اخر الروايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الرابع عشر 14 بقلم سهام احمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الرابع عشر 14 بقلم سهام احمد 




الفصل الرابع عشر
ربما تكون هناك نهايات مؤلمة يصعب تخطيها ولن يداوي آثارها الزمن، لكنها ايضا قد تكون بدايات جديدة لم تكن في الحسبان وتكون عوضا لنا عن تلك الآلام التي عشناها سابقاً.
هناك من يبحث عمن يداوي جراحه لكنه لا يجد، هناك من يرغب في معالجة جراح غيره لكنه لا يسمح له حتى بالاقتراب، ليس كل ما نرغب به نحصل عليه.
عندما دخلت ليلى إلى غرفة خالد ظن انها قد رفعت تلك الاسوار التي بينها وبينه، وانها ستعطيه فرصته ليثبته إنه جدير بحبها، لكن قد خاب ظنه عندما تحدثت إليه قائلة:
-ممكن اتكلم معاك شوية؟
-اه طبعا اتفضلي.
جلست ليلى على الكرسي وجلس خالد جوارها على الآخر ينتظر بكل شوق ولهفة إن تتقرب منه، ثم قالت:
-انا عارفة إن الظروف اللي جمعتنا كانت غريبة، وعارفة انك اتحملتني كتير في حزني وتعبي، يمكن كان لازم نقعد مع بعض كده من زمان واقولك الكلام ده بس اللي حصل الظروف بجد كانت اقوى مني المرادي.
اعتزلت تتطلع إليه قائلة:
-خالد انااا.
وهو يردد في ذهنه:
-ها يا ليلى يلا قوليها قوليها.
-خالد انا عارفة إن ليك حق عليا وانا انهاردة جاية علشان اقولك اني مش همنعك من حقك تقدر تطلبه مني في اي وقت تحبه، انااااا.
بتر كلماتها المؤلمة بالرغم من تمنيه أن يسمع منها تلك الكلمات لكن ليس بهذه الطريقة، زفر بضيق ثم هدأ قليلا وقال بلطف:
-اسمعي يا ليلى يمكن انتي لسه ماتعرفنيش علشان كده انا مش هتلر دي إهانة منك، لكن انا مش كده يا ليلى، انا عمري ماهاخد منك حاجة من غير رضاكي وتأكدي إن عمري ماهضغط عليكي بخصوص الحاجة دي.
-خالد انا مش قصدي خالص والله انا.
-انا عارف انتي قصدك ايه وفاهم كويس لكن أنا بحبك يا ليلى انا بحبك ومستني اللحظة اللي تقبلي فيها وجودي مش بس في حياتك وف قلبك كمان، وقتها بس تقدري تقولي كده.
-خالد انا بعد ماما وبابا بقيت حاسة اني وحيدة اوي، قلبي تعبان مبقاش عندي طاقة اتحمل وجع تاني، خايفة خايفة بجد اقرب منك أناااا.
وضع يده على فمها؛ ليوقفها عن الحديث، تسقط دموعها على راحته التي تلمس شفتيها للمرة الاولي، قام بمسح خديها ووضع يديه على عنقها:
-اوعي تقولي كده امال انا هنا بعمل ايه، انا جمبك وعمري ماهبعد عنك ولا هسيبك لحظة واحدة، تخافي مني انا ليه يا ليلى؟! انا تخافي عليه مش منه.
مسح دموعها وطالت نظراته إليها، وطالت نظراتها إليه، حاول التقرب منها وعندما اقترب اكثر قامت مسرعة خجلة إلى الباب وخرجت من الغرفة إلى غرفتها، ازدادت ضربات قلبها وبدأت تتحدث الى نفسها:
-اي دا انا ايه اللي بيحصلي ده في ايه؟!
بدأت تتعرق ودخلت إلى الحمام وقفت تحت صنبور المياه بملابسها، اسقطت المياه على رأسها وكامل جسدها؛ حتى تعود إلى طبيعتها وتهدأ حالتها، بدلت ملابسها وخلدت للنوم في حضن معشوقها الصغير الذي لن يضاهيه احد في عشقه، ولن يتقاسمه احد.
جلس خالد في الغرفة يضحك متفاجئ من خجلها، الذي اذاده حباً لها، وشرد على فراشه في طلتها التي اطلت بها عليه وسلبت منه روحه، تمنى لو كانت تنام الان بين احضانه فقط.
~~~
طرق باب منزل اهل خالد، فتحت داليا الباب وظلت صامته متفاجأة، ثم تركت الباب ودخلت دون كلمة، دخل خليل إلى المنزل وركضت عليه ابنته ثريا وهي تردد:
-بابا بابا.
حملها بين يديه وظل يقبلها ويحتضنها بشدة:
-روح البابا وقلب البابا وحشتيني يا ثريا، عاملة ايه؟
-كويسه يا بابا الحمد لله، انت كنت فين كل ده ماما قالت بابا مسافر.
-اه يا حبيبتي كنت مسافر وجيت علشانك اهو.
-يووووه يا بابا كل حاجة شغل شغل شغل انا زهقت.
-هههههه طيب يا اروبة فين جدو وتيته؟
نادى من الداخل والد خالد:
-تعالى يا خليل يبني اتفضل.
-سلام عليكم يا عمي ازي حضرتك؟
-الحمد لله في نعمة اقعد يبني، الشاي يا داليا.
-والله يا عمي بصراحة وبدون مقدمات أنا مكسوف من حضرتك ومش عارف ابدأ منين.
-اقبل ما تتكلم يا خليل اشرب شايك الاول وخد واجبك.
-الو حضرتك كده صعبت عليا الموضوع اكتر والله احرجتني بزوق حضرتك وكرمك.
-بص يا خليل انا لو مش معتبرة ابني التاني عمري ماكنت هعاملك المعاملة دي، بس انا زعلان منك؛ لانك غبت كل الفترة دي من غير ما نشوفك ولا نطمن عليك، يعني احنا كده بقا بالنسبالي اهل مراتك وبس والا ايه؟
-والله يا عمي كلام حضرتك على راسي بس حقك عليا اعذرني انا نفسيتي كانت تعبانة والله، خصوصا في غياب داليا وثريا عن البيت.
-يلا ربنا يهديكم يبني علشان ثريا، وياريت تكبروا شوية بقا.
نادى والدها عليها:
-داليا يا داليا.
-نعم يا بابا.
-تعالى يا بنتي، خليل جاي علشان يراضيكي ويرجعك البيت انتي وثريا قولتي ايه؟
-هو لسه فاكر إنه عنده بنت والا انا عندي بين ارجعله.
-لأ العتاب ده بقا بينكم انتو الاتنين مع بعض في البيت، يلا اسمعي الكلام وحضري حاجتك وحاجة ثريا.
-يا بابا أناااا.
-انا قولت حضري حاجتك وبلاش دلع.
قام خليل وتقدم إليها وقبل جبينها ويدها يعتذر منها:
-حقك عليا يا داليا سامحيني انا غلط في حقك، ماتزعليش مني، تعالي بقا نوري بيتك البيت وحش اوي من غيركم والله.
ابتسمت داليا ودخلت مسرعة تحضر حقائبها، اخذها خليل وعاد إلى المنزل برفقتهم، قامت داليا بتنظيف المنزل وخلدت ثريا للنوم، كان خليل يحضر مفاجأة لزوجته يستقبلها بها، حضر طاولة طعام رومانسية على اضواء الشموع، وقامت داليا بارتداء ثوب مثير ورقيق وتزينت وتعطرت وخرجت من الغرفة.
نظر إليها خليل كأنه لم يراها من قبل، يالهذا الجمال الفتان كيف له الا يراها هكذا من قبل؟ اقبل عليها يقبل يديها وجبهتها، امال رأسه إلى عنقها يقتطف قبلة رقيقة منه، ضمها إليه بشدة:
-وحشتيني اوي يا داليا.
-وانت كمان يا خليل والله، بس قولي صحيح هو خالد فين من الصبح برن عليه قلقني.
قبل خديها وشرد بوعيه في رائحتها يتحدث بغير وعي:
-هيكون فين يعني تلاقيه نايم في بيته.
-لأ مش في البيت ماما قالت إنه مارجعش.
-حبيبتي هاتلاقيه في سريره دلوقتي.
-هي المستشفي فيها سرير خاص بيه.
-لأ يا قلبي في بيت مراته.
سكتت داليا بضع ثوان حتى تستوعب مايقوله ثم دفعته إلى الخلف قائلة:
-مراته مين؟ هو خالد اتجوز من ورانا يا خليل؟! انا سمعتك بتقول مراته، انت عارف ومخبي عليا.
-اهدي بس يا حبيبتي مرات مين انا قولت كده.
-اوعي تكدب عليا، وصلت لكده اخويا يتجوز وانت عارف وماتقوليش، اخص عليك يا خليل اخص.
دخلت داليا إلى غرفتها واغلقت الباب بقوة من الداخل، جلس خليل على الاريكة يندب حظه ويقول:
-يا ميلة بختك يا خليل اهي الليلة اتضربت بسببك يا خالد، اقول فيكم ايه بس انا هلاقيها منك والا من اختك المجنونة، وانا اللي قلت هقضي ليلة من ليالي العمر، اه يا حظك الاسود يا خليل.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close