتها: علشان مش عايزاه.
تسمر بمكانه بصدمه: مش ايه؟ انتى جاية دلوقت والراجل فى بيتنا تقوليلى انك مش عايزاه؟!
_انا مكنتش اعرف انه جاى غير من كم ساعه؟
بشك نظر لها:_والوقت ال فات ده كله ما قولتيش ليه؟
صمتت تحاول إيجاد مبرر لوالدها دون أن توقع بنفسها: اصل انا يعنى مش مرتاحه، زى ما حضرتك قولت وقت طويل عدى وطول الوقت ده شبه مش بنتكلم ولا نعرف حاجه عن بعض يعنى اتنين اغراب فهتخطب ليه على اى اساس؟.
_الله الله يا ست ولاء وانا من امتى عندى بنات بتقعد وتتكلم مع شبان ، هى دى تربيتك لبنتك يا ست فاتن.
فاتن فى محاولة لتهدئة الأمور: يا اخويا هى متقصدش ال وصلك هى قصدها ان حتى بعد قراية الفاتحه كان كلامه معاها قليل وحتى اهله مكناش بنشوفهم كتير ولا بيودوها حتى!
_ماهو من نفختها الكدابة على خلق الله.
فاتن: هى بس مختصرة وفى حالها مش اكتر وبعدين الايام دى غير أيامنا على الاقل العريس بيزور العروسة فى بيتها يتكلم معاها مرة واتنين لحد ما يفهموا بعض ويا اه يا لا وأهله بيحاولوا يقربوا منها.
ولاء: ايوه هو ده قصدى، دول بيكلموا أمانى اكتر منى وهو نفسه ازيد من كل سنه وانتى طيبه فى رسالة فى المناسبات ما بيبعتش.
_علشان راجل محترم وملتزم بكلمته معايا وأنه مش هيتواصل معاكى لحد ما الموضوع يبقى رسمى ومطمئن انى رجل ليا كلمة فى بيتى ال بنتى عايز تفضحنى قدام الناس وتكسرها.
فاتن سريعا: لا عاش ولا كان يا اخويا ال يكسرك كلمه، كل حاجه وليها حل.
توفيق يمد يده فى محاوله للامساك بها من خلف والدتها:
_الحل ان اقطع خبرها قبل ما توطئ راسى قدام الناس
_صرخت برعب ممسكه بوالدتها : ماما.
فاتن بحده: اكتمى مش عايزين فضايح الناس بره.
وفى محاولة لتهدئته بسرعه تمسك يده برجاء: يا اخويا كل حاجه وليها حل،البت عايزة تقعد تتكلم وتعرفه..
يهم بالتعقيب توقفه سريعا: اسمعنى للاخر، احنا هنعمل ال هى عايزاه بس فى نفس الوقت قدام عنينا يعنى هنطول الخطوبة.
_تطويل ايه تانى بعد تلات سنين رابطينه بكلمه.
_اتفاقنا كان لما يرجع تكون هى خلصت دراستها والسنه لسه مخلصتش يتخطبوا وبعد ما تخلص نتمم.
صمت يلتقط أنفاسه يفكر بمقترح زوجته ولا يوجد أمامه حل سواه لحفظ ماء وجهه فهز رأسه بقلة حيلة دليل على موافقته اولاهم ظهره مغادرا وقبل ان يفتح الباب اجفله رد ابنته.
_لا.
التفت والدتها لتقف قبالتها بصدمه والاخرى متابعه : مش عايزاه.
بسرعه متناقضة مع عمره وصحة جسده قبض على خصلات شعرها مما جعلها تتأوه بألم تصرخ باستجداء لوالدتها التى افاقت على صرختها تحاول تخليصها من يده تذكره بوجود الضيوف بالمنزل وان يسيطر على اعصابه حتى ذهابهم بينما هو شعور العجز وقلة الحيلة أمام ابنته العنيدة يأجج نار غضبه : هو مين؟ انطقى، مين ده ال مقوى قلبك ومخليكى واقفة قدامى ند بند من غير خشا ولا حياء ،مين؟
الوالدة: لا انا بناتى متربين كويسين مالهمش فى الكلام ده .
أتى صوت أمانى من الخارج
"بابا الجماعة مستنينكم"
الوالدة: ابوس ايدك اطلع للناس بره وانا هلبسها واجيبها.
الوالد بتهديد صريح: قدام امك هتطلعى وهتقعدى زى الالف وكلمه كده ولا كده يا ويلك منى يا ولاء.
خرج الاب لتلتف الأم إلى ابنتها : البسى وعدى يومك واقبلى بالخطوبة وابقى اتلككى بعدها وافسخيها مع ان الواد ما يتعيبش ويبقى عملتى ال عايزاه وفى نفس الوقت راضيتى ابوكى.
صمتت تناظرها لثوانى لتنطق بعدها: دقيقتين هغير هدومي.
لتزفر والدتها براحه: ربنا يهديكى يا بنتى...لتكمل داخلها... يمكن لما تتخطبله وتقعد معاه تروق ليه وتكمل الجوزاة.
لم تلحظ نظرات التصميم بعين ابنتها.
**
قبل قليل داخل غرفة الضيوف.
شيماء الجالسة وبجانبها شقيقة زوجها، مالت عليها وهى تحرك شفتيها بالاتجاهين: ابوها قالنا اتفضلوا على اوضه الضيوف وفص ملح وداب بعدها وأمها ولا شوفنا وشها لحد دلوقت ونعم المقابلة بصراحه.
تنفست بسمه بغيظ ولم ترد لتميل على والدتها من الجهة الاخرى: أتفضلى أدى بشايرها أهى.
حاولت الأم ادعاء اللامبالاة وتمرير الأمر لاجل وليدها على الرغم من ضيقها هى الأخرى من عدم وجود الأم فى استقبالهم وتركهم بمفردهم كل هذا الوقت : يا بنتى ما هو الراجل رحب بينا على الباب وكان ناقص يشيلنا من على الارض شيل.
شيماء المتابعه لهم وهى تزيح بجسدها بسمه للخلف تميل باتجاه والدة زوجها: ومامتها ال معبرتناش يا طنط واحنا جاينلها بربطه المعلم نطلب ايد المحروسة ونتمم الموضوع.
خديجه بمغزى: اهدئ يا شيماء اهدئ ده احنا لسه بنقول يا هادئ بعدين الغايب حجته معاه يمكن الست مشغولة بالضيافة.
شيماء وهى تعود لموضعها تشبك اصابعها وتريحهم أعلى بطنها المرتفعه: هدينا لما نشوف اخرتها ال باينه من اولها.
خديجه لنفسها وهى تنظر إلى وليدها وهو يقتطف النظرات من الحين للأخر للباب جواره لا يستقر بموضعه كمن يجلس على البيض: فال الله ولا فالك، انا قولت بلاش شيماء الزيارة دى محدش سمع كلامى.
فى تلك اللحظه دلفت بابتسامتها المعهودة عليها لتنطبع بشكل تلقائى على محياهم وقد ابصروا صاحبتها.
القت السلام وهى تقف بالمنتصف حاملة بيدها الضيافة ثم تقدمت من السيدة خديجة تمازحها...
_ وانا اقول ايه النور ده كله، اتارى ديجا بنفسها عندها يادى السعد يادى الهنا.
خديجه بابتسامه وضحكه صادقة تقبلها من وجنتيها ثم تاخذ الكوب أمامها: يا بكاشه.
أمانى متوجهه إلى صديقتها بسمه: مالحقتيش توحشينى ياوزة.
بسمه وهى تقبلها هى الأخرى ثم تسحب كوب : ولا انتى يا بطه.
شيماء بمشاكسه وتذمر مصطنع: هو من لقى أحبابه ولا ايه؟
أمانى وهى تنتقل لها تقبلها هى الاخرى على وجنتها
تقدم لها الضيافه :يا سلام وهو انا عندى اعز من أم عتريس
شيماء: قوليها تانى وهتتعلقى.
أمانى بضحكه: لا وعلى ايه الطيب احسن هو انا قدك .
شيماء: خاف يا عيد.
همت بالرد عليها ومشاكستها كالعادة كلما تلاقيا يوقفها صوت من الخلف جعلها تنتبه لمن تناست وجودهم بمجرد دلوفها ووقوع بصرها على تلك السيدة المقربة لها ورفيقاتها.
_طب وعمك مؤمن نسيتيه؟
التفت له وقد تشاركت كلا من عيناها وشفتاها الابتسامه لذلك الرجل الحنون.
_وهو انا اقدر؟ اخبار حضرتك ايه؟
قالتها وهى تمد بيدها ما تحمله أمامه ليتناوله منها بابتسامة .
_بخير يا بنتى.
_يارب دايما.
باشارة من رأسها حيت ذاك الجالس على اليسار وهى تمد له هو الاخر.
_اهلا بيك استاذ احمد.
_يا بنتى بلاش استاذ دى بتكبرينى قوليلى احمد عادى مكنوش كم سنه دول فرق ما بينا.
_حضرتك فى مقام اخويا الكبير واحترامك واجب.
_يبقى تقوليلى يا أبيه زى بسمه، اتفقنا.
_اتفقنا.
تنهدت وهى تطلق زفيرا براحه تعاود بظهرها للخلف وابتسامه صغيرة تعرف طريقها إلى وجها وهى تتابع بعيناها ذاك الحديث من البداية وقد لاق مساره وختامه استحسانها كثيرا.
لتزيح هذة المرة الام بسمه إلى الخلف تميل نحو زوجه ولدها الأكبر هامسه: هديتى اهى البنية قالتله يا أبيه.
شيماء وهى تعتدل بجلستها بنظرات زائغه: قصد حضرتك ايه؟!
خديجة بنفس الهمس: ال اقصده انه متخافيش يا حبيبتى ابنى من بعد جوازه منك وهو تاب عن الصنف كله وبعدين مش أمانى ال تغيرى منها.
شيماء وهى تميل نحوها وبأعين القطط: ظلمانى وفهمانى غلط .
خديجة وهى تعود لموضعها: قصدك صح.
بسمه بإعتراض: طب ما ابدل مع وحده فيكم بدل قلة القيمه ال انا فيها دى!
خديجة ونظرها معلق باتجاه معين : اتلهى.
صمتت تتابع النظر وهناك دعوة خفية بقلبها لم تنطق على لسانها قط أمام أحد تتمناها بشده وهى تعلم أنها درب من المستحيل ولكنها حتى أخر لحظه تمتمت بصوت هامس داعية راجيه تناجى: يارب.
على يقين بأنه على كل شئ قدير.
وأعين ثالثة منذ دلوف تلك النسمة الباردة وقد لاح أثرها على الوجوه أمامه من ارتياح لم تفارقها، عيناه عليها ولم يتبين بعد وجهها تلك النغمه بصوتها ليست غريبة عليه أيعقل ان تكون هى، أيعقل انه بعد مرور تلك الأعوام تغير وقع نغمتها التى لم يستمع لها سوى لمامًا على اذنه ولكن ردود الفعل التى يراها، احاديثها مع شقيقته والدته زوجه أخاه جعلته يتمنى ذلك بشده.
حتى التفت على صوت والده ليعقد حاجبيه، ليست هى! ولكن مهلا تلك الملامح المريحة للعين تلك الإبتسامه التى تجبرك على مبادلتها رغما عنك ليست بالغريبة عنه اطلاقا، لتتسع عيناه تدريجيا وهى تتقدم منه ببطء بعدما اخفضت نظرها تمد يدها بما تحمله بصمت ، لينطق باسمها مندهشا وقد تعرف عليها.
_أمانى!!!
أغمضت عينيها تبتبلع تلك الغصة بحلقها وهى تجلى صوتها وقد خرج متحشرجا: مبروك.
مد يده يتناول الكوب وشى ما يجبره على إطالة النظر لها ، لتتورد وجنتيها بشكل غريزى وهى تستشعر تلك النظرات المصلطة عليها لتبدا قوتها الواهية بالتلاشى وتهتز يديها تزامنا مع شرود يده عن الكوب وقد ارتطمت به بدلا من امساكه وهو يصب كامل انتباه لها .
ليسقط الكوب على الصنيه ومع رعشتها التى ازدادت من المفاجأة وتناثر محتوياته على رداءها هب من مجلسه يحاول مساعدتها لترتطم به الصنية ويسقط ما عليها على بنطاله.
شهقة خرجت منها بعدما سقطت الصنية أرضا تنظر لبنطاله لتضع يدها على فمها ثم رفعت نظرها له بصدمه تزامنا مع رفع نظره لها
أمانى: انا انا اسفة.
يغمض عينيه يسب حظه العسر داخله، يفتحها وهو يحاول بيده إزاحة ما على بنطاله يغتصب ابتسامه صغيرة مقتضبه: حصل خير.
شيماء بشماته لبسمه: انا قولت باينه اهى نحس من أولها.
لتمتم بسمه واضعه يدها على فمها حتى لاتستمع لها الأخرى: يظهر ان ماما كان معاها حق!
شيماء المتابعه للمشهد بإنتشاء: بتقولى حاجه؟
بسمه وهى تميل نحوها تمرر يدها على ذراعها برفق: بقول بررركة.
استاذ مؤمن: حصل خير يا جماعه.
احمد كاتما لضحكاته: معلش بتحصل هو طريق الجواز كده كله يهدلة وتعب وقلة قيمه
شيماء: احمددددد.
احمد: بس فى الاخر جنه مستنياك
هامسا لنفسه متابعا: دون سابقة عذاب انشالله
والدته وقد اقتربت منهم تنظر لبنطاله لتتحسر داخلها: هيطلع عينى فى الغسيل.
_ استنى يا يحيى مش هينفع كده
ثم وجهت حديثها لأمانى التى توشك على البكا وهى تحاول مساعدته باعطاءه بعضا من المحارم الورقيه من على المنضدة جواره.
_بقولك يا حبيبتى.
_نعم يا طنط.
_البنطلون محتاج يتنظف علشان البقعه متلزقش.
_انا ممكن انظفه.
والدته: حلو بصى....
مقاطعا اياهم سريعا
_من فضلك وديني بس الحمام وانا هتعامل.
والدته بشك:هتعرف؟
يحيى: ماما انا تلات سنين فى غربه بعمل كل حاجه لنفسى.
أمانى : اتفضل معايا وانا بجد اسفه بعتذر.
يحيى وهو يرى كل ذاك التوتر المسيطر عليها أهداها ابتسامه صادقة مطمئنة: حصل خير وانا كمان ما ركزتش وانا بقوم فمش غلطك لوحدك.
خرج وهمت باللحاق به امسكتها والدته من ذراعها تميل عليها: وانتى كمان روحى غيرى لحسن هدومك اتبهدلت خالص .
هزت رأسها بصمت تلحقه ترشده لطريق المرحاض الواقع بمنتصف الممر المؤدى إلى الغرفة.
بينما فى اثرهم أطلقت زفيرا طويلا وقد مر بقلبها هاجس تشاؤمى يخص تلك الزيجه، التفت لتعاود الجلوس إلى كرسيها لتصطدم بوجه شيماء الضاحك والشماته تكاد تقفز من عينيها تتمتم.
_الله يكون فى عونك يا احمد يا بنى ويعينك على ال انت فيه.
**
وقفت على بعد خطوات منه تشير على الباب دون أن ترفع عيناها نحوه.
_اتفضل حضرتك.
هز رأسه بالايجاب ، ليدلف مغلقا الباب خلفه.
لتخرج تنهيدة حبيسه بصدرها وهى تنظر إلى الباب المغلق، تذكرت امر ردائها لتمرر نظرها عليه تتسع عيناها.
_ده اتبهدل على الاخر.
قالتها راكضة لغرفتها لتبديله.
**
وبالعودة للوقت الحالى
تناظر ولدها بعدم فهم فمنذ عودته بدأ كما لو انه بدل بآخر ، اختفت الابتسامه من على وجهه انطفأت اللمعه بعينيه وجهه مسود كمن يحمل فوق أكتافه اطنان من الهموم، حتى أمانى صامته تقتطف النظرات له ومعالم القلق واضحه على وجهها لتهمس بصوت خفيض لنفسها: هو حصل ايه؟
ليست الوحيدة التى لاحظت ذاك التغيير بدليل الصمت المطبق وقد خيم على المكان لتزداد الحيرة بدلوف الاستاذ توفيق وبصوت مهزوز دون النظر لهم: ثوانى والجماعه جايين.
لم يرد اى منهم فقط إماءة من الرأس لتميل شيماء على بسمه والاثنين بهمس فى نفس التوقيت: هو فى ايه؟
قاطع همسهم و صمت البقية دلوف والدة العروس تمسك بابنتها باحكام كمن يغشى عليها من الهرب ترحب بهم.
_يا اهلا يا اهلا نورتونا وشرفتونا.
خديجه بمزاح فى محاولة لتلطيف الأجواء: ايه يا فاتن ماسكه فى البنت كده ليه؟ عايزين نسلم عليها ولا خايفة ناخدها ونمشى هو اه هيحصل بس مش دلوقت..
فاتن: اه، اصلى لسه مش مصدقة انها كبرت خلاص وهتتجوز.
وبحده طفيفة خلف ابتسامتهاالمصطنعة:سلمى يا ولاء.
ختمت حديثها بلكزة خفية لابنتها التى توجهت لهم تمد يدها بالسلام وابتسامه مجاملة رسمت بإعجاز على محياها جعل كلا من شيماء وبسمه يتبادلن النظرات بشفاه علوية وحاجب مرفوع بينما الام مررتها لأجل ابنها.
احمد يميل على والده: تغور الحلاوة المعجونة بالتناكة دى كلها.
مؤمن: هشش ده اختياره وهو حر.
وقفت أمامه ليرفع نظره لها لأول مرة صريحه يتأمل تلك التى حلم بهذة اللحظه التى تجمعه بها منذ سنوات، من كد و اجتهد كى يفوز بها، كان يتأملها دون حديث وهى الأخرى وقفت صامته ولم تمد يدا هى الأخرى .
بالبداية كانت نظراتها له تقليليه ولكن مع تاملها لم تستطع حجب لمعه الاعجاب بعينيها.
_الخارج بينظف فعلا، بس بعد ايه! مابقاش يلزمني.
الام فاتن: اقعدى يا حبيبتي جنب طنطك خديجه.
بهدوء تحركت لتجلس بجانب والدتها التى ابتلعت ريقها بإحراج ، تنتظرهم باعين ذائغة بعدما اخفض الوالد توفيق نظرة لاسفل بكسره وقد ايقن الان ان ابنته ألقت بكلمته وتهديده عرض الحائط.
لتتدخل أمانى سريعا جالسه بجانب السيده خديجه تلتف بكلتا ذرايعها حول ذراع الاخرى: لا بقا يا ست ماما محدش هيقعد جنب ديجا غيرى.
لتبتسم الأخرى بمحبه صافية تربط بيدها الحرة غلى ذراعيها: ربنا يراضيكى دايما يا حبيبتى، صدقينى وانا كمان مش عايزة حد غيرك يقعد جنبى.
كانت كلماتها ذات مغزى وصل بوضوح لمسامع تلك الولاء التى عقبت بابتسامه صغيرة ساخرة .
الاستاذ مؤمن بمضض: أستاذ توفيق ومن غير مقدمات طبعا حضرتك عارف سبب وجودنا انهاردة؟
هز رأسه بيأس وعيناه لم ترفع عن الأرض يجيب بعجز وصوت ضعيف: عارف عارف.
الاستاذ مؤمن: يبقى ندخل فى التفا....
قاطعه سريعا بعدما حاد بعينه عن والدته التى كانت تنظر له هى الأخرى إلى السيد توفيق وبصوت هادئ رزين: أستاذ توفيق بعد اذن حضرتك ممكن طلب.
الاستاذ توفيق مبتلعا ريقه يخرج صوته بصعوبه متخوفا من القادم.
_اتفضل يا بنى.
وبعد اذنك يا والدى انا بجدد طلبى من حضرتك بطلب ايد كريمتك الانسة أمانى.
أمانى ولاء بصدمه احداهما مستنكرة والأخرى غير مصدقة: ااااااايه.
خديجة وبسمه وشيماء : تبادلن النظرات المستفهمه المصدومه ببسمه وسعادة جليه للعيان.
بينما الاب رفع نظره له وقد عاد وجه للاشراق من جديد ينظر لابنتيه وزوجته والصدمه جلبه على وجوه ثلاثتهن ليعاود النظر لابنته الصغرى بعدما راى حال زوجته كحاله.
_وانا موافق يا بنى انا مش هلاقي لبنتى عريس احسن منك، بس الموضوع فى الاول والاخر يخص أمانى ورايها هو المهم.
وبنبرة التمست بها الرجاء مست قلبها وهى تشهد والدها على هذة الحالة من الضعف لأول مرة: ايه رايك يا أمانى يا بنتى؟
ولاء باستنكار: نننننعم هو مش المفروض..
يحيى متجاهلا إياها كما هو حال الجميع: بعد اذنك ممكن دقيقتين معاها على انفراد حابب اتكلم معاها قبل ما تقول رأيها.
الاستاذ توفيق: حقك يا ابنى.
وجه حديثه لابنته: أمانى خدى عريسك يا بنتى وادخلوا البلكونه اتكلموا واحنا هنا مستنينكم.
ولاء تنظر لوالدتها وهى تشير عليهم باصبعها : ايه الهبل ده؟
والدتها بجوارها تلكزها بقوة: انتى تخرسى خالص عندك كلمه حلوة قوليها معندكيش يا تقعدى ساكته يا تنجرى على اوضتك من سكات.
وبصوت عالى: روحى يا بنتى مع عريسك ربنا يكتبلكم الخير يارب.
ولاء بانزعاج تقف من مجلسها متوجهه لغرفتها: ده جنان رسمى.
بينما هى بواد اخر لم تستوعب تلك الكلمه بالمرة الاولى عندما نطق بها والدها لتاتى والدتها وعادتها عليها، الا ترأف بحال قلبها المرفرف بين اضلعها كأجنحه الطير وشذى عطره المداعب لأنفها وهو الواقف إلى جوارها بأنها فقط بحلم وستفيق بايه لحظه.
أغلق باب الشرفه الزجاجية يهدى العيون المصلطه عليهم ابتسامه مزيفه ليقف معطيا لهم ظهره ينظر للطريق أمامه وبكلماته اخرجها من شرودها جعلها تفيق على حالها.
_انا سمعت ولاء وهى بتقول انها مش عايزانى.
نظرت له بصدمه، ليلتف برأسه ينظر لها: وعارف أن انتى عارفة انى سمعت.
بتنهيده عالية نظرت للامام وبصدق: شكيت.
التف بكامل جسده بمجابتها: يمكن ال هطلبه ده صعب انك تقبليه بس ده لأجل حفظ كرامة والدك ...أغمض عينيه ياخذ نفس عاليا ناظرا لها وبرجاء اكمل..وكرامتى انك توافقي على الخطوبة.
حلمها تحول لكابوس جعل الدمع يتزاحم بعينيها لتظل صامته وقد شجعه صمتها على المتابعه: ما تقلقيش هتكون فترة قصيرة..
التفت له باستفهام ليكمل...
لحد ما انتى تخلصي السنه دى وبعدها نتحجج اننا مش متفاهمين ولو حبيتى قبل الفترة دى كمان قوليلى وانا أنهى على طول بس على الاقل نقطع الطريق قدام اى حد انه يتكلم وال يسأل على ولاء نقول...
دمعه متمردة هبطت على وجنتها جعلته يبتلع باقى حديثه وعيناة تتنقل بين خاصتها ليدرك فداحه فعلته: انا اسف.
اخذ نفس عميق يستقيم بوقفته ناظرا بعيدا عنها ينظر للجمع المتهامس بسعادة من خلف الزجاج: انا بفرض عليكى وضع وقرار اخدته من غير ما اسمع رايك حتى؟
أطلق زفير عالى: خططت لحياتك لشهور قدام من غير ما افكر ان ممكن حياتك تبوظ بسبب القرار ده...مافكرتش ان بنت جميلة زيك ممكن يكون فى حد فى حياتها وفى قلبها...
بتشكك وفضول وأمنية خفية بالنفى لا يعلم مصدرها سالها وبتردد: هو ، هوفي؟
نظرت أمامها من جديد وباماءه من رأسها اجابته، ليغمض عينيه ثوانى ثم اولاها ظهره متوجها ناحية الباب : انا هدخل وهسحب كلامى.
_بس انا موافقة.
التف لها سريعا ينظر لظهرها: أمانى...
أغلقت عينيها تستمع لاسمها مجردا من بين شفتيه بعد سنوات لتووالى الدموع بالهبوط تباعا.
نظر لدموعها وبندم.
_انا الحل ال اقترحت كان الشق التانى منه انى احفظ ماء وجهى انا كمان بالاخص انى وقفت قدام..
صمت يطلق زفير محملا بألمه: بس مش معنى ده انى أظلمك انتى والانسان ال بتحبيه، انا هسحب كلامى وهقول قدام الكل انى رجعت فى كلمتى بعد ما ربطتكم بيا سنين.
التف من جديد مغادرا لتوقفه هى بعدما التفت له: بس هو ميعرفش.
امال بنصف جسده ينظر لها بحاجب مرفوع ينتظر تفسير ولم تبخل هى عليه به: ميعرفش انى انى.
صمتت ليقف قبالتها بينهما خطوة واحده يسألها بصوت هادئ : انك ايه يا أمانى؟
رفعت نظرها له وبصدق لمس قلبه: بحبه..
طريقتها فى الإفصاح جعلت الدقات تتوالى تباعا تطرق بعنف جناته.
طال اتصالهم البصرى لتتهرب بنظرها بعيدا عنه متابعه: يعنى حب من طرف واحد.
_انا فقت لنفسى فبلاش أظلمك معايا.
_انت كده ال بتظلم نفسك، لما تظهر نفسك قدام الناس لعبى ومستهتر وبتتسلى ببنات الناس ومالكش كلمه.
ضيق بين عينيه: وده يهمك؟
بتهرب: ديجا هى ال تتمنى وبعدين كده هيكون افضل علشان شكل بابا قدام الناس.
_يعنى موافقة تكونى خطيبتى.
بفطرة غريزية أطلقت برأسها لاسفل بخجل تؤمى برأسها.
ابتسامه صغيرة شقت وجهه وهو يتأملها وبداخله "شتان بين الاختين."
أخرجته من شروده بها بصوتها: ممكن اسالك سؤال قبل اى حاجه واتمنى تجاوبني بصراحه.
يحيى: اتفضلى مع انى شبه عارف هتسالى تقولى ايه.
رفعت عيناها سريعا له ليهز برأسه بالايجاب: وصدقيني وقتها لا والف لا.
أمانى: حتى لو حقيقى ندمت واعتذرت.
_حتى لو رجعت بدموع عينيها يا أمانى.
صمت يعقد ذراعيه شاردا بالفراغ يحدثها كما لو كان يحدث نفسه: اختك كانت حلم وصورة جميلة رسمتها حطيت عليها كل أمنية اتمنتها فى شريكه حياتى وربطت نفسى ليها وحافظت عليها وعلى مشاعرى علشانها بس ساعات مهمها كان الشخص ال قدامك جميل او فى عيونك أجمل حد فى الكون، ساعات كلمه موقف بتكسر صورته قدامك لميت حته وقتها لو لميت الكسور علشان تجمع الصورة من التانى انت بس ال هتتجرح مع كل حته بتمسكها بايدك وده ال حصل مع اختك.
هزت راسها بتفهم بعدما لمست وجعه.
لياتى دوره هو هذة المرة ليباغتها بسؤال طُرح على عقله جاهد فى كتمه مذكرا حاله بأنه لايحق له يكفيه ما فرضه عليها حتى آلان ولكن اللسان انصاع لرغبة القلب الملحة: ممكن اسالك انا سؤال المرة دى؟
بصوت مبحوح : اتفضل.
_هتحاوبينى بصراحه
_اوعدك طول فترة خطوبتنا مش هيكون بينا غير الصراحه.
إجابة جذبت جميع خلايا جسده جعلت عيناه تطيل لها النظر دون إرادة منه لتتورد وجنتيها تتهرب بنظراتها عنه ليحمحم حرجا.
_احم، لو الشخص التانى اعترفلك بحبه وكنا وقتها مخطوبين هتتصرفى ازاى؟ هتسرعى فسخها صح؟
بتمنى رفعت عيناها : وقتها هقولك.
بغصة مجهولة المصدر مع حديثها وتلك اللمعه بعينيها:_ممكن اعرف هو مين؟
بأعين عادت تلمع بها الدموع:_فى أخر يوم فى خطوبتنا هقولك.
ابتلع ريقه وعيناه على خاصتها امتدت يده تحاوط كتفيها دون شعور منه: ولو طلبت منك وقتها اننا نكمل سوا يا أمانى.
رعشة صغيرة اثر لمسته تنظر ليداه بعين متسعه، ليسحبها سريعا.
وباستفهام
_انت عايز تكمل؟!
مش هكدب عليكى وهكون صريح: مش عارف محتار.
نكست رأسها ليتابع هو بتيه: بس ما انكرش انى فى راحه غريبة بحس بيها فى وجودك.
صمت وصمتت تنظر لظهره وذكرياتها معه تداهمها حلمها على بعد خطوة منها اما ان تمد يدها تقتنص تلك الفرصة وقد أهداها إياها قدرها او تتراجع بخوف من الرفض وتتعايش مع ندم قلبها لاحقا لا تلم أحد سواها.
أخذت نفس عالى وقد اتخذ القلب القرار.
بابتسامه مهزوزة: ايه رايك نكون صحاب
_ايه
هزت راسها بتأكيد: اممم، أصحاب مرتبطين بخاتم وسيب كل حاجه لوقتها وظروفها ، هكون موجوده وقت ما تحتاجني وانت...
مقاطعا بسرعه: دايما فى ظهرك.
بابتسامه حقيقة : وانا مش محتاجه اكتر من كده
يشير برأسه للداخل: يالا بينا.
هزت رأسها بابتسامه تدلف خلفه.
بمجرد رؤيتهم سويا وتلك البسمه على وجوههم وقد انطبعت على وجوه الجميع، سأل الاب بترقب.
_ايه رايك يا بنتى؟
السيده خديجه: اللاه ما هو الجواب باين من عنوانه اهو
رفعت نظرها له بابتسامه صغيرة وخجل فطرى: ال حضرتك تشوفه يا بابا.
زفرة راحه خرجت منه على صوت زغروده عالية من فاه والدتها تبعها زغرودة من فاه خديجه.
لتخفى وجهها بحضن والدتها التى احتضنتها بحب تزغرد بسعادة حقيقية.
وصل الصوت إلى ولاء بغرفتها لترفع الهاتف عن اذنها ترهف السمع : هه ، اهو غار من وشى ، يالا طول عمرها بتاخد ال برميه تشبع بيه.
أعادت الهاتف إلى اذنها متحدث بضيق ونفاذ صبر: وده قافل تليفونه ليه هو كمان اووف.
وبالعودة للجمع السعيد كان ينقل نظراته على ذويه بحيرة من تلك السعادة الجلية على وجه والدته التى كان تغصب نفسها قصرا على الابتسام كلما أتى ذكر زيجته والان لم تتوقف عن الضحك بصوت عالى ، اندماج اباه واخاه مع السيد توفيق كانهم رفقة وأهل حتى السيد توفيق نفسه وجهه لم تغادره الابتسامه يتفق مع والده فى التفاصيل دون تعنت او تشدد على مطلب خاص حتى شيماء تبتسم، أخته ترمى لهم القبلات بالهواء من الحين للأخر.
لينظر لها بنفس اللحظه التى نظرت هى له فيها وهى تتابع ذويها بصدمه من فرحتهم الطاغية ووالدتها التى تطلق الزغرود كل دقيقة بفرحه.
_هو/هى لبعضهما : هو مالهم حصلهم ايه؟
ليضحكا بخفة تبعها بسمه صغيره عقب سماع حديث والده.
_وبكده الخطوبه بعد بكرة وكتب الكتاب بعد امتحاناتها بيوم يعنى بعد تلات شهور وتكمل السنتين ال فاضلين معانا وفى بيتها، خلاص يا عروسة تمام يا عريس.
هزوا روؤسهم بموافقة.
_يبقى الفاتحه يا جماعه.
ليرفع الجميع ايديهم بالقراءة لتتقابل النظرات من جديد واحده متأملة والاخرى متمنيه.
وهناك أعين ثالثة تراقب من بعيد ، لتعود من جديد إلى جحرها دون أن يشعر بوجودها احد كما لم يشعر احد برحيلها والهاتف لايزال على اذنها: ماترد يا حازم اللاه.
بقلم مروة حمدى
الجزء الأول.
**
تقف أمام النافذة، عيناها على الطريق، اعتصرت الستار بقبضتها الصغيرة اغمضت عينيها وضربه موجعه سددت لمنتصف قلبها ببراعه وهى تراه يتقدم من بنايتهم وخلفه ذويه وتلك الإبتسامه على وجه ايقنتها بأن اليوم الذى كانت تغشاه قد أتى وان الأوان ان تستفيق من أحلامها بخصوصه ، فبعد هذا اليوم سيغدو هو لقلبها من المحرمات.
أطلقت تنهيدة عالية ولم تعى لتلك الدمعه التى هبطت على وجنتها أثناء تأملها له، فتحت عيناها وقد خلى الطريق منه، لتبتسم بسمه صغيرة بحزن، تحكم أغلاق الستار خارجة من غرفتها إلى الغرفة الأخرى المجاورة لها.
**
يسبقهم بخطواته المتلهفة لإتمام الوصال بعد سنين من البعاد وقلبه يتراقص على وقع الدقات وعيناه تدندن بلمعتها اعزب الألحان دلف للبناية وقدماه لا تلمس الأرض اسفلها لتعلق والدته خلفه وهى تحاول مجاراته بمسانده شقيقته وخلفهم والده واخاه وزوجته.
_يا حبيبى بالراحه بالراحه هى هتطير.
_انا ال طاير يا ماما.
الام بسعادة لسعادة وليدها ورغم امتعاض وجه شقيقته جوارها عقب تعليقه لتلكزها بيدها: ربنا يتمملك على خير يا حبيبى.
مالت على إذن ابنتها : يا بت انسى كلام العيال ال فى دماغك ده وافرحى لفرحة اخوكى.
بسمه: مش بتنزلى من زور مش بلعاها يا ناس هو بالعافية.
الام بهمس: اشربيها مع كوباية مياه وهى تتبلع وبعدين هى مش هتعيش معاكى.
بسمه: ليه والشقة ال فوقينا دى ال ابنك حاطط عينه عليها وكلم صاحب البيت!
الام: يووووه، بكرة يجيلك نصيبك وتروحى بيتك وارتاح من الصداع.
_كده برضه يا سوسو، اهون عليكى؟
_يابت اخوكى واقف على باب الجماعه واحنا لسه فى اول دور، اسحبينى بلاش لكاعه بدل ما يدخل على الناس لوحده!
وخلفهم تميل شيماء على زوجها بهمس: انا مش عارفة اخوك عاجبه فيها ايه؟ ده لسه راجع من سفره وش الفجر علطول جرى عليها كده! فيها ايه زيادة عن اختى يخليه يدلق عليها الدلقة السودة دى؟
احمد بعفوية: لا يا شيماء برضه هتجيبى اسماء اختك لولاء ملكه جمال المنطقة والمناط...
صمت يبتلع ريقه متداركا حاله وهو يواجه تلك النظرات الجحيمية المسلطه عليه بمعنى أكمل لو تستطيع بعدما توقفت صاحبتها عن السير تنتظر، ليمسك بيدها يقبلها متملقا.
_ومع ذلك كلها على بعضها كده جنبك صفر على الشمال لا هى ولا عشرة زيها يا حبيبتي .
شيماء وهى تواصل السير بعدما لكزته: ايوه كده اتعدل.
أحمد بهمس: ربنا يسامحنى على الكدب ده.
شيماء: بتقول حاجه؟!
أحمد: بقول بالراحه يا قلبى الحركة السريعه غلط عليكى.
شيماء بصوت رقيق: خايف عليا.
احمد: اومااااال.
الاب متجاوزا اياهم: خف انت وهى مش وقته دخلوا.
**
_يا بنتى الله يهديكى بلاش فضايح الناس زمانهم جاين، قومى البسى هدومك.
_لا، يا ماما لا.
_انتى ايه ال جرالك ماكنت....
قطع حديثها دلوف أمانى إلى الغرفة بابتسامة.
_الجماعه وصلوا.
اشارت باصبعها على باب الغرفة بعدما صدح جرس المنزل لتكمل بمزاح.
_عريسك وصل يا عروسة.
"لا رد" سواء من والدتها التى جلست على الفراش بانهاك مطأطأة برأسها لأسفل او من شقيقتها التى عقدت ذراعيها بملامح وجه واجمة جعلتها تعقد حاجبيها بعدم فهم تتسائل .
_هو فى ايه؟
صمت لثانيه وقد انتبهت على حال شقيقتها الان.
_ وانتى يا ولاء مالبستيش ليه؟
لم تجبها فقط رفعت أكتافها بعدم إهتمام، لتنظر لها والدتها بصوت مهمموم تخاطبها.
_اطلعى انتى يا أمانى رحبى بالجماعه وقدميلهم الضيافة وانا جاية وراكى.
_أمانى بدهشة: انا!!
_والدتها: ايوه، لازم حد مننا يطلع فروحى يالا ما ينفعش نسيبهم كده.
نظرت إلى ابنتها الجالسة على الفراش متابعه:
_ ده مهما كان دول ضيوف فى بتنا برضه.
وعلى الرغم من اندهاشها، الا انها اذعنت لطلب والدتها، وخرجت للترحيب بهم..
**
يقف على الباب يسند باقة الزهور فوق علبة من الحلوى بيده ويد على الجرس يضربه، اتسعت ابتسامته وهو يستمع لصوت قادم من الداخل ينبأ بالقدوم ليعدل من وضعه ويحمل الباقة باليد الأخرى ينتظر وهى ثوان وفتح الباب .
_اهلا اهلا يا يحيى فى المعاد مظبوط.
والدة يحيى من خلفه : هو احنا نقدر نتأخر على عروستنا برضه.
استاذ توفيق: نورتونا اتفضلوا اتفضلوا.
دلف يحيى ووالدته وشقيقته لينظر لهم الاستاذ توفيق متسائلا وهو يهم بغلق الباب لتوقفه يد تجيبه على سؤاله.
_هو الاستاذ مؤمن مش جاى ولا ايه؟
مؤمن: وانا اقدر مجيش يوم زى ده؟! بس السن بقا له أحكامه والحركه مبقتش زى الاول والعريس مستعجل يا سيدى لا صابر ولا مستنى حد.
اطرق برأسه لاسفل وهو يبتسم وضحكات صغيرة تنفلت منه على حديث والده وضحكات والد عروسه.
انضمت لهم شيماء وزوجها وهى تلتقط أنفاسها من الدرج بصعوبه يعاونها زوجها.
يشير لهم الاستاذ توفيق باتجاه غرفة الضيوف ليذهبوا باتجاهها تباعا وعيناه على الممر المؤدى للغرف متسائلا أين هى زوجته؟
عقد حاجبيه وهو يرى أبنته الصغرى أمانى تخرج من الغرفة بمفردها تسير باتجاهه بتوتر ملحوظ، لينطق بما جال بفكره عندما وقفت قبالته.
_والدتك فين؟
_عند ولاء.
_مخرجتش معاكى ترحب بالضيوف ليه؟ مش سامعين الجرس .
_ما هى قالتلى أخرج انا أرحب بيهم الأول.
رفع احد حاجبيه ولم ترقه تلك الاجابه لينظر إلى ابنته: ادخلى رحبى بيهم وانا هحصلك.
هزت رأسها بالموافقة لتتوجه هى إلى المطبخ وإحضار الضيافه وهو إلى غرفة ابنته الكبرى وهناك شعورا بأن شئ ما لن يعجبه ينتظره هنالك.
**
يقف أمام باب الغرفة يهم بالدخول ومعرفة سبب تأخيرهم لكل هذا الوقت اوقفه حديث ابنته وقد غلى الدم بعروقه.
_مش عايزاه ولو طلعت هدخل اقولهاله فى وشه .
_انتى عايزه تفضحينا بقا وسط الناس.
_وانتوا عايزين تضيعوا حياتى ومستقبلى علشان كلمه لا راحت ولا جات.
فتح الباب بقوة اجفلتهم وعيناه ينطلق منها الشرر بصوت حاد.
_بقا كلمه ابوكى لا راحت ولا جات.
ابتلعت ريقها برعب من هيئته تحاول إيجاد الكلمات التى هربت من على لسانها.
_بابا انا انا.
_انتى ايه يا هانم.
بسرعه تحركت والدتها واغلقت الباب وبصوت مرتبك: مافيش يا خويا ده دلع عرايس مش اكتر.
توفيق: ماجهزتيش ليه لحد دلوقت يا ولاء؟
بلجلجلة اجابته بعدما وقفت من جلستها تحتمى بجسد والدتها كعادتها: علشان مش عايزاه.
تسمر بمكانه بصدمه: مش ايه؟ انتى جاية دلوقت والراجل فى بيتنا تقوليلى انك مش عايزاه؟!
_انا مكنتش اعرف انه جاى غير من كم ساعه؟
بشك نظر لها:_والوقت ال فات ده كله ما قولتيش ليه؟
صمتت تحاول إيجاد مبرر لوالدها دون أن توقع بنفسها: اصل انا يعنى مش مرتاحه، زى ما حضرتك قولت وقت طويل عدى وطول الوقت ده شبه مش بنتكلم ولا نعرف حاجه عن بعض يعنى اتنين اغراب فهتخطب ليه على اى اساس؟.
_الله الله يا ست ولاء وانا من امتى عندى بنات بتقعد وتتكلم مع شبان ، هى دى تربيتك لبنتك يا ست فاتن.
فاتن فى محاولة لتهدئة الأمور: يا اخويا هى متقصدش ال وصلك هى قصدها ان حتى بعد قراية الفاتحه كان كلامه معاها قليل وحتى اهله مكناش بنشوفهم كتير ولا بيودوها حتى!
_ماهو من نفختها الكدابة على خلق الله.
فاتن: هى بس مختصرة وفى حالها مش اكتر وبعدين الايام دى غير أيامنا على الاقل العريس بيزور العروسة فى بيتها يتكلم معاها مرة واتنين لحد ما يفهموا بعض ويا اه يا لا وأهله بيحاولوا يقربوا منها.
ولاء: ايوه هو ده قصدى، دول بيكلموا أمانى اكتر منى وهو نفسه ازيد من كل سنه وانتى طيبه فى رسالة فى المناسبات ما بيبعتش.
_علشان راجل محترم وملتزم بكلمته معايا وأنه مش هيتواصل معاكى لحد ما الموضوع يبقى رسمى ومطمئن انى رجل ليا كلمة فى بيتى ال بنتى عايز تفضحنى قدام الناس وتكسرها.
فاتن سريعا: لا عاش ولا كان يا اخويا ال يكسرك كلمه، كل حاجه وليها حل.
توفيق يمد يده فى محاوله للامساك بها من خلف والدتها:
_الحل ان اقطع خبرها قبل ما توطئ راسى قدام الناس
_صرخت برعب ممسكه بوالدتها : ماما.
فاتن بحده: اكتمى مش عايزين فضايح الناس بره.
وفى محاولة لتهدئته بسرعه تمسك يده برجاء: يا اخويا كل حاجه وليها حل،البت عايزة تقعد تتكلم وتعرفه..
يهم بالتعقيب توقفه سريعا: اسمعنى للاخر، احنا هنعمل ال هى عايزاه بس فى نفس الوقت قدام عنينا يعنى هنطول الخطوبة.
_تطويل ايه تانى بعد تلات سنين رابطينه بكلمه.
_اتفاقنا كان لما يرجع تكون هى خلصت دراستها والسنه لسه مخلصتش يتخطبوا وبعد ما تخلص نتمم.
صمت يلتقط أنفاسه يفكر بمقترح زوجته ولا يوجد أمامه حل سواه لحفظ ماء وجهه فهز رأسه بقلة حيلة دليل على موافقته اولاهم ظهره مغادرا وقبل ان يفتح الباب اجفله رد ابنته.
_لا.
التفت والدتها لتقف قبالتها بصدمه والاخرى متابعه : مش عايزاه.
بسرعه متناقضة مع عمره وصحة جسده قبض على خصلات شعرها مما جعلها تتأوه بألم تصرخ باستجداء لوالدتها التى افاقت على صرختها تحاول تخليصها من يده تذكره بوجود الضيوف بالمنزل وان يسيطر على اعصابه حتى ذهابهم بينما هو شعور العجز وقلة الحيلة أمام ابنته العنيدة يأجج نار غضبه : هو مين؟ انطقى، مين ده ال مقوى قلبك ومخليكى واقفة قدامى ند بند من غير خشا ولا حياء ،مين؟
الوالدة: لا انا بناتى متربين كويسين مالهمش فى الكلام ده .
أتى صوت أمانى من الخارج
"بابا الجماعة مستنينكم"
الوالدة: ابوس ايدك اطلع للناس بره وانا هلبسها واجيبها.
الوالد بتهديد صريح: قدام امك هتطلعى وهتقعدى زى الالف وكلمه كده ولا كده يا ويلك منى يا ولاء.
خرج الاب لتلتف الأم إلى ابنتها : البسى وعدى يومك واقبلى بالخطوبة وابقى اتلككى بعدها وافسخيها مع ان الواد ما يتعيبش ويبقى عملتى ال عايزاه وفى نفس الوقت راضيتى ابوكى.
صمتت تناظرها لثوانى لتنطق بعدها: دقيقتين هغير هدومي.
لتزفر والدتها براحه: ربنا يهديكى يا بنتى...لتكمل داخلها... يمكن لما تتخطبله وتقعد معاه تروق ليه وتكمل الجوزاة.
لم تلحظ نظرات التصميم بعين ابنتها.
**
قبل قليل داخل غرفة الضيوف.
شيماء الجالسة وبجانبها شقيقة زوجها، مالت عليها وهى تحرك شفتيها بالاتجاهين: ابوها قالنا اتفضلوا على اوضه الضيوف وفص ملح وداب بعدها وأمها ولا شوفنا وشها لحد دلوقت ونعم المقابلة بصراحه.
تنفست بسمه بغيظ ولم ترد لتميل على والدتها من الجهة الاخرى: أتفضلى أدى بشايرها أهى.
حاولت الأم ادعاء اللامبالاة وتمرير الأمر لاجل وليدها على الرغم من ضيقها هى الأخرى من عدم وجود الأم فى استقبالهم وتركهم بمفردهم كل هذا الوقت : يا بنتى ما هو الراجل رحب بينا على الباب وكان ناقص يشيلنا من على الارض شيل.
شيماء المتابعه لهم وهى تزيح بجسدها بسمه للخلف تميل باتجاه والدة زوجها: ومامتها ال معبرتناش يا طنط واحنا جاينلها بربطه المعلم نطلب ايد المحروسة ونتمم الموضوع.
خديجه بمغزى: اهدئ يا شيماء اهدئ ده احنا لسه بنقول يا هادئ بعدين الغايب حجته معاه يمكن الست مشغولة بالضيافة.
شيماء وهى تعود لموضعها تشبك اصابعها وتريحهم أعلى بطنها المرتفعه: هدينا لما نشوف اخرتها ال باينه من اولها.
خديجه لنفسها وهى تنظر إلى وليدها وهو يقتطف النظرات من الحين للأخر للباب جواره لا يستقر بموضعه كمن يجلس على البيض: فال الله ولا فالك، انا قولت بلاش شيماء الزيارة دى محدش سمع كلامى.
فى تلك اللحظه دلفت بابتسامتها المعهودة عليها لتنطبع بشكل تلقائى على محياهم وقد ابصروا صاحبتها.
القت السلام وهى تقف بالمنتصف حاملة بيدها الضيافة ثم تقدمت من السيدة خديجة تمازحها...
_ وانا اقول ايه النور ده كله، اتارى ديجا بنفسها عندها يادى السعد يادى الهنا.
خديجه بابتسامه وضحكه صادقة تقبلها من وجنتيها ثم تاخذ الكوب أمامها: يا بكاشه.
أمانى متوجهه إلى صديقتها بسمه: مالحقتيش توحشينى ياوزة.
بسمه وهى تقبلها هى الأخرى ثم تسحب كوب : ولا انتى يا بطه.
شيماء بمشاكسه وتذمر مصطنع: هو من لقى أحبابه ولا ايه؟
أمانى وهى تنتقل لها تقبلها هى الاخرى على وجنتها
تقدم لها الضيافه :يا سلام وهو انا عندى اعز من أم عتريس
شيماء: قوليها تانى وهتتعلقى.
أمانى بضحكه: لا وعلى ايه الطيب احسن هو انا قدك .
شيماء: خاف يا عيد.
همت بالرد عليها ومشاكستها كالعادة كلما تلاقيا يوقفها صوت من الخلف جعلها تنتبه لمن تناست وجودهم بمجرد دلوفها ووقوع بصرها على تلك السيدة المقربة لها ورفيقاتها.
_طب وعمك مؤمن نسيتيه؟
التفت له وقد تشاركت كلا من عيناها وشفتاها الابتسامه لذلك الرجل الحنون.
_وهو انا اقدر؟ اخبار حضرتك ايه؟
قالتها وهى تمد بيدها ما تحمله أمامه ليتناوله منها بابتسامة .
_بخير يا بنتى.
_يارب دايما.
باشارة من رأسها حيت ذاك الجالس على اليسار وهى تمد له هو الاخر.
_اهلا بيك استاذ احمد.
_يا بنتى بلاش استاذ دى بتكبرينى قوليلى احمد عادى مكنوش كم سنه دول فرق ما بينا.
_حضرتك فى مقام اخويا الكبير واحترامك واجب.
_يبقى تقوليلى يا أبيه زى بسمه، اتفقنا.
_اتفقنا.
تنهدت وهى تطلق زفيرا براحه تعاود بظهرها للخلف وابتسامه صغيرة تعرف طريقها إلى وجها وهى تتابع بعيناها ذاك الحديث من البداية وقد لاق مساره وختامه استحسانها كثيرا.
لتزيح هذة المرة الام بسمه إلى الخلف تميل نحو زوجه ولدها الأكبر هامسه: هديتى اهى البنية قالتله يا أبيه.
شيماء وهى تعتدل بجلستها بنظرات زائغه: قصد حضرتك ايه؟!
خديجة بنفس الهمس: ال اقصده انه متخافيش يا حبيبتى ابنى من بعد جوازه منك وهو تاب عن الصنف كله وبعدين مش أمانى ال تغيرى منها.
شيماء وهى تميل نحوها وبأعين القطط: ظلمانى وفهمانى غلط .
خديجة وهى تعود لموضعها: قصدك صح.
بسمه بإعتراض: طب ما ابدل مع وحده فيكم بدل قلة القيمه ال انا فيها دى!
خديجة ونظرها معلق باتجاه معين : اتلهى.
صمتت تتابع النظر وهناك دعوة خفية بقلبها لم تنطق على لسانها قط أمام أحد تتمناها بشده وهى تعلم أنها درب من المستحيل ولكنها حتى أخر لحظه تمتمت بصوت هامس داعية راجيه تناجى: يارب.
على يقين بأنه على كل شئ قدير.
وأعين ثالثة منذ دلوف تلك النسمة الباردة وقد لاح أثرها على الوجوه أمامه من ارتياح لم تفارقها، عيناه عليها ولم يتبين بعد وجهها تلك النغمه بصوتها ليست غريبة عليه أيعقل ان تكون هى، أيعقل انه بعد مرور تلك الأعوام تغير وقع نغمتها التى لم يستمع لها سوى لمامًا على اذنه ولكن ردود الفعل التى يراها، احاديثها مع شقيقته والدته زوجه أخاه جعلته يتمنى ذلك بشده.
حتى التفت على صوت والده ليعقد حاجبيه، ليست هى! ولكن مهلا تلك الملامح المريحة للعين تلك الإبتسامه التى تجبرك على مبادلتها رغما عنك ليست بالغريبة عنه اطلاقا، لتتسع عيناه تدريجيا وهى تتقدم منه ببطء بعدما اخفضت نظرها تمد يدها بما تحمله بصمت ، لينطق باسمها مندهشا وقد تعرف عليها.
_أمانى!!!
أغمضت عينيها تبتبلع تلك الغصة بحلقها وهى تجلى صوتها وقد خرج متحشرجا: مبروك.
مد يده يتناول الكوب وشى ما يجبره على إطالة النظر لها ، لتتورد وجنتيها بشكل غريزى وهى تستشعر تلك النظرات المصلطة عليها لتبدا قوتها الواهية بالتلاشى وتهتز يديها تزامنا مع شرود يده عن الكوب وقد ارتطمت به بدلا من امساكه وهو يصب كامل انتباه لها .
ليسقط الكوب على الصنيه ومع رعشتها التى ازدادت من المفاجأة وتناثر محتوياته على رداءها هب من مجلسه يحاول مساعدتها لترتطم به الصنية ويسقط ما عليها على بنطاله.
شهقة خرجت منها بعدما سقطت الصنية أرضا تنظر لبنطاله لتضع يدها على فمها ثم رفعت نظرها له بصدمه تزامنا مع رفع نظره لها
أمانى: انا انا اسفة.
يغمض عينيه يسب حظه العسر داخله، يفتحها وهو يحاول بيده إزاحة ما على بنطاله يغتصب ابتسامه صغيرة مقتضبه: حصل خير.
شيماء بشماته لبسمه: انا قولت باينه اهى نحس من أولها.
لتمتم بسمه واضعه يدها على فمها حتى لاتستمع لها الأخرى: يظهر ان ماما كان معاها حق!
شيماء المتابعه للمشهد بإنتشاء: بتقولى حاجه؟
بسمه وهى تميل نحوها تمرر يدها على ذراعها برفق: بقول بررركة.
استاذ مؤمن: حصل خير يا جماعه.
احمد كاتما لضحكاته: معلش بتحصل هو طريق الجواز كده كله يهدلة وتعب وقلة قيمه
شيماء: احمددددد.
احمد: بس فى الاخر جنه مستنياك
هامسا لنفسه متابعا: دون سابقة عذاب انشالله
والدته وقد اقتربت منهم تنظر لبنطاله لتتحسر داخلها: هيطلع عينى فى الغسيل.
_ استنى يا يحيى مش هينفع كده
ثم وجهت حديثها لأمانى التى توشك على البكا وهى تحاول مساعدته باعطاءه بعضا من المحارم الورقيه من على المنضدة جواره.
_بقولك يا حبيبتى.
_نعم يا طنط.
_البنطلون محتاج يتنظف علشان البقعه متلزقش.
_انا ممكن انظفه.
والدته: حلو بصى....
مقاطعا اياهم سريعا
_من فضلك وديني بس الحمام وانا هتعامل.
والدته بشك:هتعرف؟
يحيى: ماما انا تلات سنين فى غربه بعمل كل حاجه لنفسى.
أمانى : اتفضل معايا وانا بجد اسفه بعتذر.
يحيى وهو يرى كل ذاك التوتر المسيطر عليها أهداها ابتسامه صادقة مطمئنة: حصل خير وانا كمان ما ركزتش وانا بقوم فمش غلطك لوحدك.
خرج وهمت باللحاق به امسكتها والدته من ذراعها تميل عليها: وانتى كمان روحى غيرى لحسن هدومك اتبهدلت خالص .
هزت رأسها بصمت تلحقه ترشده لطريق المرحاض الواقع بمنتصف الممر المؤدى إلى الغرفة.
بينما فى اثرهم أطلقت زفيرا طويلا وقد مر بقلبها هاجس تشاؤمى يخص تلك الزيجه، التفت لتعاود الجلوس إلى كرسيها لتصطدم بوجه شيماء الضاحك والشماته تكاد تقفز من عينيها تتمتم.
_الله يكون فى عونك يا احمد يا بنى ويعينك على ال انت فيه.
**
وقفت على بعد خطوات منه تشير على الباب دون أن ترفع عيناها نحوه.
_اتفضل حضرتك.
هز رأسه بالايجاب ، ليدلف مغلقا الباب خلفه.
لتخرج تنهيدة حبيسه بصدرها وهى تنظر إلى الباب المغلق، تذكرت امر ردائها لتمرر نظرها عليه تتسع عيناها.
_ده اتبهدل على الاخر.
قالتها راكضة لغرفتها لتبديله.
**
وبالعودة للوقت الحالى
تناظر ولدها بعدم فهم فمنذ عودته بدأ كما لو انه بدل بآخر ، اختفت الابتسامه من على وجهه انطفأت اللمعه بعينيه وجهه مسود كمن يحمل فوق أكتافه اطنان من الهموم، حتى أمانى صامته تقتطف النظرات له ومعالم القلق واضحه على وجهها لتهمس بصوت خفيض لنفسها: هو حصل ايه؟
ليست الوحيدة التى لاحظت ذاك التغيير بدليل الصمت المطبق وقد خيم على المكان لتزداد الحيرة بدلوف الاستاذ توفيق وبصوت مهزوز دون النظر لهم: ثوانى والجماعه جايين.
لم يرد اى منهم فقط إماءة من الرأس لتميل شيماء على بسمه والاثنين بهمس فى نفس التوقيت: هو فى ايه؟
قاطع همسهم و صمت البقية دلوف والدة العروس تمسك بابنتها باحكام كمن يغشى عليها من الهرب ترحب بهم.
_يا اهلا يا اهلا نورتونا وشرفتونا.
خديجه بمزاح فى محاولة لتلطيف الأجواء: ايه يا فاتن ماسكه فى البنت كده ليه؟ عايزين نسلم عليها ولا خايفة ناخدها ونمشى هو اه هيحصل بس مش دلوقت..
فاتن: اه، اصلى لسه مش مصدقة انها كبرت خلاص وهتتجوز.
وبحده طفيفة خلف ابتسامتهاالمصطنعة:سلمى يا ولاء.
ختمت حديثها بلكزة خفية لابنتها التى توجهت لهم تمد يدها بالسلام وابتسامه مجاملة رسمت بإعجاز على محياها جعل كلا من شيماء وبسمه يتبادلن النظرات بشفاه علوية وحاجب مرفوع بينما الام مررتها لأجل ابنها.
احمد يميل على والده: تغور الحلاوة المعجونة بالتناكة دى كلها.
مؤمن: هشش ده اختياره وهو حر.
وقفت أمامه ليرفع نظره لها لأول مرة صريحه يتأمل تلك التى حلم بهذة اللحظه التى تجمعه بها منذ سنوات، من كد و اجتهد كى يفوز بها، كان يتأملها دون حديث وهى الأخرى وقفت صامته ولم تمد يدا هى الأخرى .
بالبداية كانت نظراتها له تقليليه ولكن مع تاملها لم تستطع حجب لمعه الاعجاب بعينيها.
_الخارج بينظف فعلا، بس بعد ايه! مابقاش يلزمني.
الام فاتن: اقعدى يا حبيبتي جنب طنطك خديجه.
بهدوء تحركت لتجلس بجانب والدتها التى ابتلعت ريقها بإحراج ، تنتظرهم باعين ذائغة بعدما اخفض الوالد توفيق نظرة لاسفل بكسره وقد ايقن الان ان ابنته ألقت بكلمته وتهديده عرض الحائط.
لتتدخل أمانى سريعا جالسه بجانب السيده خديجه تلتف بكلتا ذرايعها حول ذراع الاخرى: لا بقا يا ست ماما محدش هيقعد جنب ديجا غيرى.
لتبتسم الأخرى بمحبه صافية تربط بيدها الحرة غلى ذراعيها: ربنا يراضيكى دايما يا حبيبتى، صدقينى وانا كمان مش عايزة حد غيرك يقعد جنبى.
كانت كلماتها ذات مغزى وصل بوضوح لمسامع تلك الولاء التى عقبت بابتسامه صغيرة ساخرة .
الاستاذ مؤمن بمضض: أستاذ توفيق ومن غير مقدمات طبعا حضرتك عارف سبب وجودنا انهاردة؟
هز رأسه بيأس وعيناه لم ترفع عن الأرض يجيب بعجز وصوت ضعيف: عارف عارف.
الاستاذ مؤمن: يبقى ندخل فى التفا....
قاطعه سريعا بعدما حاد بعينه عن والدته التى كانت تنظر له هى الأخرى إلى السيد توفيق وبصوت هادئ رزين: أستاذ توفيق بعد اذن حضرتك ممكن طلب.
الاستاذ توفيق مبتلعا ريقه يخرج صوته بصعوبه متخوفا من القادم.
_اتفضل يا بنى.
وبعد اذنك يا والدى انا بجدد طلبى من حضرتك بطلب ايد كريمتك الانسة أمانى.
أمانى ولاء بصدمه احداهما مستنكرة والأخرى غير مصدقة: ااااااايه.
خديجة وبسمه وشيماء : تبادلن النظرات المستفهمه المصدومه ببسمه وسعادة جليه للعيان.
بينما الاب رفع نظره له وقد عاد وجه للاشراق من جديد ينظر لابنتيه وزوجته والصدمه جلبه على وجوه ثلاثتهن ليعاود النظر لابنته الصغرى بعدما راى حال زوجته كحاله.
_وانا موافق يا بنى انا مش هلاقي لبنتى عريس احسن منك، بس الموضوع فى الاول والاخر يخص أمانى ورايها هو المهم.
وبنبرة التمست بها الرجاء مست قلبها وهى تشهد والدها على هذة الحالة من الضعف لأول مرة: ايه رايك يا أمانى يا بنتى؟
ولاء باستنكار: نننننعم هو مش المفروض..
يحيى متجاهلا إياها كما هو حال الجميع: بعد اذنك ممكن دقيقتين معاها على انفراد حابب اتكلم معاها قبل ما تقول رأيها.
الاستاذ توفيق: حقك يا ابنى.
وجه حديثه لابنته: أمانى خدى عريسك يا بنتى وادخلوا البلكونه اتكلموا واحنا هنا مستنينكم.
ولاء تنظر لوالدتها وهى تشير عليهم باصبعها : ايه الهبل ده؟
والدتها بجوارها تلكزها بقوة: انتى تخرسى خالص عندك كلمه حلوة قوليها معندكيش يا تقعدى ساكته يا تنجرى على اوضتك من سكات.
وبصوت عالى: روحى يا بنتى مع عريسك ربنا يكتبلكم الخير يارب.
ولاء بانزعاج تقف من مجلسها متوجهه لغرفتها: ده جنان رسمى.
بينما هى بواد اخر لم تستوعب تلك الكلمه بالمرة الاولى عندما نطق بها والدها لتاتى والدتها وعادتها عليها، الا ترأف بحال قلبها المرفرف بين اضلعها كأجنحه الطير وشذى عطره المداعب لأنفها وهو الواقف إلى جوارها بأنها فقط بحلم وستفيق بايه لحظه.
أغلق باب الشرفه الزجاجية يهدى العيون المصلطه عليهم ابتسامه مزيفه ليقف معطيا لهم ظهره ينظر للطريق أمامه وبكلماته اخرجها من شرودها جعلها تفيق على حالها.
_انا سمعت ولاء وهى بتقول انها مش عايزانى.
نظرت له بصدمه، ليلتف برأسه ينظر لها: وعارف أن انتى عارفة انى سمعت.
بتنهيده عالية نظرت للامام وبصدق: شكيت.
التف بكامل جسده بمجابتها: يمكن ال هطلبه ده صعب انك تقبليه بس ده لأجل حفظ كرامة والدك ...أغمض عينيه ياخذ نفس عاليا ناظرا لها وبرجاء اكمل..وكرامتى انك توافقي على الخطوبة.
حلمها تحول لكابوس جعل الدمع يتزاحم بعينيها لتظل صامته وقد شجعه صمتها على المتابعه: ما تقلقيش هتكون فترة قصيرة..
التفت له باستفهام ليكمل...
لحد ما انتى تخلصي السنه دى وبعدها نتحجج اننا مش متفاهمين ولو حبيتى قبل الفترة دى كمان قوليلى وانا أنهى على طول بس على الاقل نقطع الطريق قدام اى حد انه يتكلم وال يسأل على ولاء نقول...
دمعه متمردة هبطت على وجنتها جعلته يبتلع باقى حديثه وعيناة تتنقل بين خاصتها ليدرك فداحه فعلته: انا اسف.
اخذ نفس عميق يستقيم بوقفته ناظرا بعيدا عنها ينظر للجمع المتهامس بسعادة من خلف الزجاج: انا بفرض عليكى وضع وقرار اخدته من غير ما اسمع رايك حتى؟
أطلق زفير عالى: خططت لحياتك لشهور قدام من غير ما افكر ان ممكن حياتك تبوظ بسبب القرار ده...مافكرتش ان بنت جميلة زيك ممكن يكون فى حد فى حياتها وفى قلبها...
بتشكك وفضول وأمنية خفية بالنفى لا يعلم مصدرها سالها وبتردد: هو ، هوفي؟
نظرت أمامها من جديد وباماءه من رأسها اجابته، ليغمض عينيه ثوانى ثم اولاها ظهره متوجها ناحية الباب : انا هدخل وهسحب كلامى.
_بس انا موافقة.
التف لها سريعا ينظر لظهرها: أمانى...
أغلقت عينيها تستمع لاسمها مجردا من بين شفتيه بعد سنوات لتووالى الدموع بالهبوط تباعا.
نظر لدموعها وبندم.
_انا الحل ال اقترحت كان الشق التانى منه انى احفظ ماء وجهى انا كمان بالاخص انى وقفت قدام..
صمت يطلق زفير محملا بألمه: بس مش معنى ده انى أظلمك انتى والانسان ال بتحبيه، انا هسحب كلامى وهقول قدام الكل انى رجعت فى كلمتى بعد ما ربطتكم بيا سنين.
التف من جديد مغادرا لتوقفه هى بعدما التفت له: بس هو ميعرفش.
امال بنصف جسده ينظر لها بحاجب مرفوع ينتظر تفسير ولم تبخل هى عليه به: ميعرفش انى انى.
صمتت ليقف قبالتها بينهما خطوة واحده يسألها بصوت هادئ : انك ايه يا أمانى؟
رفعت نظرها له وبصدق لمس قلبه: بحبه..
طريقتها فى الإفصاح جعلت الدقات تتوالى تباعا تطرق بعنف جناته.
طال اتصالهم البصرى لتتهرب بنظرها بعيدا عنه متابعه: يعنى حب من طرف واحد.
_انا فقت لنفسى فبلاش أظلمك معايا.
_انت كده ال بتظلم نفسك، لما تظهر نفسك قدام الناس لعبى ومستهتر وبتتسلى ببنات الناس ومالكش كلمه.
ضيق بين عينيه: وده يهمك؟
بتهرب: ديجا هى ال تتمنى وبعدين كده هيكون افضل علشان شكل بابا قدام الناس.
_يعنى موافقة تكونى خطيبتى.
بفطرة غريزية أطلقت برأسها لاسفل بخجل تؤمى برأسها.
ابتسامه صغيرة شقت وجهه وهو يتأملها وبداخله "شتان بين الاختين."
أخرجته من شروده بها بصوتها: ممكن اسالك سؤال قبل اى حاجه واتمنى تجاوبني بصراحه.
يحيى: اتفضلى مع انى شبه عارف هتسالى تقولى ايه.
رفعت عيناها سريعا له ليهز برأسه بالايجاب: وصدقيني وقتها لا والف لا.
أمانى: حتى لو حقيقى ندمت واعتذرت.
_حتى لو رجعت بدموع عينيها يا أمانى.
صمت يعقد ذراعيه شاردا بالفراغ يحدثها كما لو كان يحدث نفسه: اختك كانت حلم وصورة جميلة رسمتها حطيت عليها كل أمنية اتمنتها فى شريكه حياتى وربطت نفسى ليها وحافظت عليها وعلى مشاعرى علشانها بس ساعات مهمها كان الشخص ال قدامك جميل او فى عيونك أجمل حد فى الكون، ساعات كلمه موقف بتكسر صورته قدامك لميت حته وقتها لو لميت الكسور علشان تجمع الصورة من التانى انت بس ال هتتجرح مع كل حته بتمسكها بايدك وده ال حصل مع اختك.
هزت راسها بتفهم بعدما لمست وجعه.
لياتى دوره هو هذة المرة ليباغتها بسؤال طُرح على عقله جاهد فى كتمه مذكرا حاله بأنه لايحق له يكفيه ما فرضه عليها حتى آلان ولكن اللسان انصاع لرغبة القلب الملحة: ممكن اسالك انا سؤال المرة دى؟
بصوت مبحوح : اتفضل.
_هتحاوبينى بصراحه
_اوعدك طول فترة خطوبتنا مش هيكون بينا غير الصراحه.
إجابة جذبت جميع خلايا جسده جعلت عيناه تطيل لها النظر دون إرادة منه لتتورد وجنتيها تتهرب بنظراتها عنه ليحمحم حرجا.
_احم، لو الشخص التانى اعترفلك بحبه وكنا وقتها مخطوبين هتتصرفى ازاى؟ هتسرعى فسخها صح؟
بتمنى رفعت عيناها : وقتها هقولك.
بغصة مجهولة المصدر مع حديثها وتلك اللمعه بعينيها:_ممكن اعرف هو مين؟
بأعين عادت تلمع بها الدموع:_فى أخر يوم فى خطوبتنا هقولك.
ابتلع ريقه وعيناه على خاصتها امتدت يده تحاوط كتفيها دون شعور منه: ولو طلبت منك وقتها اننا نكمل سوا يا أمانى.
رعشة صغيرة اثر لمسته تنظر ليداه بعين متسعه، ليسحبها سريعا.
وباستفهام
_انت عايز تكمل؟!
مش هكدب عليكى وهكون صريح: مش عارف محتار.
نكست رأسها ليتابع هو بتيه: بس ما انكرش انى فى راحه غريبة بحس بيها فى وجودك.
صمت وصمتت تنظر لظهره وذكرياتها معه تداهمها حلمها على بعد خطوة منها اما ان تمد يدها تقتنص تلك الفرصة وقد أهداها إياها قدرها او تتراجع بخوف من الرفض وتتعايش مع ندم قلبها لاحقا لا تلم أحد سواها.
أخذت نفس عالى وقد اتخذ القلب القرار.
بابتسامه مهزوزة: ايه رايك نكون صحاب
_ايه
هزت راسها بتأكيد: اممم، أصحاب مرتبطين بخاتم وسيب كل حاجه لوقتها وظروفها ، هكون موجوده وقت ما تحتاجني وانت...
مقاطعا بسرعه: دايما فى ظهرك.
بابتسامه حقيقة : وانا مش محتاجه اكتر من كده
يشير برأسه للداخل: يالا بينا.
هزت رأسها بابتسامه تدلف خلفه.
بمجرد رؤيتهم سويا وتلك البسمه على وجوههم وقد انطبعت على وجوه الجميع، سأل الاب بترقب.
_ايه رايك يا بنتى؟
السيده خديجه: اللاه ما هو الجواب باين من عنوانه اهو
رفعت نظرها له بابتسامه صغيرة وخجل فطرى: ال حضرتك تشوفه يا بابا.
زفرة راحه خرجت منه على صوت زغروده عالية من فاه والدتها تبعها زغرودة من فاه خديجه.
لتخفى وجهها بحضن والدتها التى احتضنتها بحب تزغرد بسعادة حقيقية.
وصل الصوت إلى ولاء بغرفتها لترفع الهاتف عن اذنها ترهف السمع : هه ، اهو غار من وشى ، يالا طول عمرها بتاخد ال برميه تشبع بيه.
أعادت الهاتف إلى اذنها متحدث بضيق ونفاذ صبر: وده قافل تليفونه ليه هو كمان اووف.
وبالعودة للجمع السعيد كان ينقل نظراته على ذويه بحيرة من تلك السعادة الجلية على وجه والدته التى كان تغصب نفسها قصرا على الابتسام كلما أتى ذكر زيجته والان لم تتوقف عن الضحك بصوت عالى ، اندماج اباه واخاه مع السيد توفيق كانهم رفقة وأهل حتى السيد توفيق نفسه وجهه لم تغادره الابتسامه يتفق مع والده فى التفاصيل دون تعنت او تشدد على مطلب خاص حتى شيماء تبتسم، أخته ترمى لهم القبلات بالهواء من الحين للأخر.
لينظر لها بنفس اللحظه التى نظرت هى له فيها وهى تتابع ذويها بصدمه من فرحتهم الطاغية ووالدتها التى تطلق الزغرود كل دقيقة بفرحه.
_هو/هى لبعضهما : هو مالهم حصلهم ايه؟
ليضحكا بخفة تبعها بسمه صغيره عقب سماع حديث والده.
_وبكده الخطوبه بعد بكرة وكتب الكتاب بعد امتحاناتها بيوم يعنى بعد تلات شهور وتكمل السنتين ال فاضلين معانا وفى بيتها، خلاص يا عروسة تمام يا عريس.
هزوا روؤسهم بموافقة.
_يبقى الفاتحه يا جماعه.
ليرفع الجميع ايديهم بالقراءة لتتقابل النظرات من جديد واحده متأملة والاخرى متمنيه.
وهناك أعين ثالثة تراقب من بعيد ، لتعود من جديد إلى جحرها دون أن يشعر بوجودها احد كما لم يشعر احد برحيلها والهاتف لايزال على اذنها: ماترد يا حازم اللاه.