رواية عن العشق والهوي الفصل الحادي عشر 11 بقلم نونا مصري
~ الفصل الحادي عشر ~
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
قراءة ممتعة للجميع ♡
ثم كتف ذراعيه بطريقة لطيفة وكأنه اصدر حكم قضائي يجب ان تنفذه مريم دون مناقشة ، اما هي فنظرت الى زوجها ادهم وقالت بحنق : ماشي يا ادهم... انت اللي كسبت ، انت وابنك برطعوا في الأوضة وانا هروح انام في أوضة الهام الليلة دي .
رسم ادهم ابتسامة صفراء على زاوية شفتيه وقال بهدوووء مميت : وهتنامي هناك ليه ؛ مهي أوضتك موجوده وتقدري تنامي فيها .
فلم تحتمل مريم بروده الذي كاد ان يسبب لها ازمة قلبية لذا تنهدت وقالت باستسلام : لو عايز تتعشا انا جهزت الاكل... ادهم الصغير لازم ياكل علشان ياخد الدوا.
قالت ذلك ثم حملت ابنها واضافت : يلا يا شقي ؛ جيه وقت الاكل.
- ثم خرجت من الغرفة وتركت ادهم خلفها فضحك بخفة حتى لا تسمعه ثم اخذ ينظر في ارجاء غرفتها... وبينما كان يفعل ذلك وقع نظره على زجاجة عطر كانت على طاولة التزين الخاصة بها ؛ نهض بسرعة ثم امسك بها ونزع الغطاء ومن ثم قربها الى انفه ولكن سرعان ما ابعدها وعقد حاجبيه قائلاً : هي ليه غيرت الپارفان بتاعها ؛ انا فاكر ان ريحته كانت اجمل من دا.
في تلك اللحظة سمع صوتها قادم من خارج الغرفة تقول : لو مش عايز تتعشا انا هشيل الطبق بتاعك.
فاغلق زجاجة العطر واعادها الى مكانها ثم خرج من الغرفة وذهب حيث كانت مائدة الطعام فوجد ابنه جالساً في حضن امه ووجهه ملطخ بالصلصة بينما كانت هي تطعمه ؛ ابتسم تلقائياً عندما رأى ذلك المنظر وجلس مقابلاً لهما وقال بصوت مرح : انتي بتأكليه ولا ايه ، بصي على وشه ازاي اتبهدل !
فنظرت مريم اليه لمدة ثواني ثم عادت لتكمل اطعام ابنها قائلة : هو ميعرفش ياكل غير كدا...بيحب يوسخ وشه في الاكل وانا هبقى احممه بعدين .
فنظر ادهم الى ابنه وقال : ها يا بطل... الاكل عجبك ؟
أومأ الطفل برأسه وهو يمضغ الطعام بسعادة اما مريم فقالت : حتى لو عجبه مش هياكل الاكل دا مره تانيه لانه مش صحي.
ادهم : وانا بقول كدا برضو بس للضرورة أحكام .
قال ذلك ثم امسك طبقه ووضع بعض الطعام فيه ولكنه لم يأكل بل اكتفى بمراقبة مريم وهي تطعم ابنها وتأكل بهدوء فاخذ يلوي شاربيه وهو يبتسم بلطف ... اما هي فكانت تحاول جاهدة ان لا تنظر إليه وكانت تتمنى ان يمر الوقت سريعاً حتى يأتي الصباح لأنها لم تكن تتخيل فى أقصى أحلامها بأن تجلس مع حبيبها البارد ذات يوم على نفس المائدة ولكن ها هي قد اصبحت زوجته مجدداً وجمعهم سقف واحد ولا احد يعلم كيف ستمر هذه الليلة .
وبينما كانت تفكر سمعته يسألها : انتي ليه غيرتي الپارفان بتاعك ؟
أندهشت عندما سمعت ذلك ونظرت اليه مباشرةً ثم سألته : وانت ازاي عرفت اني غيرت الپارفان بتاعي !
فاسند ادهم ظهره إلى الكرسي وامسك كأس الماء الخاص به ثم قربه من فمه وقال : انا فاكر ان ريحته كانت غير ريحة الپارفان الجديد .... كانت قوية وناعمة في نفس الوقت.
قال ذلك ثم شرب رشفة صغيرة من الكأس اما هي فقد شعرت بسعادة غامرة في قلبها لان ادهم لم ينسى كيف كانت رائحة عطرها ولكنها لم تظهر سعادتها بل قالت بهدوء : انت لسه فاكر ؟
فنظر اليها وقال بجدية : هو في حد يقدر ينسى حاجة علقت في دماغه ؟
في تلك اللحظة بدأ قلب مريم يرتعش من شدة التوتر فاخدت ترمش كثيراً لانها لم تفهم قصده وما حيرها انه قال جملته الاخيرة وکأنه كان يحاول ان يوصل لها رسالة ، فادرك انها استغربت من كلامة لذا قال : بس كويس انك غيرتي الپارفان ...لان ريحته كانت قوية جداً وكانت بتجيبلي صداع لما كنتي بتشتغلي معايا .
تنفست مريم بعمق وقالت : انا غيرت الپارفان بتاعي لما كنت حامل ... اصل ريحته كانت بتدوخني ومن ساعتها اتعودت على الپارفان الجديد... بس الظاهر اني هرجع اجيب من القديم لان الريحة بتاعته اجمل وبتعجبني .
قالت ذلك وكأنها كانت تحاول ان تستفزه بكلامها فخيب ظنها عندما ابتسم وقال بهدوء : كملي اكلك.
فاشاحت بنظرها عنه ثم تابعت تناول طعامها بصمت ولكن قلبها كان يرقص فرحاً لان ادهم كان يتذكر رائحة عطرها القديمة والتي كادت هي نفسها ان تنساها لذا قررت ان تعاود شراء نفس العطر علها تلمس قلبه ولو قليلاً و لا تعلم بأنه لا يحبها بل مهوساً بها الى حد الجنون وقد تخطى مرحلة الحب منذ امد بعيد ، اما الطفل فكان منهمكاً في تناول الطعام الغريب الذي لم يتناوله من قبل وكأنه استغل الفرصة بينما كان والداه منهمكين في الكلام .
تسارع في الاحداث.........
بعد ان انتهوا من تناول العشاء ذهبت مريم وجهزت الحمام من اجل ابنها الذي وضعته بلطف في حوض الإستحمام وبدأ فوراً يلعب بفقاعات الصابون وهو يصدر ضحكات رنانه تسر كل من يسمعها ، اما هي فكانت تفكر بأمر زوجها الذي ادهشها لانه لم ينسى رائحة عطرها طوال ما يقارب الخمس سنوات ... اما بالنسبة له فكان جالساً في غرفة المعيشة يراجع بعض الاعمال المهمة على حاسوبه المحمول ولم يشعر بالوقت يمضي الا حين خرجت مريم من الحمام وهي تحمل ابنهما الذي كانت تلفه بمنشفة كبيرة ولم تلتفت اليه بل ذهبت الى الغرفة والبسته ملابس النوم النظيفة ثم وضعته في السرير فقال : انا عايز بابا ينام جنبي يا ماما.
فتنهدت مريم وقالت : نام يا حبيبي... بابا عنده شغل دلوقتي ومش هينفع ينام جنبك.
في تلك اللحظة سمعت صوت ادهم يقول : الشغل يقدر يستنى لان ابني اهم من كل حاجة.
فالتفتت اليه ورأته يتقدم نحو السرير بخطوت رزينة بينما ابتسم الصغير وهتف بمرح... وسرعان ما جلس ادهم بجانبه على السرير من الجهة الأخرى وامام نظر مريم التي ارتبكت ونهضت بسرعة ثم ادارت ظهرها واعادت علبة كريم الاطفال الى مكانها فابتسم وقال : تحب اقرالك حدوته يا حبيبي ؟
أومأ الطفل برأسه وامسك يد ابيه قائلاً : عايز حدوتة سوبر مان يا بابا .
في تلك اللحظة صدرت ضحكة صغيرة عن مريم التي تخيلت منظر ادهم عزام السيوفي وهو يقرأ قصص الاطفال فنظر هو اليها وعرف انها ضحكت عليه ولكنه لم يبالي بل نظر إلى ابنه وابتسم قائلاً : لا ياحبيبي....انا عايز اقرالك حدوتة الجميلة والوحش لاني معرفش الحدوته التانية .
اما مريم فالتفتت اليهما وقالت وهي تكتم ضحكتها : هروح اغسل الاطباق.
قالت ذلك ثم خرجت من الغرفة وتركت ابنها مع والده الذي بدأ يقص عليه قصة الحسناء والوحش بطريقة كوميدية وهو يقلد صوت الوحش فكان الطفل يضحك بسعادة غامرة وخصوصاً عندما كان والده يدغدغه ، وبقيا على تلك الحال حتى غط ادهم الصغير بنوم عميق فقام والده بتغطيته وقبل جبينه ثم نهض من جانبه وخرج من الغرفة بخطوات بطيئة حتى لا يستيقظ الصغير وبعدها ذهب إلى غرفة المعيشة ، فالتفت ناحية المطبخ ولم يجد مريم بل وجدها نائمة على الاريكة بينما كان التلفاز مشغلاً ، فابتسم ابتسامة دافئة واقترب منها رويداً رويداً حتى لا تستيقظ ثم انحنى بجسده وجلس القرفصاء امامها بعدها وضع يده على خدها بلطف وقال بصوت حنون : وحشتيني يا روحي...انا مش مصدق انك رجعتيلي بجد .
فتحركت مريم قليلاً مما جعله يرتبك خوفاً من ان تستيقظ ولكنها لم تفعل بل اتكأت برأسها على ذراع الأريكة وتابعت نومها ، فابتسم ثم وضع يديها حول عنقه وحملها بلطف واخذها الى الغرفة فوضعها على السرير بجانب ابنهما وقام بتغطيتها ايضاً ومن ثم جلس بجانبها واخذ يتأملها بعيون عاشقة ... ولكن سرعان ما اعتلت محياه ملامح الحزن عندما تذكر انه قام بصفعها في الماضي فاخذ يمسح على شعرها براحة يده وقال بصوت خافت : انا اسف يا قلبي... مكنش قصدي اضربك بس كنت اعمى وقتها ومعرفش ازاي تجرأت وعملتها.
قال ذلك ثم قبل خدها الذي صفعه سابقاً وابتعد عنها وبعدها اطفأ الضوء وخرج من الغرفة فتوجه نحو الأريكة التي في غرفة المعيشة واستلقى عليها واضعاً ذراعه اليمنى خلف عنقه وما هي الا دقائق معدودة حتى استسلم للنوم ايضاً.
تسارع في الاحداث........
- انطوى الليل بعتمة ظلامه منسدلاً خلف أستار الكون الفسيح ... ودبت الأرض ضياءً حين أرسلت الشمس شعاعها الذهبي بعد أن غاصت في أغوار المحيط معلنة عن صباح يوم جديد ، فتسللت خيوطها الذهبية من نافذة غرفتة مريم وانعكست على وجهها واعطته لوناً ذهبياً زادها جمالاً ؛ شعرت بدفء لطيف يغزو بشرتها الصافية وجعلها تفحت عيونها ببطء ولكن سرعان ما اغمضتهما ورفعت يدها لتحجب ذلك الوهج الذهبي عن عيناها ثم التفتت الى جانبها ووجدت ابنها مايزال نائماً بجانبها وهو كالحمل الوديع ، ابتسمت باشراقة وقبلت وجنته بكل حنان ولكن سرعان ما ادركت انها في غرفتها فهبت جالسة على السرير وقالت : انا جيت هنا ازاي ؟؟
ثم اخذت تبحث عن ادهم بنظرها في ارجاء الغرفة ولكنها لم تجده فنهضت عن السرير ثم توجهت نحو الباب وفتحته لتخرج الى غرفة المعيشة ؛ وجدته ما يزال نائماً بعمق على تلك الاريكة وسرعان ما أرتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها فتحركت نحوه بخطوات بطيئة حتى اصبحت واقفة بالقرب منه ؛ انحنت قليلاً واخذت تتأمل قسمات وجهه الذي لطالما أحبته... فلم تشعر بنفسها عندما انحنت بجسدها وجلست القرفصاء مقابلاً لوجهه الوسيم ووضعت يدها على خدها الأيسر بينما كانت تنظر اليه بتمعن وكأنها تحاول ان تشبع من رؤيته فقالت بصوت اشبه للهمس : وزنك نقص عن اخر مرة شفتك فيها... وكمان بقى عندك شنب بس كدا اجمل .
قالت ذلك وسمحت ليدها اليمنى ان تتسلل الى شعره الاسود ونزلت بها الى حاجبيه فابتسمت عندما عقدهما تعبيراً عن انزعاجه من يدها التي عكرت صفو نومه فسحبتها بسرعة وهبت واقفة ثم استدارت وحاولت الابتعاد عنه وهي تتسلل على رؤوس اصابع قدميها حتى لا يستيقظ ولكنها تجمدت في مكانها عندما سمعت صوت رجولي تعرفه جيداً يقول لها : كنتي كملي اللي بتعملي...انا مش همنعك.
في تلك اللحظة تجمد الدم في عروقها واتسعت عيناها على وسعهما وبدأ صدرها يعلو ويهبط وشعرت بالبرودة تسري في جسدِها بالرغم من دفء المكان ؛ ابتلعت ريقها وحاولت ان تلتفت ولكن حركتها شُلت تماماً عندما سمعت صوت خطوات رجولية تقتربت منها وفجأة وقف خلفها .... وما زاد الطين بلّة شعورها بيد قوية دافئة امسكت ذراعها بلطف فأغمضت عيناها بشدة اما هو فابتسم وهمس في اذنها بصوت شجي قائلاً : صباح الخير يا مريم .
في تلك اللحظة شعرت مريم بجسدها يذوب كقطعة سكر تذوب في فنجان شاي بسبب ذلك الصوت الرجولي الذي اخترق مسامعها وتسللت كلماته لتصيب قلبها الذي كان ينبض بسرعة كما لو كان طبل واحدهم يقرعه بقوة ... فقالت بصوت يكاد يختفي وبدون ان تتحرك شبراً واحداً : ص.. صباح النور.
فاتسعت ابتسامة ادهم وسمح ليده التي كانت تمسك بذراعها ان تصعد إلى كتفها فادارها ليصبح وجهها مقابلاً لوجهه ولكنها احنت رأسها ولم تنظر إليه فلم يشاء ان يخجلها اكثر لذا ابتعد خطوتين للوراء وقال : اكيد اتفجأتي لاني نمت هنا مش كدا ، يعني احنا قررنا اني هنام جنب ادهم بس شفتك نايمة على الكنبة فقلت مينفعش اسيبك تنامي هنا وانا انام على السرير علشان كدا شلتك وسبتك تنامي جنب ابننا .
نظرت مريم اليه وقالت بدهشة : ش.. شلتني !
فابتسم بخبث وقال : ماتخفيش مكنتيش تقيله... بصراحه استغربت اوي لما شلتك لاني كنت فاكر ان وزنك اتقل من كدا .
فاشاحت بنظرها عنه واستطردت قائلة : هروح اعمل شاور ؛ عن اذنك.
قالت ذلك ثم تحركت بخطوات سريعة نحو الحمام فدخلت واغلقت الباب خلفها ثم وضعت يدها على صدرها وشعرت بأن قلبها كان على وشك الفرار من بين ضلوعها ، اما هو فحاله لم يكُن يختلف عن حالها ابداً.. بل حتى انه كان متوتراً اكثر منها. لأنه اراد ان يعانقها ويقبلها بكل قوته تعبيراً عن حبه العظيم لها ولكنه استطاع ان يسيطر على مشاعره ويكبح نفسه عن احتضانها حتى لا يجعلها تجفل فهو كان يدرك انها مضطربة للغاية بسبب كل ما حدث وانها تخاف منه بعد تلك الليلة التي قضتها معه منذ خمس سنوات تقريباً... فرفع يده ومررها في شعره المشعث وتنفس بعمق وقال في سره : انا اسف يا حبيبتي... عارف انك بقيتي تخافي مني بعد كل اللي حصل بينا زمان بس بوعدك اني هنسيكي كل حاجة وهحاول اخليكي تحبيني زي ما بحبك علشان نقدر نكمل حياتنا مع بعض ونربي ابننا احسن ربايه.
في الحمام.....
كانت مريم ما تزال جالسة على كرسي المرحاض تفكر بأمر ادهم الذي صدمها بتصرفاته التي لم تستطيع ان تستوعبها ابداً.... فهي كانت تعتقد بأنه لا يحبها وانما تزوجها حتى يتحمل المسؤولية لانها ام طفله بالإضافة إلى الرغبة في تملكها فقالت في سرها : طيب هو ليه اتغير كدا ؛ دا بقى لطيف اوي وكمان حسيت ان نظرته ليا اتغيرت ، معقول يكون ادهم الصغير هو السبب ؟
قالت ذلك واخذت تفكر وسرعان ما اضافت : معتقدش ... معقول بقى... بيحبني !
وبعد تفكير طويل هزت رأسها بنفي وقالت : متوهميش نفسك يا مريم... دا اتجوزك علشان ابنه وبس وجايز بقى لطيف معاكي علشان يبان كويس قدام ادهم الصغير ولو افتكرتي انك بقيتي مهمة بالنسبة له تبقي مجنونة .
قالت ذلك ثم نزعت دبوس شعرها فانسدل على كتفيها ثم ملئت حوض الاستحمام بالماء وغسول الجلد الذي برائحة الورد ومن ثم خلعت ملابسها وجلست في الحوض ، ولكي تبعد الافكار من رأسها انزلقت بجسدها حتى غمرتها المياه وبقيت على تلك الحال لمدة ثواني ولولا حاجتها للأوكسجين لما اخرجت رأسها ابداً فاخذت تفرك شعرها بالشامبو وتحاول جاهدة ان تبعد ادهم عن اطار تفكيرها.
وبعد مدة زمنية محددة .....
انتهت من الاستحمام فارادت ان ترتدي ملابسها ولكنها لم تجدها فاتسعت عيناها عندما تذكرت انها دخلت إلى الحمام بسرعة دون ان تاخذ ملابسها فوضعت يدها على فمها وقالت : يا نهار اسود.... ازاي نسيت الهدوم ؛ هعمل ايه دلوقتي ، ازاي هطلع من هنا وهو في البيت ؟
فاخذت تتلفت حولها ووقع نظرها على منشفة كبيرة كانت معلقة بجانب الباب... اخذتها ولفت جسدها بها ولكن بالكاد اخفت قدميها وكتفيها بينما كانت قطرات الماء تتساقط من شعرها ووجهها ، فأمسكت بمقبض الباب ثم فتحته وعندما ارادت ان تخرج اصطدمت بصدر ادهم وتفاجأت بوجوده امامها مما جعل عيناها تتسع وسرعان ما عادت واغلقت الباب في وجهه فوراً وصاحت به قائلة : انت جيت هنا ليه ؛ متعرفش اني هنا !!
اما هو فرمش عدة مرات محاولاً استيعاب ما حدث فقال : انا.... جيت اطمن عليكي.... اصلك بقالك كتير في الحمام .
فابتلعت مريم ريقها وقالت بتلعثم : ا... انا كويسه ومش محتاجة حد يطمن عليا ...
ادهم : طيب مادام انتي كويس يبقى اطلعي علشان انا كمان عايز اعمل
مريم : انا كنت هطلع بس...
فعقد ادهم حاجبيه وقال من خلف الباب : بس ايه ؟
فاغمضت مريم عيناها بشده وقالت بأندفاع : انا نسيت هدومي.
فتنهد ادهم وقال : طيب ....تحبي اجيبلك الهدوم ؟
فصرخت به من خلف الباب : لاء... اوعى تعمل كدا.
ادهم : امال عايزه تفضلي جوا يعني ؟
فابتلعت مريم ريقها وقالت بتلعثم : انا... انا .
فتنهد ادهم قائلاً : خلاص ... انا هروح اقف في البلكونة لغاية ما تطلعي.
قال ذلك ثم توجه نحو الشرفة بالفعل اما هي فلم تخرج فوراً بل انتظرت قليلاً حتى سمعت خطواته تبتعد ومن ثم فتحت باب الحمام قليلاً فلم تجده فتنهدت وخرجت بسرعة متوجها إلى غرفتها... وعندما دخلت اغلقت الباب خلفها وتنفست الصعداء قائله : الله يخرب بيتك يا مريم... في حد عاقل يخش يستحمى من غير ما ياخد هدومه معاه ؛ لأ والألعن انك مش لوحدك في البيت !
قالت ذلك ثم فتحت خزانتها واخرجت ملابسها... اما ادهم فكان واقفاً في الشرفة واضعاً يديه في جيوب بنطاله وارتسمت على وجهه ابتسامة صغيرة عندما تذكر ذلك الموقف المحرج بالنسبة لكليهما فقال : مجنونة ، قلقانه على ايه يعني ما انا شفت كل حاجة قبل كدا .
صرح بذلك بينه وبين نفسه وبعدها عاد إلى الداخل فتوجه نحو حقيبته التي كانت في غرفة المعيشة ومن ثم فتحها واخرج منها منشفة وبعض الملابس و الشامبو الخاص به ثم توجه نحو الحمام ؛ اما هي فانتهت من تسريح شعرها ونظرت الى ابنها النائم فتوجهت نحوه ، قبلت جبينه وذهبت الى المطبخ لتعد الفطور .
اما في مكان اخر من نيويورك......
فكان خالد يعد الفطور من اجل عمته سحر كالعادة فنزلت هي وتوجهت نحو المطبخ ثم ابتسمت قائلة : صباح الخير يا حبيبي.
فالتفت خالد اليها وابتسم بدفء قائلاً : صباح الفل...ثواني والفطار هيجهز.
جلست سحر وقالت : اخبار مريم وابنها ايه ، انا سمعت ان الواد اتعور .
فتغيرت ملامح وجه خالد وقال وهو يتابع تحضير الفطور : مريم اتجوزت امبارح.
في تلك اللحظة دهشت سحر للغاية وسألت بتعجب : اتجوزت...اتجوزت مين وازاي ؟!
التفت خالد اليها واجاب : رجعت لجوزها... قصدي الراجل اللي خلفت منه ابنها.
سحر : هو هنا ، طب يطلع مين دا ؟
ابتسم بسخرية واردف : لو قلتلك مش هتصدقي.
سحر : قلقتني يا خالد...مين الراجل دا ؟
خالد : ادهم عزام السيوفي.
اتسعت عينا سحر وسألته بدهشة : قصدك امبراطور التجارة الإلكترونية !
فتنهد خالد قائلاً : ايوا... هو.
سحر : معقول... ادهم عزام السيوفي يبقى جوز مريم اللي منعرفش عنه حاجة !
جلس خالد وقال : ايوا هو...وباين عليه راجل خطير اوي ومش سهل ابداً .
سحر : والله دي مفاجأة كبيرة... يعني هي كانت متجوزه مليونير مشهور جداً في مصر وثروته متتقدرش ابداً بس سابت كل حاجة وجت تعيش هنا !
خالد : اهو دا اللي حصل بقى.
فنظرت سحر بشك اليه وسألته : لسه بتحبها يا خالد ؟
اجابها بصدق : الموضوع دا اتقفل من زمان اوي يا عمتي يعني انا بقيت اعتبرها اختي الصغيرة وبس وكمان انا بحب وحده تانية .
فابتسمت سحر وقالت : الهام مش كدا ؟
ارتبك خالد وسألها : وانتي عرفتي ازاي انها هي ؟
امسكت سحر بيده وقالت : عيب يلاه... انا سوسو اللي تعرفك اكتر ما انت تعرف نفسك.
فابتسم خالد وقال : ايوا...انا بحبها هي... بصراحة انا بحبها من زمان يعني بعد ما قررت اني ابقى اخ مريم حسيت ان الهام هي البنت المناسبة ليا واللي حببني فيها اكتر تضحيتها يعني هي سابت اهلها وكل حاجة علشان مريم ودي تُعتبر صاحبه مخلصة وانا بحب الناس المخلصين.
سحر : طيب ومستني ايه ؛ ليه ما تتقدم لها ؟
فتنهد خالد وقال : بصراحة مش عارف...يعني انا حاسس انها كمان بتحبني بس خايف يبقى احساسي غلط وكمان مش عايز افرض نفسي عليها لانها بتعتبرني زي اخوها .
سحر : لا يا حبيبي...انا متأكدة انها بتحبك ، انا شفت دا في عينيها.
خالد : قصدك ايه ؟
سحر : انا ست كمان واقدر افرق بين نظرة الحب عند الستتات من النظرة العادية... والهام بتبصلك بنظرة حب يابني ومش من دلوقتي وانما من زمان اوي.
شرد خالد بتفكيره واخذ يتذكر المواقف التي جمعته مع الهام خلال السنوات التي عرفها بها وكيف كانت تنزعج كلما رأته يقترب من فتاة اخرى في الشركة وكيف كانت تقلق عليه عندما يمرض و تشعر بالخجل كلما اثنى على جمالها او عندما كانت تصطدم به عن غير قصد فابتسم وقال : عندك حق يا سوسو... انا دلوقتي اكتشفت انها بتحبني كمان.
فابتسمت سحر وقالت : يبقى اسمع كلامي يا خلوده وروح اتقدم لها قبل ما اهلها يجوزوها لواحد تاني.
خالد : خلاص... انا هعمل كدا في اقرب فرصة.
تسارع في الاحداث..........
مر نصف النهار وكانت مريم برفقة ابنها في الشقة بينما عادت الهام ايضاً لتطمئن عليهما اما ادهم فخرج منذ الصباح ولم يعد بعد ذلك مما جعل زوجته تتساءل عن سبب تأخره بالعودة ، فكانت جالسة هي وصديقتها في الشرفة بينما كان الصغير يحظى بقيلوله صغيرة في الغرفة وقالت الهام : قوليلي بقى يا ميمي... ايه اللي حصل ؟
فنظرت مريم اليها وقالت : وهيحصل ايه يعني ؛ محصلش حاجة.
الهام : انتي فاهمة قصدي كويس يبقى متعمليش نفسك عبيطه.
فتنهدت مريم وقالت : اطمني... ملمسنيش... اساساً هو نام على الكنبة وانا وابني في الاوضه.
رفعت الهام حاجبها وقالت بدهشة : معقول ادهم عزام السيوفي ينام على الكنبة !
مريم : وفيها ايه يعني ؛ مهو انسان زينا زيه ومش هينقص حته لو نام على الكنبة وبعدين متفكريش في حاجات مش هتحصل ابداً لان الراجل دا اتجوزني علشان ابنه وبس.
الهام : بس انتي بتحبيه يا مريم.
فقالت مريم بنبرة حزينة : بحبه اه بس مقدرش اسامحه على اللي عمله فيا ... هو جرحني اوي يا الهام .
الهام : متزعليش مني يا مريم بس الحق عليكي انتي... يعني لو كنتي قولتي للراجل انك عايزه الفلوس علشان اختك الله يرحمها تعمل العملية جايز محصلش كل دا وكان من الممكن ان نظرته ليكي تبقى مختلفه بس انتي اللي اخترتي مصيرك بنفسك.
فنزلت دمعة مريم وقالت : انا عارفه اني غلطت لما رخصت نفسي قدامه بس والله العظيم انا كنت عايزه اقوله قبل ما.... بس هو ضربني ألم ومسمعش انا كنت عايزه اقول ايه.
قالت ذلك وتذكرت كيف صفعها ادهم في قبل سنوات عندما تزوجته اول مرة ؛ اي عندما كانوا في الفيلا الخاصة به ؛ وقتها كانت تريد ان تخبره انها تريد النقود لأجل انقاذ اختها ولكنه صفعها في غرفة النوم قبل ان تتمكن من اكمال جملتها وذلك ما جرحها كثيراً .
انتشلتها الهام من افكارها حين قالت : بس دلوقتي الوضع اتغير يا مريم... يعني انتي تقدري تقوليله انك عملتي كل حاجة علشان اختك مش علشان الفلوس وانا متأكدة انو هيصدقك لانك رجعتي الفلوس قبل ما نسافر.
هزت مريم رأسها نفياً ومسحت دموعها ثم قالت : لأ .. خلاص مابقتش فارقة معايا لو كان فاكر اني بعت نفسي علشان الفلوس او علشان حاجة تانية... اساساً هو مش بيحبني وانما كان عايز يمتلكني وبس.
الهام : ايه اللي بتقوليه دا ؟!
مريم : متستغربيش لان هو اللي قال الكلام دا.
فتنهدت الهام وقالت : انتي غلطانه يا مريم... يعني لو تفكري شوية تعرفي ان ادهم عزام السيوفي بيعتبرك مميزة وغير عن كل الستات والدليل على كلامي انه جيه هنا من اربع سنين علشان انتي طلبتي تقابليه وجايز لو مكنتيش طلبتي الطلاق مكنش طلقك ابداً.
في تلك اللحظة اخذت مريم تفكر بكلام الهام وشعرت في اعماق قلبها ان ما تقوله صديقتها صحيح ولكنها لم تشاء ان تصدق الامر لان ادهم طلقها بالفعل وغادر بكل برود ولو كان يحبها حقاً لما فعل ذلك او كان اتصل بها ولو لمرة واحدة على الاقل خلال السنوات الماضية ولكنه لم يفعل... فتنهدت وقالت : خلاص... اقفلي على الموضوع دا دلوقتي وقوليلي هتعملي ايه بعد ما انا ارجع مصر ؟
تنهدت الهام بعمق واردفت : هرجع معاكي انا كمان.
اتسعت عينا مريم عندما سمعت ذلك وسألتها بدهشة : وتسيبكي كل حاجة هنا ؟
الهام : انتي عارفه اني مقدرش ابعد عنك انتي وادهم الصغير... وبعدين يعني لحد امتى هفضل متغربه عن اهلي بالشكل دا ، اظن ان جيه الوقت علشان ارجع بقى.
مريم : طيب وخالد يا الهام... عايزه تتخلي عنو بجد دا انتي بتحبيه اوي .
الهام : ايوا بحبه وبموت فيه كمان بس الظاهر ان هو مش هيحس بيا ابداً ويعني مقدرش استناه لغاية ما يحس بيا يعني العمر ماشي بسرعة ولو كان ليا نصيب مع خالد فهو هيعرف يلاقيني في مصر .
فتنهدت مريم وقالت : فكري يا الهام... معقول تسيبي كل حاجة تعبتي علشانها وترجعي بالسهولة دي ؟
ابتسمت الهام ابتسامة مريرة واجابت : ما انا عملت كدا من زمان وسبت كل حاجة في مصر علشان اجي هنا وهقدر اعمل كدا مرة تانية علشان ارجع بلدي...اساساً بابا كلمني امبارح وحسيت من طريقة كلامه انه عايزني ارجع مصر وبصراحه انا زهقت من البلد دي.
فامسكت مريم بيدها وغمغمت : طيب يا حبيبتي... انا مش هقولك غير اسمعي صوت قلبك لانه هيدلك على الصح دايماً.
الهام : وقلبي بيقولي اني لازم ارجع بلدي.
في تلك اللحظة سمعن صوت باب الشقة يُفتح فابتسمت الهام واستطردت قائلة : الظاهر ان جوزك رجع.
أنكمش قلب مريم ونهضت من مكانها عندما سمعت ذلك ثم دخلت إلى غرفة المعيشة فوجدت ادهم قد عاد بالفعل اما هو فنظر اليها وقال بدون مقدمات : احنا هنرجع مصر بكرا.
اتسعت عيناها وسألته : مش على اساساً هنحتاج اسبوع لغاية ما الاوراق تجهز ؟
ادهم : متشغليش بالك انتي في الحجات دي لاني زبطت كل حاجة وهنرجع بلدنا بكرا.
في تلك اللحظة دخلت الهام ايضاً وسألته : ازاي حضرتك يا ادهم بيه ؟
فنظر إليها وقال : الحمد لله.
ثم اضاف قائلاً لمريم : معندناش وقت كتير علشان كدا وضبي شنطتك وشنطة ادهم واعملي كل اللي انتي عايزه قبل ما نرجع .
فسألت الهام : هترجعوا امتى ؟!
نظرت إليها مريم وقالت : حضرتوه عايزنا نرجع بكرا.
الهام : يبقى انا هقدم استقالتي النهاردة علشان اقدر ارجع معاكي.
فنظر ادهم اليها بتعجب وسألها : هترجعي انتي كمان ؟
الهام : ايوا يا فندم...اصلي بصراحة مقدرش ابعد عن مريم.
أعجب ادهم بالصداقة القوية التي تجمع بين مريم والهام وقال : كويس.
ثم نظر إلى زوجته وسألها : فين ادهم ؟
فتنهدت وقالت : نايم جوا.
ادهم : هروح اطمن عليه.
قال ذلك ثم دخل إلى الغرفة اما الهام فنظرت إلى مريم وقالت : وانا هروح الشركة بقى علشان اقول لخالد اننا هنرجع مصر بكرا وبعدها هرجع علشان اوضب شنطتي.
أومأت لها مريم برأسها قائلة : اوك.
- وبالفعل خرجت الهام من الشقة وذهبت إلى الشركة فكتبت استقالتها ثم توجهت نحوه مكتب خالد ، وقبل ان تدخل اخذت نفساً عميقاً ثم طرقت الباب ودخلت فابتسم هو فوراً عندما رأها ونهض قائلاً : والله انتي بنت حلال... من شوية كنت هتصلك.
ابتسمت الهام بحزن وقالت : خير ..في حاجة ؟
خالد : اقعدي علشان نتكلم.
فجلست الهام مقابلاً له وقال : بصراحة عايز اكلمك في موضوع مهم.
قاطعته الهام : من فضلك خليني اتكلم الاول.
فابتسم واردف : اوي اوي.. اتفضلي.
وضعت استقالتها امامه وقالت : دي الاستقالة بتاعتي.
في تلك اللحظة تغيرت ملامح وجه خالد وسألها بدهشة : عايزه تستقيلي يا الهام ، طيب ليه ؟!
الهام : عايزه ارجع مصر مع مريم وهنسافر بكرا.
خالد : ه.. هترجعي مصر !
الهام : بصراحة جيه الوقت علشان ارجع عند اهلي واكمل حياتي معاهم .
خالد : انتي متأكدة انك عايزه ترجعي ؟
الهام : ايوا...اساساً انا مقدرش ابعد عن مريم وابنها وبما انها هترجع فانا هرجع معاها لانها هي السبب اللي خلاني اجي هنا يعني لا مؤاخذة لولا مريم كنت رجعت مصر من زمان ، وكمان بابا عايزني ارجع وقال ان مش كويس افضل قاعدة لوحدي هنا بما اني بنت وانا لاقيت ان كلامه صح.
شعر خالد بخيبة أمل كبيرة عندما قالت له الهام ان سبب تواجدها في نيويورك هو مريم فحسب لذا تراجع عما كان سيقوله وابتسم ابتسامة مريرة ثم اردف برباطة جأش : بما انك قررتي انك ترجعي فانا هحترم قرارك ومش هقولك غير اني بتمنالك كل خير في مصر .
فنظرت اليه بنظرة حزينة ولكنها ابتسمت وقالت : متشكره... قولي بقى انت كنت عايز تقولي ايه ؟
خالد : متشغليش بالك.... كنت هسألك عن مريم لاني مشفتهاش بعد اخر مرة كنا فيها في المستشفى.
الهام : هي كويسه... ما انت عارف انها بتحب جوزها بس بتكابر وانا متأكدة انها هتبقى احسن بعد ما ترجع مصر.
خالد : ان شاء الله.
وحملت الهام حقيبتها ثم نهضت قائلة : يبقى انا همشي دلوقتي لان لازم اروح اجهز نفسي .
فنهض خالد ايضاً ثم قال : اوك.
ومد يده لكي يصافحها قائلاً : بتمنى انك اتخذتي القرار الصحيح يا الهام.
صافحته قائلة : انا متأكدة ان اللي بعمله هو الصح.
فابتسم حتى يخفي حزنه وقال : يبقى خلاص ، بتمنالك التوفيق والنجاح في حياتك.
فبادلته الهام الابتسامة وقالت : متشكره... ودلوقتي عن اذنك.
قالت ذلك ثم غادرت مكتبه وهي تشعر بألم كبير في قلبها كما كان حال خالد كذلك حيث انه شعر بقلبه يتمزق ولكنه قرر ان يحترم قرارها الذي اتخذته .
تسارع في الاحداث.......
مر الوقت سريعاً واخيراً عادوا إلى مصر ...فنزلوا من الطائرة وكانت مشاعر مريم مضطربة للغاية حيث انها شعرت بالحزن الشديد فوراً عندما تذكرت كيف هاجرت هذه البلد منذ ما يقارب الخمس سنوات وكيف انها هربت إلى الجهة الأخرى من العالم فقط لتتخلص من حزنها ؛ ذرفت الدموع بصمت وهي تحمل ابنها الذي كان مستمتعاً بعد نزوله من الطائرة التي استقلها لأول مرة بينما كان والده ينظر إليها بتمعن وشعر بحزنها وادرك انها تذكرت اختها التي ماتت وهي برعم صغير لم يشبع من الحياة ، اما الهام فكانت سعيدة برجعتها وفي نفس الوقت كانت حزينة لانها تخلت عن خالد وقررت بدأ حياة جديدة في بلدها .
وعندما خرجوا من المطار كانت سيارة ليموزين سوداء بأنتظارهم وكان سائقها سمير ابن العم محمود واقفاً والبسمة ظاهرة على وجهه ، فركض نحوهم بسرعة وقال : حمد لله على السلامه يا ادهم بيه.
ثم التفت إلى مريم التي كانت تحدق به وعرف انها هي زوجة ادهم التي حدثهم كمال عنها لانها كانت تحمل طفلاً فقال بنبرة سعيدة : نورتي يا ست هانم.
مريم : متشكره.
سأله ادهم : اهلي عاملين ايه يا سمير ؟
فابتسم سمير قائلاً : دول هيطيروا من الفرح يا فندم خصوصاً بعد ما كمال بيه قال لهم ان حضرتك عندك ابن.
فلاش باك.......
عندما عاد كمال الى مصر توجه فوراً إلى منزل عائلة السيوفي فرحبت به زوجته رغد بسعادة حيث عانقته قائلة : نورت يا حبيبي.
ابتسم وعانقها بدوره قائلاً : بوجودك يا روح قلبي... عامله ايه ؟
فابتسمت رغد وابتعدت عنه قائلة بغنج : بقيت كويسه بعد ما شفتك.
فامسك يدها وطبع عليها قبله ثم لمس بطنها المنتفخ قليلاً وسألها : اميرتي الصغيرة اخبارها ايه ؟
ابتسمت واجابت : هي كمان كويسه بس بقت شقية شوية وبتعذبني.
قبلها على جبينها واردف : معلش يا روحي ، استحملي مفضلش غير خمس شهور وهتنورنا بنتنا الحلوة.
رغد : ان شاء الله.
كمال : قوليلي بقى فين طنت كوثر ومعاذ ؟
فاحاطت رغد يديها حول ذراعه وقالت : جوا... تعالى خلينا ندخل.
وعندما دخلوا المنزل حيث كان افراد العائلة جالسين قال كمال : مساء الخير.
فابتسمت السيدة كوثر وقالت : كمال ؛ ارجعت امتى يا حبيبي وفين ادهم ؟!
فجلس كمال قائلاً : ادهم فضل في نيويورك يا طنت وانا رجعت النهاردة.
عقد معاذ حاجبيه وسأله : وهو فضل هناك ليه ؟
كمال : يا جماعة في حاجة حصلت وانا رجعت علشان اقولكوا عليها.
فقالت السيدة كوثر بقلق : خير ان شاء الله...
فابتسم كمال قائلاً : متخفيش يا طنت ، خير .
فقالت سلوى : شوقتنا يا كمال.
رغد : ايه اللي حصل يا روحي ؟
كمال : يا جماعة ادهم اتجوز.
فقال الجميع في آن واحد : ايه !
ثم انهالوا عليه بالاسئلة فضحك قائلاً : اهدوا وانا هحكيلكوا على كل حاجة.
- ثم اخبرهم ان ادهم كان متزوجاً من قبل ولكن الظروف قد اجبرته على ان يطلق زوجته وانه اكتشف حديثاً بأن لديه ابن لذا تزوج الفتاة مجدداً وسوف يعودون إلى مصر في القريب العاجل... فكانت فرحة العائلة لا توصف وخصوصاً السيدة كوثر التي كادت ان تطير من الفرح لمعرفة ان لديها حفيد من ابنها البكر فلم تتمالك نفسها لذا نهضت وزغردت بأعلى صوتها بينما كانت البسمة تعلو وجوه الاخرين.... وسرعان ما اصدرت اوامرها بتجهيز غرفة لحفيدها بأسرع مايمكن.
نهاية الفلاش باك.......
كانت مريم جالسة في سيارة الليموزين بجانب صديقتها الهام وهي تحتضن ابنها بينما كان ادهم جالساً على المقعد الاخر... فقال : هنوصل الهام الاول وبعدها نروح البيت.
فقالت الهام : متشكره يا ادهم بيه... تعبتك معايا.
اجابها ببرودة اعصاب : مفيش تعب... اساساً مش انا اللي بسوق العربيه.
اما مريم فقالت : ابقي سلمي على مامتك وبباكي يا لولو... اصلي مش هقدر اروح اسلم عليهم دلوقتي.
فابتسمت الهام واردفت : متقلقيش يا حبيبتي... انا هوصل لهم سلامك.
تسارع في الأحداث .......
وبالفعل اوصلوا الهام الى منزلها فكانت فرحة والديها بعودتها لا توصف اما هم فذهبوا الى قصر عائلة السيوفي العريق حيث كان الجميع ينتظرون قدوم ادهم وزوجته على احر من الجمر... وعندما نزلوا من السيارة.. فتحت مريم فمها لشدة فخامة المنزل فهو كان اشبه بالقصر حرفياً تتحوطه الاشجار والورود وكاميرات المراقبة في كل مكان وقد اعجبها كل شيء فيه ابتداءً من البوابة الرئيسية حتى الحديقة الكبيرة وحمام السباحة الى مدخل المنزل .
اما عائلة ادهم فقد استقبلوها هي وابنها بترحيب لا يمكن وصفه فهرعت السيدة كوثر نحوهم وقالت وهي تبكي بسعادة غامرة : الف حمد الله على السلامة... نورتي يا بنتي.
ابتسمت مريم فوراً عندما رأت هذه السيدة الطيبة التي كان وجهها يشع نوراً وقالت : الله يسلمك يا طنت.
فنظرت السيده كوثر الى ادهم الصغير الذي كان نائماً في حضن امه وسألت : هو دا حفيدي مش كدا ؟
فابتسم ادهم وقال : ايوا يا ماما... دا ابني ادهم ودي مريم... مراتي.
قال ذلك ثم نظر إلى مريم واضاف : مريم... دي امي واللي جنبها دي تبقى اختي الصغيرة رغد مرات كمال ودا اخويا معاذ ومراته سلوى.
فابتسمت مريم قائلة : اتشرفت بمعرفتكوا يا حضرات.
فقالت رغد : الشرف لينا يا مريم..
اما سلوى فابتسمت قائلة : بسم الله ما شاء الله.... انتي حلوه اوي.
مريم : تسلمي يا سلوى هانم.
سلوى : لأ بلاش هانم دي.. قوليلي بس سلوى احنا بقينى عيلة وحده خلاص .
اما معاذ فقال : سلوى عندها حق... يعني انتي بقيتي وحده مننا.
اما السيدة كوثر فاقتربت منها وقالت : من فضلك يا بنتي ؛ اديني الواد اصلي هموت على ما احضنه.
فابتسمت مريم قائلة : متقوليش كدا يا طنت... دا ابن ابنك ومن حقك تشيليه زي ما انتي عايزه.
قالت ذلك ثم اعطتها ادهم الصغير فحملته جدته وسرعان ما بدأت تقبله وهي تذرف الدموع بينما كان الجميع ينظر إليها... اما رغد فقالت : قوليلي بقى يا مريم انتي عندك كام سنه باين عليكي صغيرة.
ارادت مريم ان تجيبها ولكن ادهم سبقها قائلاً : عندها 25 سنه.
فنظرت اليه ولكنها لم تعلق اما معاذ فقال : في فرق عشر سنين بينكوا !
ادهم : ايوا.
واردفت السيده كوثر : قولولي بقى انتوا ليه خبيتوا موضوع زواجكوا عن الكل ؟
ارتبكت مريم ونظرت إلى ادهم اما هو فنظر اليها وتنهد قائلاً : انا السبب يا ماما...بصراحة دي حكاية قديمة وانا هحكيهالكوا.
في تلك اللحظة شعرت مريم بالتوتر الشديد بينما قال ادهم : مريم كانت موظفة في شركتي من خمس سنين تقريباً يعني لما كان عمرها 21 سنه ولانها كانت شاطره اوي في شغلها انا عينتها السكرتيرة بتاعتي وبعد كدا لاقيت انها البنت المناسبة علشان كدا طلبت ايدها بس هي كانت خايفه ان الناس تنتقدها لو اتجوزتني عشان كدا قررنا اننا نتجوز من غير محدش يعرف وفعلاً اتجوزنا بس حصل سوء تفاهم بينا وبسببه طلقتها وهي سابت الشغل في الشركة وسافرت نيويورك ومكانتش تعرف انها حامل بس لما عرفت مكانتش عايزه تحملني المسؤولية علشان كدا خبت موضوع حملها عني وهو دا الغلط الوحيد اللي عملته .
قال ذلك ثم نظر اليها حيث كانت تحدق به بغرابة دون ان تقول اي شيء ثم اضاف قائلاً : وبعد كدا هي خلفت ادهم الصغير في الشهر السابع وقدرت تربيه لوحدها ومكانتش متخيله انها هتقابلني تاني وانا اكتشفت ان عندي ابن من كام يوم بس... وبعدها قررنا اننا نتجوز مرة تانية علشان ابننا يكبر في وسطنا وهي دي كل الحكاية.
فتنهدت السيدة كوثر وقالت : مكنش لازم تخبي حملك عن ادهم ابداً يا بنتي بس اللي حصل حصل بقى واهم حاجة انكوا عملتوا الصح لما رجعتوا لبعض لان زي ما قال ادهم ان ابنكوا لازم يتربى وسطكوا.
فقالت مريم : انا....
لم تكمل لان ادهم امسك يدها وضغط عليها ؛ نظرت اليه بتساءول فهز رأسها بالنفي لذا عرفت انه لا يريدها ان تقول الحقيقة لذا تنهدت وقالت : انا اسفه يا طنت... بس كنت صغيرة وقتها وافتكرت اني بعمل الصح.
السيدة كوثر : ولا يهمك يا حبيبتي واهم حاجة انك قررتي تخلفي وما نزلتيش الجنين زي ما بيعملوا معظم البنات.
فقالت سلوى : طنت كوثر عندها حق واهم حاجة ان عيلتنا زادت اتنين دلوقتي.
فابتسم معاذ قائلاً : فعلاً يا مريم انتي متتخيليش احنا فرحانين قد ايه لانك خلفتي ابن اخويا.
فقالت مريم : انا عمري مفكرتش انزله لان... لان بصراحة هو كان الامل اللي بعيش علشانوا.
فسألتها رغد : طيب وعيلتك رأيهم ايه في الموضوع دا ؟
في تلك اللحظة تغيرت تعابير وجه مريم وغمغمت : بابا وماما.... تعيش انتي.
رغد : انا اسفه.
اما السيدة كوثر فقالت : البقاء لله يا بنتي وربنا يرحمهم.
مريم : تسلمي.
فاراد معاذ ان يغير الموضوع إذ قال بمرح : بس تصدقوا يا جماعة ؛ انا مكنتش متخيل ان ادهم هينسى ميرا ويتجوز ...برافو عليكي يا مريم قدرتي توقعيه .
في تلك اللحظة شعرت مريم بيد ادهم تضغط على يدها بينما قال هو بحدة : معاذ... متجبش سيرة البنت دي تاني كلامي واضح ؟
فقال معاذ بتوتر : انا اسف يا ادهم.
اما مريم فنظرت إلى زوجها الذي بدى عليه الغضب من شقيقه بعد ان نطق اسم تلك الفتاة " ميرا " فقالت في نفسها : ميرا.. تطلع مين البنت دي وهو ليه مش عايز يسمع اسمها ؟
وبينما كانت تفكر سمعت صوت السيدة كوثر تقول : خلاص يا ولاد... ادهم انتوا لازم تستريحوا دلوقتي علشان كدا خد مراتك واطلعوا الاوضه وانا هبقى انيم ادهم الصغير في الاوضة بتاعته .
هب ادهم واقفاً وقال : ماما عندها حق... انتي تعبتي اوي علشان كدا خلينا نطلع نريح شوية.
فنظرت اليه مريم وابتلعت ريقها من شدة التوتر لمجرد انها تخيلت نفسها معه في نفس الغرفة فلم تعرف كيف تتصرف وخصوصاً لانه امسك بيدها واضاف : يلا بينا.
شعرت بجسدها يخونها ولم تستطيع الحراك الامر الذي جعله يدرك انها متوترة لذا اقترب منها وهمس في اذنها قائلاً : لازم نقعد في نفس الاوضه لاننا متجوزين يا مريم ولو معملناش كدا اكيد عيلتي هيسألوا عن السبب وانا مش عايزهم يعرفوا ايه اللي حصل.
فنظرت اليه وسرعان ما اشاحت بنظرها وقالت : عن اذنكوا يا جماعة.
ثم ذهبت برفقة ادهم الى غرفته وكان قلبها ينبض بسرعة فائقة من شدة التوتر.... وعندما دخلا الى الغرفة اغلق ادهم الباب ثم التفت اليها ....
يتبع.........